رئيس التحرير
عصام كامل

بين العربية والإنجليزية.. جنوب السودان دولة تائهة تبحث عن هوية

فيتو

لم تكن رحلة البحث عن الهوية بالأمر الهين على مدار التاريخ، ولكن رحلة جنوب السودان بدأت مؤخرا قبل 6 سنوات عندما انفصلت عن الخرطوم، وقررت التخلي عن اللغة الرسمية الرئيسية للسودان.


لغة رسمية
عندما أعلن جنوب السودان استقلاله في عام 2011، وابتعد عن جمهورية السودان ليصبح أحدث بلد في العالم، كان لا بد من استكمال جميع جوانب بناء الدولة والتي تتضمن التصديق على دستور جديد، وطبع الأموال، وتوزيع جوازات السفر والاهم هو الاتفاق على لغة رسمية للدولة.

يتميز جنوب السودان بكونه بلد متنوع، يتضمن نحو 60 لغة يتحدث بها عشرات المجموعات العرقية مع عدد سكان يبلغ نحو 13 مليون نسمة، ويتحدث غالبية السودانيين الجنوبيين ما يعرف باسم "جوبا العربية"، وهي لهجة بعيدة كل البعد عن اللغة العربية الموحدة وتسمى باسم عاصمة جنوب السودان.

كانت اللغة العربية لغة الحكومة السودانية في الخرطوم، التي ينظر إليها السودانيون الجنوبيون على أنهم مستعمرون منذ فترة طويلة، مما دفعهم للبحث عن لغة أخرى لاعتمادها كلغة رسمية للدولة وبالتالي، في يوليو 2011، أدمج جنوب السودان في دستوره الجديد إعلانًا بأن اللغة الإنجليزية، وليس اللغة العربية، سوف تكون اللغة الرسمية للبلاد، في حين أن "جميع اللغات الأصلية في جنوب السودان هي لغات وطنية ويجب احترامها وتطويرها والترويج لها".

اختيار الإنجليزية
حسب مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، فإن الاختيار الذي وقع بالدستور كان غريبا لأن اللغة الإنجليزية كانت أيضًا لغة "مستعمِر" جلبتها الإمبراطورية البريطانية، الفرق فقط أنه احتلال بذكرى قديمة.

تخطط حكومة جنوب السودان مستقبلا تضع فيه البلاد نفسها أقرب إلى البلدان الأفريقية الناطقة باللغة الإنجليزية مثل كينيا وأوغندا، ومن الناحية النظرية، تبدو الخطة قابلة للتطبيق، لكن في الواقع، افتقرت الحكومة إلى القدرة على توفير التعليم المناسب بحيث يمكن أن تصبح اللغة الإنجليزية أكثر انتشارًا، وليس مجرد لغة مشتركة من المستويات العليا في المجتمع والحكومة.

خطط فاشلة
وعلى الرغم من كل الخطط اللغوية الطموحة للحكومة، ظلت الإنجليزية هي لغة الأقلية، بينما أصبحت اللغات الأصلية أكثر تسييسًا من أي وقت مضى، في جميع أنحاء العالم، يتم استخدام السياسة اللغوية الرسمية لخلق هوية وطنية متماسكة حيث قامت بتعزيز الحكومات وتوحيد الشعوب المتنوعة داخل الحدود، كما يمكن لسياسات اللغة أن تعمل على تهميش الأقليات الطرفية داخل السكان أو دمجها في جوانب الدولة.
الجريدة الرسمية