رئيس التحرير
عصام كامل

هاني أبو العلا يكتب: حتى لا يحمر وجه «أبو الهول»!

هاني أبو العلا
هاني أبو العلا


لعل في مصرنا من عبق التاريخ ما تشهد عليه التماثيل والقطع الأثرية هنا وهناك.
 
والمُدقق في الشهرة التي حملتها تلك التماثيل يجد أن قيمتها ليست في دقة وإتقان صنعها وجمال ألوانها فقط؛ فهي ليست قطعًا للفن التجريدي، بل تتعدى قيمتها ذلك بكثير، فهي رموز لحُقب زمنية تحمل ملامحها خصائص تلك الحُقب الحضارية والاقتصادية والثقافية وأحيانًا العسكرية أيضًا.

تلك الشواهد الأثرية إنما تُعد بخصائصها التي هي عليها أحد أطراف معادلة شرطية، التي إن اختل أحد أطرافها، اختل بالتبعية الطرف الآخر. 

من هذه الشواهد تمثال نفرتيتي زوجة الفرعون المصري إخناتون وهي أشهر نساء العالم القديم، وتعتبر رمزًا من رموز الجمال، هو أحد أشهر الأعمال الأثرية المصرية القديمة. هذا التمثال النصفي المدهون بالحجر الجيري، الذي يزيد عمره على 3300 عام، فقد تم نحته عام 1345 ق. م. تقريبًا، حيث عثر عليه في تل العمارنة بمصر عام 1912. وهو في متحف برلين الجديد إلى الآن.

وبعد مفاوضات عديدة بين مصر وألمانيا لاستعادة التمثال، أراد مسئولو محافظة المنيا أن يجدوا حلًّا سريعًا فابتدعوا نسخة مقلدة من التمثال بمدخل مدينة سمالوط. وتعجز الكلمات عن وصف مدى قبح هذا التمثال الأصفر.

وعلى جانب آخر، فإن تمثال حاكم مصر السابق الخديو إسماعيل، الذي يقع عند تقاطع شارعي الثلاثيني ومحمد على في مدينة الإسماعيلية، وهو تمثال مصنوع من الجرانيت، تم طلاؤه بالورنيش الأسود بطريقة غريبة شوهت منظره.

ودون الإحالة لفقدان الضوابط الثقافية وفساد الذوق العام الذي أصبح، للأسف، سائدًا بشكل مُخيف لفئات عديدة من المجتمع المصري، الذين يجدون ضالتهم في الاستماع إلى أغنية "أديك في الأرض تفحر" أو "لأ لأ لاءاه لأ"، فإن الاعتداء على الرموز الثقافية دون مبالاة يعتبر من الجرائم التي يلزم الوقوف عندها واتخاذ قرارات رادعة.

ووجدتني أتساءل: هل من الممكن أن نستيقظ يومًا وقد أحمر وجه "أبو الهول؟"، وهل سوف يكون الاحمرار بنفس طريقة "نفرتيتي" وخديوي مصر العملاق، أم سوف يكون الاحمرار خجلًا من شعب كان يُضرب به أعظم الأمثال؟!
الجريدة الرسمية