عماد البقاء! (1)
هل تعاني مجتمعاتنا أزمة خُلقية؟ وهل تراجعت مكارم الأخلاق حتى صارت مجرد شعارات تُرفع لا واقعًا يُعاش؟ وهل ما نراه اليوم في شوارعنا ومدارسنا وعلى منصّات التواصل من عنف لفظي وبدني، وتشاحن لا يهدأ، وشماتة في الموت والمرض، هو امتداد لتراثنا الأصيل، أم انحراف عن ميراث الفضيلة الذي به قامت حضارتنا؟
هذه التساؤلات ليست ترفًا فكريًا، بل هي جرس إنذار يوقظ الضمائر من سباتها، ويدعوها لتأمل حاضرها ومصيرها.
في تراثنا كنوز من مجامع الكلم تصلح أن تكون دستورًا للحياة، لو أحسنّا استحضارها وتفعيلها، لأثمرت سلوكًا مستقيمًا وخلقًا راسخًا نحن أحوج ما نكون إليه في زمن اختلطت فيه المعايير وارتبكت فيه البوصلة.
فالصادق لا يحلف، لأن الصدق أبلغ من القسم، وإذا استقر في النفوس سادت الثقة بين الناس وزالت الريبة. لكن ماذا يحدث حين يغيب الصدق؟ أليس غيابه هو الذي أضعف أسواقنا، وأربك مؤسساتنا، وأفقد إعلامنا مصداقيته؟ وهل يمكن لمجتمع أن ينهض وهو يقتات على الكذب والمخاتلة؟
والواثق لا يبرّر، لأنه ثابت على الحق، واليقين إذا ترسّخ في القلوب منحها طمأنينة، بينما التردد وكثرة الاعتذار يزرعان الارتباك ويهزان جسور الثقة. فهل فقدنا في زماننا هذا الحسم والوضوح؟ وكيف نستعيد وضوح الرؤية في زمن تحكمه الضبابية وتغشاه المواربة؟ ألا يستدعي بناء مجتمع راسخ أن يقوم على صدور ثابتة لا على ألسنة مترددة؟
والمخلص لا يندم، لأنه يعمل لله لا للناس. فإذا غاب الإخلاص خبت بركة الجهود وتحوّلت الأعمال إلى قوالب خاوية لا حياة فيها. أفلا نتساءل اليوم: كم من مشروع كبير فشل لأن أصحابه طلبوا به السمعة لا وجه الله؟ وهل يمكن لمجتمع أن ينهض على نيات مشوشة ومقاصد متناقضة؟ وكيف نعيد للإخلاص مكانته ليصير هو القاعدة لا الاستثناء؟
والكريم لا يملّ، لأنه يرى في البذل حياة لقلبه، فما جاع فقير إلا ببخل غني. وإذا غاب الكرم ساد الشح، وضاقت الصدور، وتحوّل الناس إلى جزر منعزلة كلٌّ يحيا لنفسه. فهل لا يزال الفقير يجد في مجتمعنا من يسأل عنه ويحنو عليه؟ وهل يمكن للأمة أن تحفظ تماسكها إذا تخلّت عن التكافل؟ أليس البذل في حقيقته استثمارًا في إنسانية الإنسان قبل أن يكون إنفاقًا من المال؟
والمحب لا يملّ، لأن الحب يصبر ويعفو ويؤلّف بين القلوب. فإذا غابت المحبة، تفككت الجماعة الإنسانية إلى طوائف متنافرة، وصارت الحياة ساحة صراع لا مأوى سكينة. فأين نحن من هذه اللغة الجامعة؟ وهل لا تزال المحبة قادرة على أن تكون قوة دافعة في زمنٍ تتقدّم فيه المصالح على المبادئ؟ وما جدوى حضارة مادية شامخة إذا كانت قلوب أهلها خاوية من الرحمة؟
ولا تضعف فتُستضعف، ولا تتكبّر فتُستثقل، بل قف بين التواضع والعزّة. فالتواضع يصنع إخاءً وعزّة، والكِبر يهدم ويشق الصفوف. أليس من المأساة أن نرى بعضنا يتعالى على بعض لمجرّد منصب أو مال، فيما يسقط آخرون في مهاوي الخنوع المذلّ؟ كيف نعيد صياغة إنسانيتنا بحيث يكون التواضع قيمة تعمّق المودة، والعزّة درعًا يحمي الكرامة؟
إنها ليست قيمًا متفرقة، بل منظومة واحدة متكاملة: صدق يشيع الثقة، وثبات يورث الطمأنينة، وإخلاص يبعث البركة، وكرم يشيع الرحمة، ومحبة تؤلّف القلوب، وتواضع يرفع الإنسان من نفسه لا على الناس. فإذا اجتمعت هذه القيم صلح المجتمع وارتفعت همّته، وإذا غابت تهاوى بنيانه وتفرّق شمله.
والسؤال الذي يجب أن يؤرقنا: هل نملك الشجاعة لنحيي هذه القيم في حياتنا، لا كشعارات نتغنى بها، بل كسلوك يومي يتجسد في الأسواق والمدارس والبيوت؟ وهل ندرك أن مصيرنا الأخلاقي سابق على مصيرنا الاقتصادي والسياسي؟
إن الأخلاق ليست زينة تكميلية، بل هي عماد البقاء، فإذا انهار العماد لم ينفع زخرف ولا بناء.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
