رئيس التحرير
عصام كامل

بالميلاد يصبح الإله إنسانا والإنسان إلها

"فلما تمَّ الزمان أَرسلَ الله ابنه مولودًا لامرأةٍ، مولودًا في حكم الشريعة ليفتدي الذين هم في حكم الشريعة، فنحظى بالتبني" (غلاطية 4:4-٥).

أيُّها الأحباء،

إن حدث ولادة الرب يسوع ليس فقط حدثاً تاريخياً، بل انه حدث يطبع التاريخ في ماضيه وحاضره ومستقبله. فالمسيح يسوع الذي ولِدَ من عذراء طاهرة بقوة الروح القُدُس منذ ألفي سنة ونيف في المكان والزمان المحددين، ظهر طفلاً وديعاً متواضعاً، وظهر بَشَراً مثلنا، وسكن بيننا "والكلمة صارَ بَشَراً فسكنَ بيننا" "فلما تمَّ الزمان أَرسلَ الله ابنه مولوداً لامرأةٍ، مولوداً في حكم الشريعة ليفتدي الذين هم في حكم الشريعة، فنحظى بالتبني" (غلاطية 4:4-٥).

إن حدث ولادة الرب يسوع ليس فقط حدثاً تاريخياً، بل انه حدث يطبع التاريخ في ماضيه وحاضره ومستقبله. فالمسيح يسوع الذي ولِدَ من عذراء طاهرة بقوة الرُّوح القُدُس منذ ألفي سنة ونيف في المكان والزمان المحددين، ظهر طفلاً وديعاً متواضعاً، وظهر بَشَراً مثلنا، وسكن بيننا "والكلمة صارَ بَشَراً فسكنَ بيننا" (يوحنا 14:1).

ما زال المسيح يولد في الكنيسة وفي المجتمع وفي قلب كل مؤمن، وفِي حياة الشعوب، وفِي مسيرة التاريخ. لقد دخل الله في تاريخ البشرية وأُصبّح إنساناً مثلنا ليُعيد لنا جبلتنا وحالتنا الأولى، وهذا الإنسان هو يسوع المُخلّص ابن الله الذي رضي أن يدخل في سر الخلاص والفداء فأعطاه الله اسماً يفوق كل الأسماء.. "ويَشهَدَ كُلُّ لِسانٍ أَنَّ يسوعَ المسيحَ هو الرب تمجيداً لله الآب" (فيليبي 11:2). وبهذا ظهرت حكمة الله للبشر وقد أعدَّها منذ الأزل ليعطي الإنسانية مجداً عظيماً.

فولادة ابن الله أدخلت على البشرية عنصرا جديدا، عنصر الألوهة، وهذه الولادة هي تجديد حياة وخليقة جديدة: تجديد الإنسان بعد أن سقط بالخطيئةِ وابتعد عن الله، وخليفة جديدة لإن الولادة هي بداية حياة ومنطلق مسيرة جديدة، ويعني ذلك أنَّ المؤمن نفسه يصبح المغارة التي سيولد فيها المخلّص يسوع.

إن إنساننا اليوم، كما إنسان الأمس واليوم والمستقبل من دون المسيح يبقى دون خلق كما خُلِقَ منذ البدء على صورة الله ومثالهِ، ليكون على علاقة حميمة مع الله، ومن دون هذه العلاقة يفقد إنسانيته. وبالمسيح تثبت هذه العلاقة بوحدة لا تنفصم يجب علينا أن نحافظ عليها في حياتِنا اليومية العادية.

الميلاد نقطة رجوع إلى الله الذي أرسل ابنه الوحيد ليقيم الإنسان الساقط والمبتعد عن الله "ليصبح الإله إنساناً والإنسان إلهاً"، كما يقول القديس اثناسيوس الإسكندري.

وإذا كنا اليوم مدعوين ككنيسة إلى ملاقاة السيد المسيح الذي يأتي ليزورنا، فكل مؤمن هو مدعو شخصياً ليستقبله ويَقبلَهُ عنده ليسكن فيه وفينا جَميعاً "فنرى مجده، مجد الابن الوحيد المملوء نعمةً وحقاً" (يوحنا 17:1). ومجد كل واحدٍ مِنّا أن يحيا ويعمل، وبالأحرى أن يحيا الله المتجسِّد فيه ويعمل من خلالِهِ.


أن نحيا ونَعمَل هو أن نذهب ونخفف عن الذين قست عليهم الحياة لنبرهن لهم عن حنان الله الذي تعوق ظهوره كل التعقيدات البشرية. ولكي لا تظل الكلمة فارغة لا معنى لها، علينا أن نجسِّدها بالعمل والمعاملة فتكون كلمة مُعاشة.

أن تتجسّد الكلمة هو أن نساعد الأخرين على العيش الكريم، فنكون فقراء مع الفقراء، مرضى مع المرضى، وبائسين مع البائسين، أن نكون كُلاً مع الكل لنربح الكل للمسيح.



أيها الإخوة والأخوات الأحباء:
في هذه الفترة الصعبة التي يعيشها العالم بسبب وباء كورونا وما يترتب عليه من تدابير صحية، يجب علينا أن نغتنمها فرصة في العيش والنمو في الإيمان لتجديد حياتِنا داخلياً وإعادة تنظيمها عائلياً واجتماعياً، في ضوء الرجاء والإيمان. ميلاد السيد المسيح يدعونا إلى الرجاء في حضور الرب الإله المتجسّد بيننا لنعيش التضامن والدعم الأخوي والروحي تجاه القريب.

الميلاد رسالة تُعَبّر عن مشيئة الله لنا، وعلينا قبولها وتفعيلها بفرح مع ذوي الإرادة الطيّبة والحسنة، لتتحوّل إلى منابع خير وسلام ومحبّة وازدهار، بهذه المناسبة يطيب لي أن أعرب لكم عن محبّتي وتهانيّ القلبيّة الصادقة وتمنياتي الحارة بعيد الميلاد المجيد، وعن قربي منكم وخاصة المرضى والمتألمين.


في هذا العيد المجيد، أضم صلاتي إلى صلاتكم ورجائي إلى رجائكم ليكون ميلاد السيد المسيح "عمَّانوئيل: الله معنا"، منعشًاً لآمالنا، وآمال جميع الشعوب لتعزيز قيم التسامح وقبول الآخر والاحترام المتبادل والتلاقي والتعاون في إطار من الوحدة والتنوع لبناء أسُس متينة لمجتمع يشرف بلدنا ويخدم مواطنينا.

"إنَّ يسوع أتى ليجمع أبناء الله المُشَتَّتين إلى واحد" (يوحنا 52:11)، "فإن سلامَ اللهِ الذي يَفوقُ كلّ عقلٍ يحفظ قُلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع" (فيليبي 7:4). "فافرحوا وانقادوا للإصلاح والوعظ، وكونوا على رأي واحد وعيشوا بسلام، وإلهُ المحبّةِ والسّلامِ يكون معكم. ولتكنْ نعمةُ ربّنا يسوعَ المسيح ومحبّةُ اللهِ وشركة الرّوحِ القدسِ معكم جميعاً" (قورنتس الثانية 11:13-13).
عيد ميلاد مجيد ومبارك، وكل عام وأنتم وبلادنا وشرقنا والعالم بألف خير.

الجريدة الرسمية