رئيس التحرير
عصام كامل

«خيانة الأشقاء».. السعودية تمول «حرب المياه» على مصر بدعم إضافي لسد النهضة.. خبراء:الرياض تمارس «دبلوماسية المكايدة».. ولن تستطيع الاستمرار في نهجها ضد القاهرة


لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد ردت الرياض، في إطار حربها غير المعلنة على القاهرة، وخلال ساعات قليلة زار مستشار العاهل السعودي بالديوان الملكي "أحمد الخطيب"، العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وتوجه مباشرة إلى سد النهضة الإثيوبي، وأكد للمسئولين هناك أن المستثمرين السعوديين يرغبون العمل في إثيوبيا في المجالات الاستثمارية المختلفة، خصوصًا في مجال الطاقة والكهرباء.


في مقابل ما تقوم به المملكة في القرن الأفريقي، وعرضها استثمارات داخل إثيوبيا وتمويل سد النهضة، استيقظ غضب مصر حيال مصالحها القومية، حسبما ذكرت كاثرين شكدام، محللة سياسية بريطانية متخصصة بمنطقة الشرق الأوسط، بالمجلة البريطانية “JRT”.

وذكرت "كاترين" أن مصر كانت غاضبة من صفقة المملكة السعودية التي عقدتها مع جيبوتي لبناء قاعدة عسكرية لها هناك، خصوصًا أن القاهرة تعتبر جيبوتي ذات موقع مهم للأمن القومي المصري، وأن ما قامت به السعوديـة خطوة تتعارض والتقاليد السياسية المتعارف عليها بين الدول العربية، خصوصًا أن ذلك يؤثر بشكل مباشر في مرور السفن بقناة السويس.

كاثرين شكدام، أكدت أيضًا أن هناك حالة من الخوف المتزايد من المملكة العربية السعودية تجاه مصر، فحالة الحرب الخفية بين البلدين أعادت للسعودية شبح مطاردة الرئيس جمال عبد الناصر للقصور الذهبية في الرياض.

ووصفت كاثرين ما تقوم به المملكة السعودية بغطرسة متصاعدة حيال مصر، محاولة أن تقوم بتحركات لتوسيع دورها في المنطقة، حيث أنفقت الكثير من أموالها، لإجبار الآخرين للانصياع لإرادتها، لكنها لم تحقق نجاحًا في اليمن، مؤكدة أن اللوبي السعودي قد بالغ في تقدير المخاطرات السياسية التي جرت إليها.

مصادر دبلوماسيـة ذكرت أن مصر طالبت من "علي عبد الله صالح" عند زيارته لها، أن يعمل في إطار المفاوضات التي تجريها الأمم المتحدة، خصوصًا بعد موافقته على المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، وطالبه المسئولون المصريون بالتعامل مع قرارات مجلس الأمن القرار رقم 2216 الخاص بالأزمة اليمنية ومع مبعوث الأمم المتحدة "إسماعيل ولد الشيخ"، حيث طالب "علي عبد الله صالح" مصر بأن تكون شريكًا في التفاوض حول الأزمة اليمنية، حسبما رجح مساعد وزير الخارجية السابق السفير حسين هريدي.

كما رجح أيضًا السفير "هريدي" أن علي عبد الله صالح -بفرض مجيئه لمصر- فمن الممكن أن يكون قد جاء للعلاج، أو لمطالبة مصر بأن تكون وسيطا تساعده في المفاوضات من أجل التوصل لتسوية سياسية في اليمن في إطار قرارات الأمم المتحدة في اليمن.

من جانبه فسر السفير "معصوم مرزوق" مساعد وزير الخارجية السابق، ما يحدث بين مصر والسعودية، بأسلوب المكايدة السياسية أو ما يُعرف بدبلوماسية "كيد النسا"، وتنفرد بها الدول العربية، وتلك الأساليب تزيد من توتر العلاقات وتعميق الخلافات.

وقال أيضًا: اختلاف رؤية مصر عن السعودية في الشأن السوري، عمل على توسيع الشقاق بين أكبر دولتين عربيتين، ومنذ تولي ولي ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" قيادة الملف الأمني والإقليمي، وهو شاب يريد إثبات وجوده، فكانت حرب اليمن وسوريا وفي كل الاتجاهات، وذلك يمثل خطرًا على مستقبل المملكة السعودية، حسبما يذكر السفير معصوم.

وأشار أيضًا إلى أن قانون جاستا سيسبب أيضًا مشكلات كبرى للمملكة السعودية، مع تولي الرئيس الأمريكي الجديد ترامب، فستكون السعودية بحاجة للدبلوماسية المصرية، ووجه السفير معصوم نصيحة للسعودية قائلًا: "ليس من مصلحتكم أن تسوء العلاقة بينكم وبين مصر".

وتابع حديثه: من الممكن أن يكون هناك من أوهم المملكة السعودية بأنها من الممكن أن تتبع سياسة الكفيل مع الدبلوماسية المصرية، وذلك غير مقبول، مشيرًا لما سبق وما قاله مندوب السعودية بالأمم المتحدة: "إن تصويت مصر أقل من تصويت ماليزيا على مشروع القرار الروسي في سوريا"، وما حدث ملاسنات لا تصح على مصر.

كما أوضح أنه إذا أقدمت السعودية على تمويل سد النهضة، فإن ذلك يكون بمثابة عمل عدائي ضد مصر، والمسألة تتجاوز الاختلاف في وجهات النظر، للإضرار الفعلي بالمصالح المصرية، وهنا لا بد أن يكون الرد المصري قويًا، ولا أريد الوصول لهذا، مطالبًا بتفعيل القنوات الدبلوماسية بشكل فوري بين البلدين، لتذكير السعوديـة بمصالحها مع مصر، وأن ذلك يُعد تهديدًا لمصالح مصر والسعودية.

يأخذ الدكتور "محمود عبد الظاهر" أستاذ العلوم السياسية والخبير الأمني، بأطراف الحديث قائلًا: "إن السعودية تمر بمواقف صعبة حاليًا في المنطقة، وهى تمر بضغوط نفسية كبيرة تجاه ما يحدث في اليمن وسوريا، وزيارة المستشار السعودي لإثيوبيا لن تضير مصر، طالما هناك اتفاق بين مصر وإثيوبيا على حصص المياه، لكن توقيت الزيارة السعودية لإثيوبيا وزيارة سد النهضة مع المواقف المختلفة سبب نوعًا من التوتر.

وأشار عبد الظاهر إلى أن السعودية تعلم جيدًا أن مصر هى الملاذ الأخير لها وللدول العربية كلها تجاه أي مواقف عدائية أخرى، مؤكدًا أنه ليس من مصلحة السعودية التمادي في عدائها الخفي تجاه مصر، حتى لا تتسبب في ارتباك للنفسية المصرية، فالسعودية لا تستطيع إطلاق يدها في العدائيات ضد مصر، حتى لا يتسبب الأمر في خسارة لدول الخليج بشكل عام وللسعودية بشكل خاص من المواقف الإيجابية المصرية تجاه السعودية.

كما لفت أستاذ العلوم السياسية والخبير الأمني النظر إلى أن التوتر الحادث بين مصر والسعودية الآن نتيجة لأن مصر ترفض إلا أن يكون لها مواقفها الخاصة تجاه اليمن وسوريا، وذلك ما لا تقبله السعودية، ومصر تعلن أنها لن تكون دولة تابعة لمواقف الآخرين، ومصر تريــد تحديد مواقفها خصوصًا أن لها تجربتها الخاصة مع اليمن، فرفضت المشاركة في العمليات العسكرية باليمن، حسبما ذكر الدكتور عبد الظاهر، مؤكدًا أن لمصر أولوياتها في حربها ضد الإرهاب.

"نقلا عن العدد الورقي.."
الجريدة الرسمية