رئيس التحرير
عصام كامل

مأجورون في احتجاجات أمريكا!

18 حجم الخط

طرحت احتجاجات لوس أنجلوس سؤالًا كبيرًا حول الفارق بين الأنظمة الديكتاتورية في العالم الثالث والنظام الذي يدّعي أنه حارس الديمقراطية في العالم، ومن هذا المنطلق يتدخل لتغيير أنظمة الحكم في بلاد تحكمها ديكتاتوريات، وهي في الأصل محميات سياسية من جانب الحارس الذي يتدخل عندما يكون التدخل خدمةً لمصالحه.

قالت وزيرة الأمن الداخلي الأمريكي إن الذين يمارسون العنف والاحتجاج داخل الولاية إنما يفعلون ذلك بمقابل مادي، وهذا يعني أن أمريكا تتعرض لمؤامرة، أي والله مؤامرة مثل تلك التي تتعرض لها دول العالم الثالث، والتي لا يتحدث وزراء أمنها إلا حول التمويل الذي تحصل عليه قوى داخلية لإثارة القلاقل.

هل كنا نتصور أن يكون الخطاب الأمني والسياسي الداخلي الأمريكي على هذا المستوى من التدني؟ بالطبع كان الأمريكيون على مدار تاريخهم القصير يسخرون من تصريحات مسئولي الأمن في دول مثلنا، وكانوا يزيدون دعمهم لكل حركات الاحتجاج باعتبارها ممارسة ديمقراطية.

المهاجرون المحاصرون في لوس أنجلوس اختاروا المواجهة ضد محاولات عنف قادها الرئيس الأمريكي، وتعاملَه مع كل مهاجر باعتباره خطرًا وتصنيفه على أنه مجرم، وهو أمر جديد على أمريكا التي اعتبرت نفسها ملاذ المضطهدين حول العالم، وفرصة العيش الآمن لكل من لا يجد لنفسه مكانًا آمنًا في وطنه الأم.

الخطاب السياسي الأمريكي في العشرية الأخيرة يتشابه إلى حد كبير مع الخطاب السياسي في بلاد كثيرة كانت توصم بأنها زنازين، أقامها السلاطين لحبس شعوبهم ومنعهم من ممارسة حقوقهم المشروعة حسب النموذج الأمريكي، ولا يمكن تجاهل المستوى السياسي الذي وصلت إليه أعلى مؤسسة حاكمة في بلاد العم سام.

أمريكا ليست وحدها، أوروبا أيضًا أضحت أسوأ منتج سياسي لقادة لم تأتِ أوروبا بأمثالهم في تاريخها، نفس المستوى المتدني ستراه على مستوى الديكتاتوريات في جنوب الكرة الأرضية، حتى مستوى الديكتاتور لم يعد كما كانت صورته الذهنية تاريخيًا.

انظر إلى تاريخ صدام حسين أو القذافي أو أي ديكتاتور حكم بلاده في منطقتنا، كانوا لديهم أفكار وطريقة خاصة في تعاطيهم مع الغرب الديمقراطي، كان مستوى الديكتاتور مؤهّلًا لتصدير أفكاره في وعاء من الوطنية، أيا كانت كاذبة أو صادقة.. المهم أنهم كانوا لديهم أفكار.

قارن ما كانت عليه الديكتاتوريات أمس وديكتاتوريات اليوم، قديمًا وليس قديمًا جدًا كانت هناك مؤسسات فكرية سياسية، سواء كانت أحزابًا أيديولوجية أو مدارس فكرية سياسية، تنتج هذا النوع من الديكتاتوريات، وتدعمها مؤسسات عسكرية وأمنية تقدم نموذجًا يقبل الشك أو يجد لنفسه مسوغًا منطقيًا للحكم بالحديد والنار.

في منطقتنا العربية قضينا على أجيال متعددة تحت شعار القضية ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة، مضت سنوات كثيرة وعقود متتالية لنكتشف أنها الكذبة الكبرى التي باسمها حكمونا وقضوا على أحلام التنمية والعيش والانتقال إلى نماذج ديمقراطية تتوافق وهوية منطقتنا.

الآن، الديكتاتور في مفهومه العصري ليس بحاجة إلى إنتاج أفكار أو الانتماء إلى مدارس سياسية، يكفيه مؤسسات تملك السلاح والقوة وجيوش من الذباب الإلكتروني لتقديمه على صورة البطل المقاوم لكل مؤامرات الغير، التي يتم تصويرها على أنها من القريب والبعيد.

ماكينة السياسة بعافية في شمال الكرة الأرضية وفي جنوبها، لم يصمد أمام هذا الانهيار الفكري إلا النموذج الصيني الذي جدد في طبيعته السياسية، وأدرك حجم ما يدور وقاد تجربته بحصافة وذكاء وفطنة، مما أدى به إلى أن يصبح قادرًا على السباحة وسط أمواج ورياح عاتية.

الصين لديها رئيس يقرأ لمفكرين وأدباء من مختلف أنحاء العالم، ولديها نموذج سياسي ديناميكي وحلم حيوي قادر على قراءة الماضي واستطلاع المستقبل وفق أبجديات تاريخية استوعبت حجم التغيير الحاصل في خارطة العالم، متوافقة مع دولة مليارية اختارت الاشتباك دون تغييب الهوية الحامية للنموذج.
 


ما دون الصين قد لا ترى منتجًا سياسيًا إلا فيما ندر داخل أمريكا اللاتينية وبعض تجارب دول شرق آسيا، أما منطقتنا العربية فقد أصابها ما أصاب الغرب بتاريخه الديمقراطي أو أصاب أمريكا بنموذجها السطحي في صورته الحالية، والتي وصلت إلى حد تصدير مسئوليها أنها تتعرض لمؤامرة مأجورة للنيل منها!

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية