رئيس التحرير
عصام كامل

"الحبل السري".. تفاصيل التحالف بين «فيلق القدس» الإيراني و«أردوغان» .. ووثائق تكشف اجتماعات بين أنقرة وطهران والإخوان

الرئيس التركي أردوغان
الرئيس التركي أردوغان

«جسر إرهابي عابر للقارات برعاية تركية ومشاركة إيرانية وتعاون إسرائيلي».. حقيقة كشفتها وثائق سرية جديدة لموقع «نورديك مونيتور» السويدي، الذي أشار إلى نقل جهاز المخابرات الإسرائيلي إلى أنقرة، معلومات تفيد بوجود خطة وضعها فيلق القدس التابع للحرس الثوي الإيراني لإطلاق سلسلة من الهجمات تستهدف اليهود في أوروبا، فيما يتم نقلهم عبر شبكات تهريب.


الوثائق أشارت إلى أن شبكة التهريب أشرف عليها شخص أفغاني يدعى «مير أغا كريمي سيد كريم»،37 عاما، عن طريق التخطيط والتنفيذ لعمليات نقل عناصر من الشرق الأوسط إلى أوروبا، بالإضافة إلى اليونان وبلجيكا ورومانيا وألمانيا، بالمشاركة مع شخصين تركيين على علاقة بأجهزة مسئولة في تركيا، يدعيان «رشاد جوموشياكا وإتام طه أوغلو»، لتوفير مأوى مؤقت للأشخاص الذين يجرى نقلهم خلال العملية.

 

مسئولين أتراك

 

وكان هناك عدة أشخاص يحملون الجنسية التركية والأفغانية يعملون ضمن الشبكة بأدوار مختلفة، وكشفت التحقيقات عن تورط مسئولين بارزين بالحكومة التركية من بينهم مساعدون لأردوغان، من بينهم هاكان فيدان، والذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء، ورئيس جهاز الاستخبارات الوطنية هاكان فيدان، وحسين عوني يازيجي أوغلو، المتهم المدان، والذي عمل لبعض الوقت لصالح الاستخبارات الإيرانية.

 

وبمجرد علم حكومة أردوغان بالتحقيقات الجارية بشأن فيلق القدس، تحركت على الفور لإحباط التحقيق قبل أن يتسنى للادعاء العام فرصة إدانة المشتبه فيه، حتى أنها أقالت المدعي العام ومسئولي الشرطة المشاركين في التحقيق وسجنت بعضهم في اتهامات ملفقة.

 

أنقرة وطهران


التعاون بين تركيا وفيلق القدس لم يتوقف عند هذا الحد، لكنه ممتد لفترات طويلة، وهو ما كشف عنه موقع «ذا إنترسبت» الأمريكي، الذي أكد أن وثائق سرية مسربة للاستخبارات الإيرانية تضمنت معلومات عن استضافة تركيا لاجتماع بين الحرس الثوري الإيراني وجماعة الإخوان الإرهابية للعمل ضد السعودية.

 

وأشارت الوثائق إلى أن تركيا استضافت في 2014 اجتماعًا بين الحرس الثوري والإخوان لمواجهة المملكة العربية السعودية،وقد بحثا فيه التحالف ضدها، وأظهرت المعلومات الواردة في الوثائق أن ممثل الإخوان طالب الحرس الثوري الإيراني بالعمل ضد المملكة باليمن من خلال توحيد صفوفهما، في ظل تشاركهما في كراهية السعودية، بحسب وصف الموقع.

 

وكشفت الوثائق المسربة، التي نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أيضا جزءا منها، عن حجم التغلغل الإيراني في العراق وزيارات قائد فيلق القدس الراحل سليماني لبغداد، وأن وزارة الداخلية الإيرانية، الكيان المتنافس مع الحرس الثوري الإيراني في جهاز الأمن القومي، جند عميل سري لحضور اجتماعات القمة بين مسئولي فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني وقيادات تنظيم الإخوان الإرهابي في أحد فنادق تركيا.

 

ونقل العميل السري تفاصيل كل ما دار في المقابلات وكافة النقاط التي تمت مناقشتها، وضم وفد الإخوان وقتها قيادات الجماعة المصريين وهم إبراهيم منير مصطفى ومحمود الإبياري ويوسف مصطفى ندا.

 

الحرس الثوري

 

وفي هذا السياق قال أسامة الهتيمي، المحلل السياسي، الباحث في الشأن الإيراني: المهمة المنوط بها فيلق القدس الإيراني تتمثل في إدارة العمليات الخارجية للحرس الثوري الإيراني، ومن ثم فهو المعني الأول بتنفيذ كل ما يتطلب حماية المصالح الإيرانية في الخارج من إجراءات وعمليات وغير ذلك، الأمر الذي يمنحه مساحة كبيرة من إقامة علاقات متشابكة ومعقدة وأحيانا متناقضة مع دول وأجهزة وتنظيمات يسعى من خلالها تحقيق ما يراه قادة طهران.

 

وأضاف «الهتيمي»: رغم ما يبدو في أحيان كثيرة من تناقض بين المصالح التركية والمصالح الإيرانية على صعيد عدد من الملفات المهمة في المنطقة؛ إلا أن كلا الدولتين يدركان جيدا أن ثمة مصالح مشتركة أيضا تستلزم حالة من التعاون والتنسيق وهو ما يتم عبر قنوات عديدة من بينها فيلق القدس الإيراني، الذي لم يعد يخفى على عين أي متابع ومراقب حجم دوره ونفوذه في تركيا على مدار أكثر من عقد كامل وهو ما أشارت إليه العديد من التحقيقات الاستخباراتية والقضائية وهو ما بدا واضحا في الدور الذي لعبه الفيلق عبر عناصره في تركيا في إحباط الانقلاب على أردوغان في عام 2016.

 

وتابع: في مقابل ذلك فقد أتيح لعناصر الفيلق فرصة كبيرة لتتبع ومطاردة العناصر المعارضة الإيرانية التي تتواجد على الأراضي التركية سواء بشكل عفوي أو بالاستدراج، كذلك فإنه ورغم تعارض المصالح بين البلدين إلا أن ثمة توافق بين البلدين حول ضرورة إحباط جهود بعض المكونات السياسية الكردية لإقامة دولة كردية، وهو ربما ما يدفع تركيا إلى غض الطرف عن حركة عناصر الفيلق والتنظيم المدعوم منه والمسمى «منظمة السلام والتوحيد والقدس» إذ يمكن لهذه المنظمة والمصنفة على المستوى التركي بأنها إرهابية أن تقوم بما لا تستطع الأجهزة الرسمية القيام به.

 

الأذرع الإيرانية 

 

كما أكد أن زيادة نفوذ الأذرع الإيرانية في العراق لا يخدم على الإطلاق الأجندة التركية غير أن تركيا تحاول أن تستفيد من الوضع الذي يصعب تغييره في الوقت الحالي بعد أن نجحت إيران وعلى مدار نحو 17 عاما من تثبيته وسط غيابي عربي في العراق بفعل أمريكي كان يحرص على أن يستعين بطهران في تنفيذ أجندته في العراق وإبعاد المكون العربي لإضعاف مقاومة التواجد الأمريكي.

 

وفي هذا الإطار انطلقت تركيا في تعاطيها مع الملف العراقي من حالة ضعف المركزية العراقية وحالة الصراع الطائفي والعرقي الأمر الذي سمح لها بالتدخل العسكري مرارا وتكرارا في الشمال العراقي دون ردع من قبل العراق وبموافقة ضمنية إيرانية تسعى للتخلص من العناصر الكردية التي يسبب وجودها تهديدا لكل الدولتين.

في سياق متصل، أكد المحلل السياسي محمد العراقي، أن تركيا وجدت في الآونة الأخيرة وبسبب خلافاتها المستمرة مع الولايات المتحدة، أن بناء علاقات مستقرة مع إيران، قد يخدم موقفها بالضد من الموقف الأمريكي، وأدت أزمة قطر إلى تفعيل مسارات التوافق بين الطرفين، فضلًا عن الدور الإسرائيلي المتنامي في آسيا الوسطى، والذي جعل كلا من تركيا وإيران تعانيان من انكشاف أمني كبير.

 

إلا أن التطور الكبير جاء بعد اللقاء الذي أجراه قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني في تركيا، مع مسئولين في الاستخبارات التركية، تمخض عماعرف وقتها باتفاق المدن الأربعة في سوريا، والذي بموجبه تنسحب بعض قوى المعارضة السورية المسلحة من هذه المدن، مقابل فك الحصار عنها، وهو ما فشل فيما بعد.

 

حزب الله 

 

وأوضح المحلل السياسي، خلال حديثه لـ«فيتو»، أن تركيا وجدت في نفوذ إيران المترامي في أوروبا، فضلا عن الدور السري الذي يمارسه حزب الله اللبناني، وسيلة لضرب منظومة الأمن في العديد من الدول الأوروبية، عبر تسهيل مرور العديد من عناصر الاستخبارات الإيرانية، وتحديدًا في الحرس الثوري للعديد من المدن الأوروبية، في سياق جهود متبادلة لتصفية المعارضين، مقابل تسليم تركيا العديد من قادة فتح الله غولن المتواجدين في إيران، هذا التخادم الأمني وفر للبلدين الكثير من أوراق الضغط حيال القارة الأوروبية، وتحديدا في المجال الأمني.

 

وأشار إلى أن تركيا حسمت الكثير من خياراتها الأمنية مع إيران، وتحديدا في العراق واليمن، وبدرجة أقل في سوريا عبر مسارات أستانة، كما قامت بتسليح العديد من المليشيات المسلحة في العراق، بالإطار الذي يخدم نفوذها هناك.

 

إلى جانب افتتاح العديد من القنوات التليفزيونية الناطقة بالتركية والعربية، والتي تهاجم دولا عربية محددة، منددة بسياساتها في المنطقة، وتحديدا الدور السعودي في اليمن والبحرين، أو الموقف من صففة القرن، لفرض مزيدًا من التقارب مع إيران في قضايا المنطقة.

 

نقلًا عن العدد الورقي...،

الجريدة الرسمية