رئيس التحرير
عصام كامل

رفقا بشيخ الأزهر!

زرت الدكتور أحمد الطيب بعد أن تولى منصب شيخ الأزهر بأيام لإنهاء مشكلة بين جامعة الأزهر التى كان يتولى رئاستها قبل أن يصير شيخا للأزهر ودار الهلال التى كنت أتولى رئاستها، ولم تستغرق هذه المشكلة سوى بضعة دقائق قليلة من وقت اللقاء الذى تناول العديد من الأمور والقضايا الدينية والثقافية والاجتماعية، وخلاله بدت سماحة الدكتور الطيب ورغبته فى تجديد الفكر الدينى وتطوير مؤسسة الأزهر.


وهى الرغبة التى أكدها لى أيضا فى حينه رفيق دراسته فى فرنسا المرحوم الدكتور محمود عزب الذى كان يتولى مسئولية بيت العائلة لمواجهة التطرّف الدينى وإرساء قيم العيش المشترك، وكان طلب الدكتور الطيب منى فقط هو شراء مجموعة كتب العقاد التى أصدرتها دار الهلال؛ لأن مكتبته افتقدت بعضها، وهو ما يشير إلى تنوع ثقافته.


أحكى ذلك بعد أن لاحظت تجدد الهجوم فى مواقع التواصل الاجتماعى من البعض على الدكتور الطيب بعد أن قال مؤخرا قولا قاطعا بخصوص التراث الفقهى الدينى رفض فيه بشكل قاطع تقديس هذا التراث ومساواته بالشريعة، لأن ذلك يؤدى إلى جمود الفقه الإسلامى.. وقد اتسم هذا الهجوم بالغمز واللمز، واتهام الشيخ بأن رفضه لتقديس التراث جاء بعد تصريحات لولى العهد السعودى أكد فيها أن بلاده تقبل فقط بأحاديث الرسول المؤكدة من أكثر من راوٍ.

لقد تجاوز هؤلاء أهمية ما قاله حول خطأ تقديس التراث الدينى ومساواته بالشريعة، واغتنموا فقط الفرصة لتجديد الهجوم عليه، رغم أن ما قاله مهم جدا ويستحق الاحتفاء به، ومطالبة مؤسساتنا الدينية وعلى رأسها الأزهر بالتعامل معه باعتباره من صنع البشر الذين قد يصيبون أو يخطئون، وإخضاع هذا التراث للفرز والتقييم فى ضوء معطيات العصر لاستبعاد كل ما يحض على التطرّف وممارسة العنف منه، وهو كثير.

وحتى إذا اعتبرنا أن هذا موقف جديد لشيخ الأزهر خاصة فى توقيته، كما يرى البعض، ألا يستحق الأمر من الحريصين على دعوة تجديد الفكر الدينى الترحيب به لإعادة إحياء هذه الدعوة وتنشيطها مجددا؟!
الجريدة الرسمية