رئيس التحرير
عصام كامل

الجمعيات الأهلية في «ذمة النواب»..البرلمان ينتظر موقف لجنة مناقشة التعديلات.. ومحاصرة التمويل أبرز الاعتراضات..«الغول»: الانتقادات محل استماع.. و«أبو حامد» يوضح الحقائق

البرلمان
البرلمان

«القانون يجب أن يكون أكثر توازنًا».. بهذه الكلمات وضع رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي، يده على أزمة قانون الجمعيات الأهلية، لا سيما مع شكاوى بعض المنظمات الحقوقية، التي أكدت أن القانون يحظر عملها فعليا، ويصعب على المنظمات الخيرية القيام بدورها على الوجه الأكمل، كما أن القانون يقصر نشاط المنظمات غير الحكومية على الأنشطة التنموية والاجتماعية، ويفرض عقوبات بالسجن تصل إلى 5 سنوات على المخالفين.


وبناء على ما أعلنه الرئيس، من ضرورة مراجعة القانون، أبدى نواب البرلمان ترحيبهم بما عرضه الرئيس، مؤكدين ضرورة الاستماع لجميع وجهات النظر في هذا الشأن، للوصول إلى قانون توافقي، متمسكين في الوقت ذاته بأن يضعوا الحفاظ على الأمن القومي نصب أعينهم، خصوصا بعدما ثبت دور بعض المنظمات التي تتلقى دعما من الخارج في محاولات إثارة البلبلة والفوضى في الشارع المصري.

من جانبه طالب النائب محمد الغول، عضو لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب، بالمبادرة في تشكيل لجنة مشتركة من نواب لجنتي التضامن الاجتماعي، وحقوق الإنسان، لإعادة النظر في قانون الجمعيات الأهلية الذي سبق ووافق عليه البرلمان في مايو من العام الماضي 2017.

وأضاف: هذه اللجنة يتعين عليها، دعوة كل المهتمين بهذا الملف، وعمل جلسات حوار مجتمعي، لعلاج أي عوار في القانون، وبما يحافظ على الدولة المصرية، لأنه قد تتاح له معلومات غير معلومة لأحد وبناء عليه يطالب بتعديل القانون، وكل شيء قابل للنقاش، ونحن منفتحون على العالم ونستمع لآراء الآخرين، للوصول إلى الأهداف المرجوة من القانون، وعدم تعطيل العمل الأهلي في مصر، لا سيما أن هناك عددا كبيرا من الجمعيات يقوم دون لا يخفى على أحد في خدمة المجتمع.

مواد التعديل
وحول المواد التي تحتاج إلى تعديل، أوضح «الغول»، أن «التمويل هو الذي يسبب أزمة، لذلك فإنه من الضروري، إعادة النظر في التمويل سواء كان المصدر «موارد الدعم»، وكذلك أوجه الصرف لكن بما يحافظ على الأمن القومي لمصر، كما أننا نحتاج إلى مرونة في تلقى التبرعات، لا سيما أن بعض الجمعيات كان لها تحفظ على إجراءات الحصول على التمويل من الخارج».

وتابع: من بين المواد الأخرى التي تحتاج إلى إعادة النظر، تلك الخاصة بدور الأجهزة الرقابية في متابعة نشاط الجمعيات الأهلية، حيث إن القانون تجاهل هذه النقطة، مشددا على ضرورة تعديل القانون والنص على ضرورة خضوع الجمعيات الأهلية لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، أو جهاز الكشف غير المشروع.

وقال عضو لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب: كل الاعتراضات من جانب جميع المهتمين بالجمعيات الأهلية ستكون محل استماع ومناقشة للوصول إلى صيغة توافقية للقانون، بما يحافظ على الأمن القومي المصري، وفي الوقت نفسه، عدم تعقيد الإجراءات والتضييق على هذه الجمعيات للقيام بدورها.

الموقف النهائي
من جهته قال محمد أبو حامد، وكيل لجنة التضامن الاجتماعي: حتى الآن لا نعلم الموقف النهائي في شأن قانون الجمعيات الأهلية، هل سيكون صياغة تشريع جديد، من خلال اللجنة التي تم تشكيلها من الحكومة، أو إجراء تعديل على القانون الذي صدر عن مجلس النواب.

وشدد «أبو حامد» على أن ما حدث من موقف الرئيس حق دستوري في إعادة مناقشة القوانين قبل تطبيقها وهي «رقابة لاحقة» قبل تطبيق القانون، مشيرا إلى أنه على ما يبدو أن مؤسسة الرئاسة تحقق لها رؤية أشمل.

وأوضح أن «عدم إصدار اللائحة التنفيذية للقانون، رغم مرور سنتين على إصداره يؤكد أن هناك مناقشات تمت، كما أن هناك تقارير اعترضت على بعض بنود القانون، سواء من بعض المنظمات المحلية، أو بعض الدول فيما يخص عمل المنظمات الأجنبية داخل مصر».

اللائحة التنفيذية
وكيل لجنة التضامن الاجتماعي، لفت النظر إلى أن وزارة التضامن الاجتماعي، وعلى الرغم من عدم إصدار اللائحة التنفيذية للقانون، فإنها طبقته ومن المتوقع أنه تبين وجود مشكلات في التطبيق، وما قام به «السيسي» في هذا الشأن ليس ارتجالا لكنه بناء على دراسات مسبقة.

وحول موقف اللجنة من المناقشة، لا سيما أنه أحد التشريعات المقدمة من النواب وليس من الحكومة، قال «أبو حامد»: كنت أحد المشاركين في مناقشة القانون، وكان التشريع الهدف منه المصلحة العامة من وجهة نظرنا، وليس لأحد منا مصلحة خاصة في صدور القانون بهذا الشكل.

لجنة التضامن الاجتماعي
أما ما يتعلق بدور لجنة التضامن الاجتماعي في الفترة المقبلة، أوضح أن «اللجنة لا تعلم موقفها حتى الآن، حول ما إن كانت ستشارك في عمل اللجنة الحكومية المشكلة من وزارات (العدل - الخارجية - التضامن الاجتماعي) من عدمه، لكن في جميع الأحوال سيكون صدور القانون من خلال لجنة التضامن بصفتها اللجنة المختصة، لذا سيتم النظر في جميع التقارير الصادرة بشأن القانون».

وتعقيبا على أن اعتراض المنظمات الحقوقية والجمعيات الأهلية، بسبب التضييق فيما يتعلق بتلقي التمويل من الخارج، قال «أبو حامد»: إذا ثبت بالفعل أنه هناك زيادة في الرقابة على التمويل أو منعه ستتم إعادة النظر فيه، لكن مع الأخذ في الاعتبار تداعيات الأمن القومي المصري، لا سيما أن مصر عانت ويلات بعض الجمعيات قبل ثورة يناير، وبشكل عام طالما فتحنا الباب أمام تعديل القانون، فسيتم النظر في جميع أوجه الاعتراض التي وصلت إلى اللجنة من الجمعيات الأهلية، حتى يتم التوصل إلى قانون توافقي يخدم المصلحة العامة لمصر.

فلسفة خفية
في السياق.. أكد طلعت خليل، عضو مجلس النواب، أن قانون الجمعيات الأهلية كانت له فلسفة خفية، حيث ينظر إلى جميع مؤسسات المجتمع المدني، بالريبة والشك، على أنها مؤسسات مغرضة وتسعى للسرقة وأن الجهات المانحة تريد الأذى لمصر، مشيرا إلى أن هذه النظرة انعكست على كامل مواد القانون.

وأضاف: هذه النظرة، لا يجوز تعميمها على جميع المؤسسات، حيث إن حال وجود بعض من تلك المؤسسات، تنطبق عليه تلك النظرة، فبقية المؤسسات لا تنطبق عليها، والقانون عندما جاء ليعالج تلك الأمور، عالجها بالطريقة الخاطئة، وجعل الجهات المانحة ترفض تقديم تمويلات ومنح لمختلف المؤسسات الأهلية سواء كانت حكومية أو جمعيات أهلية.
وتابع: لا بد أن يكون لدى جهة الإدارة المتمثلة في وزارة التضامن، الكوادر المدربة والخبرات الكافية، لتتمكن من فحص هذه المؤسسات، وتقيم مدى إنفاق المنح على الغرض المخصص لها من عدمه، وبصورة سليمة من عدمه، وأُحيى رئيس الجمهورية لإعادته لمشروع القانون.

وتابع: علينا الآن وضع قانون متوازن، حيث لا نريد أذى لمنظمات المجتمع المدني، ولا نريد أن يقع أذى على البلاد بسبب دور المنظمات، وكذلك لا نريد أن يكون هناك تمويلات تصرف للبعض بشكل غير رسمي، وفي الوقت نفسه لا نريد أن ينظر لمؤسسات المجتمع المدني بعين الريبة والشك.

وحول اعتراضات الرئيس على القانون، أوضح أنها لم تأتِ إلى المجلس بعد، وأنهم كنواب معارضة سيعيدون تقديم تعديلاتهم وتحفظاتهم السابقة على القانون، لمناقشتها بالمجلس.

وأوضح أن أبرز التعديلات، تتعلق بتشكيل اللجنة المنوط بها الموافقة على التصريح للجمعيات والمؤسسات بالعمل، حيث يجب أن يكون تشكيلها به توازن وحيادية وأن الناحية الأمنية ليست الجهة الوحيدة للتصريح، هذا إلى جانب تعديل آلية الموافقة على المنح والتمويلات، بحيث تحقق الغرض من الإنفاق في ظل وجود مراقبة مالية، من خلال كوادر مالية مدربة بوزارة التضامن الاجتماعي باعتبارها جهة الإدارة.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية