أمام الصراف الآلي
ما الصوت الأجمل من صوت الست أم كلثوم؟ هل يوجد صوت أجمل من صوت ثومة؟ مستحيل..
ما الصوت الأروع من صوت حليم وفريد وعبد الوهاب وفايزة ونجاة ووردة وقنديل وفيروز. وغيرهم وغيرهم وغيرهم؟ لا يوجد أبدا صوت أروع من أصوات هؤلاء الذين أمتعونا بأغانيهم وأصواتهم وألحانهم، حتى بعد رحيل معظمهم..
لكن.. أقول لكم، هنالك صوت أجمل وأروع، يدخل البهجة في نفسك فورا، لا يعطيك الشعور بالشجن ذلك الألم الناعم الهادي الذي يسري فيك وأنت تصغي لفريد في بكائيته "عدت يا يوم مولدي"، إنه صوت عد النقود داخل ماكينة الصرف الآلي الـ ATM..
صوت نغم يحصى ويفرز.. وأنت واقف أمام الماكينة كفّك مبسوطة أمام مخرج النقود تسحبها فتهدأ أعصابك.. وتنبسط ملامحك، نقف طوابير أمام الصراف الأوتوماتيك هذا، صراف لا يركنك طويلا على نافذته ولا يستنطع في الإجراءات، ولا يصدر إليك ذلك الوجه المتفضل عليك كأنما يهبك من ماله الخاص..
أمام ماكينة الصرف الآلي تجد ألوانا من البشر فيهم الذوق الحساس الذي ينهي معاملاته سريعا وبرشاقة، وفيهم النطع الجبلة الذي يحشو الماكينة بمال يودعه ويتلكأ بينما الطابور طويل ومعظم سكانه من كبار السن يترصدون انصرافه ليصرفوا المعاش الهزيل الضئيل النحيل..
نذهب إلى الصراف الآلي وكلنا أمل، مع طلعة الأول من كل شهر لصرف شقاء العمر الذي لا يكفي عشرة أيام، بعدها بأيام نذهب إلى ذات الصراف لعل وعسى، تقف طويلا عسى أن يصدر عن الماكينة ذلك الصوت النغمي الجميل الحبيب، صوت العد وشهقة الفرز والسحب.. ما أجمله!
فإن لم تجد؟ غالبا لن تجد، فقد فعلت هذا مرة من قبل لتصفي ضرع الماكينة فلم يعد بها حليب! لماذا إذن تذهب؟ مجرد الإحساس بأن ثمة حلا وحلما هنا.. لكن الماكينات يا صاحبي لا تعرف الأحلام..
هي لن تزجرك، لن تلومك، لن تصدر إليك وجه الممتنع أو المتفضل.. هي آلة وأنت مشاعر.. وعليك أن تستدير منصرفا، مكتفيا بسماع صوت الصمت، بل يصفعك صوت خروج الكارت مطرودا بقسوة من فم الماكينة..
وتبلغ المفارقة ذروتها حين يواجهك واحد أو واحدة يتطلع إليك بعيون متسولة، ويمد كفه راجيا.. أنت خارج أساسا روحك في مناخيرك، وفي لحظة تضبط نفسك في حالة سخرية وتود أن تقول للمتسول أن صدقني.. كنت أريد مالا من هذه المدعوقة.. فردتني خائبا.. كنت أقترض أو أسترد بقايا نقود رفضت الماكينة إخراجها، فنحن يا كريم في الحاجة سواء..
يظن المتسولون أن الواقفين بطابور الماكينة يحصدون المال حصدا، لذلك يتكاثرون.. لكنهم مع شئ من التأمل، ونادرا ما يفعل المتسول، سيجد أن هؤلاء الكبار المسنين المحتاجين صاروا مع نهايات العمر بشرا زائدا يجوز تركه حتى يجف وتتساقط ورقاته ويذوي فتذروه رياح الحكومة بسهولة فكأنما لم يكن.. مشاعر صعبة مرت على أمس وأنا أترقب أن أجد بضرع الماكينة نقطة حليب!
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
