حكومة الساحل وشعب السنابسة
مثل كل صباحات قرية السنابسة وغيرها من قرى مصر التي أصبحت محتاجة، مثل كل الصباحات التي يطل فيها الفقر على وجوه الصبايا، وتلفحهن نار الشمس الحارقة، وهن في الطرقات يبحثن عن لقمة عيش مغمورة بكثير من ذل الحاجة والفاقة التي سكنت ديارهن.
يخرج الأطفال ليتم شحنهم في سيارات نقل أو ميكروباصات إلى لهيب شمس لا ترحم، تلقي بهم أسرهم إلى حيث العمل الشاق، أطفال لا يعرفون الساحل وسكانه، ولا برفاناتهم، ولا طعامهم المستورد، أطفال اكتست وجوههم سمرة تشبه حريق الشمس الملتهبة.
يصل الأطفال بٌعيد الفجر إلى مزارع لا تراعي الطفولة، ولا تعرف إلا أنها ستمنح الواحد منهم دولارين، مع خيط الليل المظلم يعود الأطفال إلى بيوتهم، ليلقي الواحد منهم جسده المتعب الى مصطبة يكسوها تراب العوز، انتظارا لفجر يوم جديد، فجر لا يحمل لهم البشرى أبدا.
يتقافزون كل صباح جريا ولهثا إلى لقمة لا يعرف طعمها مصطفى مدبولي، ولا يدرك مرارتها وزير في حكومة تفضل الانتقال صيفا إلى العلمين، حيث الأبراج الشاهقة، وسهرات الليل المزهر بأنوار تتلألأ على ضفاف البحر "الأبيض"، مثل قلوب الصغار المحروقة صيفا في حقول العذاب المتمدد في عروقهم، نارا تنهش حتى الحلم.
على طريق أنفقنا عليه من استقلالنا ديونا، تدفعنا دفعا إلى استسلام، أوصل بلادنا إلى حد أنها أضحت كما لو كانت هامشا على خارطة العالم، لا ترٌى بالعين المجردة، يخرج سائق شاحنة الرعب عن المسار، ليخطف في لحظة قلوب تسعة عشر طفلا وطفلة، كما لو كانوا في مقتلة مثل تلك التي نشاهدها في بلدنا الكبير على حدودنا مع غزة، التي كانت شأنا مصريا حتى وقت قريب.
تتشح بيوت القرية بسواد لا يشابهه إلا قلوب من صنعوا طريقا للموت نهبا ونهشا من قوت هؤلاء الأطفال، وكأنهم راحوا واستراحوا فلم يكن لهم نصيب في بلد لا يمنح أطفال الفلاحين إلا نصيبهم في الديون التي اغترفوها في غفلة من الزمن، وحراسة من برلمان فقد كل أدواته إلا واحدة..التعريض!!
أغلق الأولاد أبواب الحياة من خلفهم واستراحوا، لم يخرج وزير ولم يتحدث غفير، ولم يشعر مسئول واحد بمرارة الفقد، فهل فقدنا لاعب كرة شهير، أو نجما سينمائيا كبيرا، كل من فقدناهم من ملح الأرض، والناتج البشرى الفائض عندنا كثير، ينظر إليه كبراؤنا بعين من الريبة ، ويرغب كبارنا في تخفيضه والخلاص منه.
صباح اليوم خرج علينا رئيس وزراء مصر في زيارة لمصنع كبير، تحدث عن إنجازات الحكومة ، وقد تناسى آخر إنجاز لها، الخلاص في حادث واحد من تسعة عشر حلما نضرا، بهيا، أخضر، لم يتذكرهم الدكتور مصطفى مدبولي ولم يذكرهم.
ظلت حكومة العار صامتة، كما لو كنا فقدنا تسع عشرة دجاجة، ومحافظ المنوفية ظل في مكتبه الوثير، يعقد اجتماعات تافهة مثل أدائه الباهت، ولم نسمع للمجلس القومي للطفولة والأمومة حسا، ولم نر البرلمان يجتمع طارئا لمناقشة الأمر، ولم نر وزير النقل الذي كنا نراه كل يوم في تسع عشرة طلة، كما لو كانت عقارب الساعة لا تظهر إلا أمام الكاميرات.
حتى تكلم الرئيس..وهنا تغير كل شيء تحرك الوزراء والخفراء، وأطل علينا من كانوا في سبات الموتى، وتبارى الكل في الحديث إلى الكاميرات، وطال الحديث أرقام التعويضات ليقفز كما أراد له الرئيس، وسبحان محيي الموتى ظهر المجلس القومي للطفولة والأمومة.
ماذا لو لم يتحدث الرئيس؟ والله ما تحرك مسئول في مصر، كانوا كما لو أن الحادث في بلد غير البلد الذي يدفع مرتباتهم، كما لو كانوا وزراء لشعب آخر غير شعب السنابسة وكل سنابسة في مصر المحروسة!!
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا





