رئيس التحرير
عصام كامل

«دنجوان» سينما الأبيض وأسود.. محمود ذو الفقار ترك الهندسة واتجه للفن.. خسر أمواله في الإنتاج واكتفى بالتمثيل والإخراج.. راهن على فؤاد المهندس وشادية على حساب إسماعيل ياسين وهند رستم.. وهذه و

فيتو

فنان ومخرج من العيار الثقيل، عُرف بـ«دنجوان» سينما الأبيض وأسود، ساهم بشكل كبير بعدد من الأفلام السينمائية في العصر الذهبي، الفنان الراحل محمود ذو الفقار شقيق كل من الفنانين الراحلين صلاح ذو الفقار وعز الدين ذو الفقار، ولد في 18 فبراير عام 1914 بمدينة طنطا بمحافظة الغربية، حصل على التوجيهية سنة 1930 وعلى دبلوم العمارة سنة 1935 والتحق بوظيفة مهندس في قلم التصميمات بوزارة الأشغال، وتوفي في 22 مايو 1970 عن عمر ناهز الـ56 عامًا.


صدفة الفن
الصدفة وحدها غيرت مسار حياته من مهندس معماري، لأحد أهم صناع السينما وأبطالها، حيث بعد استقالته من وزارة الأشغال التحق بوزارة الأوقاف وهناك تعرف على المخرج حسين فوزي الذي رشحه لدور البطولة أمام عزيزة أمير في فيلم «بياعة التفاح» عام 1937.

رغم الوجه الهادئ الذي امتلكه الراحل محمود ذو الفقار إلا أن حياته كانت مليئة بالأحداث والمحطات المهمة، وكان على النقيض تمامًا على ما يظهر أمام الكاميرات هادئًا فكان حاد الطباع على المستوى الشخصي.

ويظهر ذلك في قصته مع زوجته الثانية الفنانة مريم فخر الدين، التي تزوجها بعد وفاة زوجته الأولى الفنانة عزيزة أمير في 28 فبراير عام 1952، تزوج الفنانة مريم فخر الدين وأنجب ابنته الوحيدة «إيمان» ثم انفصل عنها بالطلاق بعد زواج استمر 8 سنوات وبقى حتى وفاته في يوم 22 مايو 1970 بلا زواج.

معاملة قاسية
وعن انفصال محمود ذو الفقار ومريم فخر الدين، روت الفنانة مريم فخر الدين قصة الطلاق في أحد اللقاءات التليفزيونية، موضحة أنه كان يعاملها بقسوة وكان يضربها دائما، لذلك تمردت عليه وقامت بشراء شقة بدون علمه في نفس العمارة، التي كانت تسكن فيها معه، ثم قامت بتشطيبها وبعد ذلك نقلت محتوياتها إليها، وأخذت ابنتها ومربية ابنتها ومكثت في شقتها الجديدة، وحينما استيقظ محمود من النوم فوجئ بعدم وجود زوجته في المنزل وسأل البواب وعرف الحقيقة، ثم حاول دخول شقتها ولكن مريم فخر الدين لم تفتح له إطلاقا، ثم ترك المنزل وبعث مدير أعماله للمنزل لكي يأتي له بملابسه لشعوره بالخجل أمام سكان العمارة، وبعدها قامت مريم بتوزيع غرف شقة زوجها على العاملين في بلاتوه التصوير مما جعل ذو الفقار يستشيط غضبًا ويقرر تطليقها على الفور.

زواج بورقة
ورغم غرابة الطلاق فقد سبقه زواج أغرب، وذلك وفقا لما جاء على لسان ذو الفقار نفسه في أحد المقالات التي كتبها عن قصة زواجه بمريم فخر الدين، والبداية حينما أراد ذو الفقار إنتاج أحد أفلامه ولم يكن قد اختار البطلة بعد، حتى تذكر مريم فخر الدين التي أعجب بأدائها في «ليلة غرام» عام 1951.

وأسند إخراج الفيلم لصديقه إبراهيم عمارة، وأخبره بأنه اختار مريم للبطولة، فرحّب الثاني كثيرًا بهذا الاختيار، ثم وافقت هي بقولها: «اتفق مع والدي»، وبدأ تصوير العمل وقد أبدى ذو الفقار اهتمام غير عادي ببطلة عمله، إلى أن قرر طلبها للزواج، وحينما سنحت له الفرصة فاتح مريم في الموضوع بعيدًا عن أسرتها، فقال لها: «تتجوزيني؟»، فخفضت عينيها في خجل، ثم قالت: «أيوة بس قول لبابا».

وفي اليوم التالي، ذهب محمود ذو الفقار إلى أبيها وكان مريضًا لا يسمع جيدًا، فطلب منه أن يكتب ما يريد على ورقة، وبعد تفكير دام ثلاثة أيام قبله الأب زوجًا لابنته، وتم التعجيل بالزفاف خلال 24 ساعة وفي اليوم التالي سافرا إلى لبنان؛ حيث كان المخرج يستعد لتصوير أحد الأفلام فاستغلا الفرصة لقضاء شهر العسل هناك.

واستمر الزواج 8 سنوات وانفصلا بعد أن أنجبا ابنتهما إيمان ذو الفقار، وقد بقي ذو الفقار بلا زواج حتى رحيله عام 1970.

ليلة رعب
من المواقف الغريبة في حياة الفنان الراحل محمود ذو الفقار إحدى أهم المحطات المهمة في حياته العاطفية وهي زوجته الأولى الفنانة الراحلة عزيزة أمير.

ففي إحدى السهرات العائلية في منزل الزوجين، مع أحد الأصدقاء، وأخذوا يتسامرون في مختلف شئون السينما والفن والسياسة، حتى تطرق الحوار إلى أخبار الوفيات! وتناول الحديث قصة وفاة مدير الإذاعة الراحل حسني نجيب، وكيف أنه أصيب بوعكة صحية على أثرها توقفت أجهزته تمامًا في مستشفى قصر العيني، ووضعت جثته في الثلاجة، وقبل أن يُنقل إلى المشرحة، فوجئت رئيسة الممرضات به يتحرك! فعاد مجددًا للحياة، وعاش نجيب بعد ذلك مدينًا بحياته لهذه الممرضة، أثرت القصة بشكل كبير على الفنانة عزيزة أمير، وأخبرت زوجها بخوفها من أن تلقى مصير حسني نجيب وأن يتم دفنها حية، وأوصته بأنها إذا فارقت الحياة قبله، ألا يدفنها قبل مضي 24 ساعة على رحيلها.

وبعد وفاة عزيزة أمير عام 1952، أصيب ذو الفقار بحالة من الاكتئاب حتى أنه قرر اعتزال الفن والعودة مجددًا إلى عمله بالهندسة، ولكنه تراجع عن قراره.

هند رستم وشادية
اتسم الفنان والمخرج والمنتج الراحل محمود ذو الفقار بروح المغامرة وقد وضح ذلك جليًا في فيلم «المرأة المجهولة» بطولة دلوعة السينما الراحلة شادية، حينما تحدى الجميع؛ برفض إسناد البطولة إلى هند رستم واستبدلها بشادية، والتي كانت تشتهر آنذاك بدور الفتاة خفيفة الظل الرومانسية، ونصحه المقربون له بالعدول عن قراره، ولكنه أصر على إسناد الدور لشادية وأقنع المنتج حسن رمزي، بذلك، وبعد عرض الفيلم بدور السينما نجح نجاحًا جماهيريًا كبيرا وأشاد به النقاد، وأكدوا أن شادية دخلت به مرحلة هامة من النضج التمثيلي، وقد تخطت إيرادات الفيلم في الاتحاد السوفيتي المليون جنيه، في حين أن المنتج باعه للوكلاء هناك بـ3 آلاف جنيه فقط.

إسماعيل ياسين وفؤاد المهندس
وفي مجازفة أخرى بعد وفاة زوجته عزيزة أمير بعدما تراجع عن قرار اعتزال الفن اتجه إلى تأسيس شركة «أمير فيلم» لإنتاج الأفلام السينمائية، وأنتج فيلمي «الأستاذة فاطمة» و«الشك القاتل» ولكن تكاثرت عليه الديون بعد هذين الفيلمين.

وأنتج وأخرج فيلم «بنت الجيران» وأراد إسناد بطولته إلى الكوميديان الراحل إسماعيل ياسين، الذي كان مرتبطًا بأربعة أفلام أخرى واشترط العمل ساعتين فقط في اليوم، فلم يوافق على ذلك واضطر إلى المغامرة بإسناد البطولة للفنان الراحل فؤاد المهندس، الذي لم يكن معروفًا وقتها وأسند ذو الفقار لفؤاد المهندس دورًا في آخر فيلم أنتجه وكان بطولة زوجته آنذاك مريم فخر الدين وهو «الأرض الطيبة»، الذي تناول توزيع أراضي الأثرياء على الفقراء، وصدر بالفعل بعده قانون الإصلاح الزراعي.

ابنته
عنصر نسائي آخر بل الأهم في حياة الفنان والمخرج الراحل، وهي ابنته إيمان من زوجته الراحلة مريم فخر الدين الذي قال عنها في حديثه مع مجلة «الكواكب» عام 1964: «كل ما أفعله الآن هو أن أحافظ على صحتي بقدر استطاعتي؛ لأربي ابنتي إيمان التي ما زالت في العاشرة من عمرها».

برلنتي عبد الحميد
في محطة هامة في حياة الفنان الراحل العملية كانت جميلة السينما الراحلة «برلنتي عبد الحميد»، وكان سبب الأزمة بين ذو الفقار وبرلنتي عبد الحميد فيلم «هارب من الحب» من بطولة الفنانة مريم فخر الدين، وحدث أن اشتركت برلنتي بدور مهم فيه يرقى إلى البطولة المشتركة، ولكن عند عرض الفيلم بدور السينما وجدت اسمها مكتوبًا بأحرف صغيرة مع ممثلي الأدوار الثانوية بينما برز اسم مريم بشدة كبطلة منفردة للعمل، وهنا لم تتمالك أعصابها وثارت في وجه ذوالفقار، بل أقامت عليه دعوى قضائية لدى المحاكم وطالبت فيها بتعويض مالي قدره 10 آلاف جنيه.
الجريدة الرسمية