رئيس التحرير
عصام كامل

السقوط في بئر الغل والحسد!

18 حجم الخط

في زمن تتزايد فيه أسباب الفرقة، وتتخفى الكراهية في ثنايا النفوس، تعود سلامة القلب بوصفها المعنى الأسمى الذي تقوم عليه إنسانية الإنسان، وتتماسك به الأوطان، فالقرآن الكريم لم يجعل النجاة مرهونة بكثرة الأفعال الظاهرة وحدها، بل ربطها بجوهرٍ أعمق وأصدق: القلب السليم؛ ذلك الموضع الذي تُولد فيه النيات، وتُرسم فيه ملامح السلوك قبل أن يظهر إلى الواقع.


حين يقول الله تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾، فإنه يلفت الأنظار إلى أن المعركة الحقيقية ليست خارج الإنسان، بل داخله. فالقلب هو مركز التوجيه، فإذا صلح استقامت الجوارح، وإذا فسد اضطربت الأخلاق، وانحرفت البوصلة. ولهذا جعل النبي ﷺ معيار التفاضل هو صفاء القلب، فقال عن خير الناس: «مخموم القلب»؛ أي صاحب قلب نقي، لا يعرف حقدًا ولا يحمل حسدًا، ولا يضمر للناس إلا خيرًا.


الحسد والغل ليسا عيبين عابرين، بل سمّين قاتلين للأفراد والمجتمعات. بهما سقط إبليس من مرتبته، وبهما تتآكل الروابط الإنسانية، ويتحول الإنسان إلى خصم لأخيه، يترصد له الزلل، ويغذّي الشك، فتضعف الثقة وينهار البناء من الداخل. 

فالأمم لا تُهزم فقط حين تفقد قوتها المادية، بل حين تفقد نقاء صدورها، وتنسى المعنى العميق لقول النبي ﷺ: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه».


وليس تكرار الخطاب في سورة الناس: “قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ”، إلا تأكيدًا على وحدة الأصل والمصير، وتنبيهًا إلى خطورة ما يستهدفه الشيطان حقًا: القلوب. فهو لا يسعى لإفساد الأجساد، بل لتشويه الداخل، لأن انهيار المعنى في النفس يسبق دائمًا سقوط الأمم في الواقع.


ومن هنا جاء المنهج النبوي عمليًا وعلاجيًا؛ نهى عن الغيبة لأنها تلوّث القلب، وحذّر من سوء الظن لأنه يفسد العلاقات، ودعا إلى التوكل ليقتل التشاؤم، وأرشد إلى كفّ الحسد حتى لا يتحول إلى أذى. فالإصلاح الحقيقي ليس قهرًا للنفس، بل تهذيب لها، ونقلًا للإنسان من مراقبة الناس إلى محاسبة ذاته.

وتتجلى هذه الحقيقة في القصة البليغة لرجلٍ بُشّر بالجنة، لا لكثرة عبادته، بل لسلامة صدره؛ لا يبيت وفي قلبه غل لأحد، ولا يحسد إنسانًا على نعمة. كأن الجنة، في معناها الأعمق، جزاء لقلبٍ نجا من أدران الدنيا قبل أن ينجو الجسد من فَنائها.

وهكذا، تظهر سلامة القلوب لا كفضيلة فردية فحسب، بل كأساس حضاري لبقاء المجتمعات، وسدٍّ أخلاقي في وجه الانهيار. فالأوطان لا تُبنى بالقوة وحدها، بل تُشيَّد بالقلوب حين تكون نقية، واعية، وقادرة على أن تحب للآخرين ما تحبه لنفسها.
صدقوني أحيانًا كثيرة.. يأكل الغل والحسد صاحبه قبل أن يأكل غيره.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية