وزير الشئون الخارجية والنقل الأسبق بالسودان لـ فيتو: أزمتنا عمرها 70 عامًا.. نرحب بالاستعمار الصيني.. ونرفض مساعدات الغرب وأمريكا
وزير الشئون الخارجية والنقل الأسبق بالسودان:
أزمة جنوب السودان استمرت داخليا نصف قرن
قضية دارفور وصلت الأمم المتحدة خلال 6 أشهر والهدف لي ذراعنا
لو قبل الجيش بعودة الدعم السريع.. الشعب سيرفض
الخرطوم بها 100 جامعة.. وجامعات مصر أبهرتني
في ظل التحديات السياسية والاقتصادية التي يمر بها السودان اليوم، يظل الحوار حول الأزمات المستمرة في البلاد أمرًا في غاية الأهمية.
ومن بين الشخصيات البارزة التي كانت لها بصمة واضحة في تاريخ السياسة السودانية، نجد "السماني الوسيلة السماني"، رئيس المكتب السياسي المكلف لحزب الاتحاد الديمقراطي، ووزير الدولة للشئون الخارجية الأسبق، ووزير الدولة لتنمية الموارد البشرية الأسبق.
يتمتع السماني بخبرة سياسية واسعة، حيث كان أحد الشهود الفاعلين على التحولات الكبرى التي مر بها السودان، بدءًا من حرب الجنوب وصولًا إلى التغيرات التي شهدها بعد ثورة ديسمبر 2018.
من خلال هذا الحوار، نهدف إلى فهم أعمق للمسائل الكبرى التي تواجه السودان اليوم، وعلى رأسها الأزمة السياسية المستمرة، وتأثيرات الحرب الأهلية على النسيج الاجتماعي، بالإضافة إلى آفاق السلام والمصالحة الوطنية. كما نسعى للاستفادة من رؤيته حول الحلول الممكنة للأزمات المتعددة التي يعاني منها السودانيون، والسبل التي قد تساهم في تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد.
حوارنا اليوم مع السماني الوسيلة السماني، وزير الدولة للشئون الخارجية الأسبق بالسودان، وزير الدولة لتنمية الموارد البشرية الأسبق، وزير النقل الأسبق، رئيس المكتب السياسى المكلف للحزب الاتحادي الديمقراطي بالسودان، رئيس لجنة النقل في المجلس الوطني، ورئيس لجنة الطاقة والموارد المعدنية والمالية والكهربائية.
* كيف ترى الجذور التاريخية للأزمة السودانية؟ هل تعتقد أن الوضع الحالي هو نتيجة لسياسات معينة أو لفشل الحكومات السابقة في التعامل مع القضايا الأساسية مثل الهوية والمساواة؟
- الأزمة السياسية السودانية هي تراكم لعدة مشكلات بدأت منذ الاستقلال، والحديث هنا الآن بغرض الاستفادة من الأخطاء كنقد بناء لتجربة الحكم الوطني بشقيه؛ العسكري والمدني، إذ إنه بعد الحكومة الأولى التي كانت برئاسة الزعيم الراحل إسماعيل الأزهري رئيس الحزب الوطني الاتحادي وقتها، بعد 6 أشهر من الاستقلال حدث في داخل البرلمان أن أعاد الحزب الحليف المعارض حزب الأمة، واستطاع استقطاب بعض نواب من جنوب السودان، ونوابا من داخل الحزب الوطني الاتحادي، وأسقطوا الميزانية الأولى كانت في يونيو 1956، وبعدها تشكلت حكومة قومية إذ كانت تلك الحكومة هي الحكومة الوطنية الأولى والأخيرة في تاريخ السودان، التي كانت لحزب واحد بأغلبيبة مريحة، ولكن الانقسام في الصف الوطني؛ إذ انشق حزب الشعب الديمقراطي من الحزب الوطني، وأصبح هناك الوطني الاتحادي، والوطني الديمقراطي وحده، وبعدها صار هناك تحالف مع خصمه السياسي وهو حزب الأمة.
تطورت الأمور بعد تشكيل الحكومة القومية، ومعروف أن الحكومات القومية الأداء فيها بطيء جدا، أبطأ من الحكومات الديمقراطية، يعني مشاورات هنا، وترضيات هناك، ومعاكسات.. وهكذا.. ولكن باختصار في عام 1958 عندما كان من المؤمل أن يعود إسماعيل الأزهري رئيسا للوزراء في 17 نوفمبر، سلم رئيس الوزراء السلطة، وهذا مثبت، الراحل عبد الله خليل، سلم السلطة لمجموعة من الضباط ينتمون إلى طائفتي الختمية والأنصار، وصدر بيان في تلك الفترة بمسمى "مذكرة كرام المواطنين"، وهذا الحديث الغرض منه أن نقول إن التدخل الأول من الجيش الذي استخدمته قوى سياسية وأقحمت الجيش في الحكم بالسودان لمدة 6 سنوات.
ظهور التيار الماركسي والتيار الإسلامي الحديث
قاومت الأحزاب بعدها، حتى حزب الأمة، هناك جناح كبير كان قد قاوم هذا الانقلاب، وجاءت ثورة أكتوبر.. وقتها كان في الساحة في ظهور للتيار الماركسي، والتيار الإسلامي الحديث، وبدأ الصراع منذ ذلك الحين، واستمرت الفترة الديمقراطية، ولكن تعثرت وكان هناك خطأ بحل الجمعية التأسيسية في 1967، بعد اندماج حزبي الشعب الديمقراطي، والوطني الاتحادي مرة ثانية، وظهر اسم الحزب الاتحادي الديمقراطي الحالي، واستمر.
كان فيه طرد للحزب الشيوعي نواب من البرلمان لأسباب لا نرى أنها كانت تستدعي حل الحزب الشيوعي، ولكن هذا ما حدث، مما قاد اليسار للتحالف مع القوميين العرب والبعثيين إلى أن حدث الانقلاب الثاني وهو انقلاب 1969، وهو الانقلاب الذي بدأ أحمر، وبدأ بهزة عنيفة في المجتمع، فصل في الخدمة المدنية، تغيير النظم كلها إلى النظام الاشتراكي، الفصل العام والمعارك التي قادت الجماهير المعارضة له، فيما تكونت فيما بعد باسم الجبهة الوطنية، والتي كانت برئاسة الشريف حسين الهندي أولا، قبل أن يتولى الرئاسة لاحقا السيد الصادق المهدي، رحمهما الله، وشاهدت الساحة السياسية صراعا عنيفا دمويا، في عام 1970، أحداث في النوبايو والجزيرة، والتي قتلت فيها أعداد كبيرة جدا من جماهير الأنصار، والجماهير المعارضة.
بعدها انقسم قادة الانقلاب، وخرج منه الشيوعيون، وبعد 3 أيام من حدوث الانقلاب عاد نميري مجددا، وأعدم كافة قيادات الحزب الشيوعي الأولى، ومصادرات وأحكام، وهكذا، حتى كتب فيه الكاتب فؤاد مطر اللبناني: "الحزب الشيوعي نحروه أم انتحر؟".
تحول النظام من الاشتراكي إلى مائل للغرب
بعدها جاء التدخل الغربي واضحا، ليحول النظام من الاشتراكي إلى مائل للغرب، وجاءت مجموعة من البروفيسورات ورجال الأعمال، وظهر هناك السماسرة الدوليون الشاعر عبد الحق، وخاشقجي، ومجموعة من الأسماء الكبير، السودانية المرتبطة بالغرب أيضا، واستمر النظام.. كانت هناك تهدئة، واستمر مشروع التنمية كبيرة، ولكن النظام في آخر سنواته تحول وتبنى الطرح الإسلامي المتشدد الذي كان واحدا من الأسباب التي أججت الصراع في الجنوب، وأدى إلى سقوط النظام عام 1985، وبعدها انعكست الآية، وحاول اليمين في التيار الإسلامي هو كان مؤثرا جدا، لأنه في آخر أيام النميري هو كانوا حلفاء له، واستفادوا منه استفادات كبيرة مكنتهم من أجهزة الدولة؛ اقتصاديا وسياسيا وإداريا، وبدأوا في حملة كبيرة ضد النظام الديمقراطي.. أيضا النظام الديمقراطي وقتها لم يميز بين مصلحة السودان، وإنما المصلحة الحزبية؛ حيث توجه الصادق المهدي كان توجهه واضحا جدا للشعور العام بتاع المنطقة.. المنطقة كانت ضد ليبيا وضد إيران هو كان حليفا رئيسيا لهما؛ مما أدى إلى تفاقم الأزمات الداخلية حتى عزلت الجبهة القومية الإسلامية أيضا من آخر حكومة في مارس 1989.
واتخذتها ذريعة، وقامت بانقلاب في 1989، ولم تستفد بأي خطأ من أخطاء انقلاب 1969، مارست أسوأ أنواع الممارسات في الفصل والتشريد والتعذيب والاعتقالات والتطرف الذي أدى إلى أنها اكتسبت عداء كل العالم.
هذه الهزات أنا ذكرتها لأنها أثرت أولا على الخدمة المدنية، أفقدتها كوادر كبيرة ومهمة جدا جعلت من القوات المسلحة بعض الضباط مطية في يد القوى السياسية، وأصبح الصراع واضحا بين اليمين واليسار.. ولجأت جبهة 1969 لإقصاء وفصل كل الذين ينتمون حتى إلى يمين الوسط، والوسط. وجاء الإسلاميون في 1989 فصلوا وشردوا وصادروا واحتكروا كل ما لم يمت لهم بصلة.
هذه الهزات الثلاث، أدت إلى خلل بنيوي أساسي في الاقتصاد، سياسات لم تكن مستقرة، بل متغيرة، على مدار الساعة، إضعاف الإنتاج، إضعاف الخدمة المدنية، التدخل السافر فيها، مما أفقد الدولة هيبتها وانتشر فيها الفساد، والقبلية والمحسوبية، لأن كل الحكومات العسكرية كانت تسعى لاستقطاب القبائل من خلال بعض المثقفين والمتعلمين الذين آثروا السلطة دون أن يفكروا في واجبهم الأساسي نحو دفع العمل الوطني للأمام.

هذا باختصار شديد الخلل الذي كان في الأداء، برزت هناك قضايا مثل مسائل الهوية، الهوية السودانية معروفة "سودان عربي أفريقي"، كان يجب أن تستثمر هذه ليكون السودان هو الوصلة الحقيقية بين العالم العربي والأفريقي وهما عالمان متكاملان متجاوران يجمع بينهما كثير جدا من الروابط المساواة التي كانت خللا، ولكن أستطيع القول إنه لم تكن هناك سياسات بمعنى أن تهمش مناطق عرقيا أو جغرافيا، سوء إدارة، وسوء توزيع في الموارد.. كل هذا أدى إلى بروز حركات في المناطق التي شهدنا فيها صراعات في الفترة الماضية.
* هل تعتقد أن التنوع العرقي والديني في السودان كان سببًا أساسيًا في نشوب الحرب الأهلية؟ وكيف أثر هذا التنوع في تماسك المجتمع السوداني؟
- التنوع العرقي والديني في السودان، أيضا شهدت الفترة الأولى، فترة أيام الحزب الشيوعي الأولى هجمة على الإسلاميين؛ وكل ما يمت إلى الإسلام، حتى الإسلام الوسطي، أدت إلى شعور بأن هذه محاولة لتشكيل المجتمع بصورة أخرى، المجتمع السوداني مجتمع وسطي لا يحبذ التطرف، أيا كان شكله، يمينا أو يسارا، جاءت الفترة الثانية مسألة استخدام الدين في السياسة، حتى في فترة نميري الأخيرة، استُغلت القوانين الإسلامية لتشكل أداة لقمع المعارضين.. جاءت الفترة الثانية، وأعليت شعارات الإسلام دون أن تكون هناك ممارسات إسلامية حقيقية، ولكنها كانت لتثبيت أركان الحكم وارتبطت، ولذلك شعرت كثير من المناطق بأنها هي مثلا الجنوب لأن الجنوب لم يكن يوما من الأيام هناك حساسية أو عدم تسامح، بل بالعكس فالسودان كان من أشهر الدول في العالم تسامحا في مسألة العلاقات الدينية والعتقدات؛ إذ لم تشهد محاكم السودان قط، حتى على مستوى المحاكم الأهلية خلافا أو نزاعا بين مسيحي ومسلم أو يهودي أو خلافه.. السودان مليء بعدة معتقدات أو "الكيور" اللي هي المعتقدات في الجنوب، ناس مسيحيين، ورغم أن الأغلبية مسلمون إلا أنه كان هناك تسامح كبير جدا ولم يكن هناك خلاف أسبابه دينية، وإنما كلها استغلت في فترة المعارضات أو في فترات إلاعء الأصوات، وهكذا..
التوع أثر في التماسك هذا أدى بدلا من أن يكون هو رابطا ومعززا للوحدة الوطنية، إن أُحسنت إدارته، ولكنه كان واحدا من العوامل التي أدت لكل تلك الصراعات.
* ما هو دور الموارد الطبيعية في الصراع في السودان؟ وهل هناك علاقة مباشرة بين الصراعات حول النفط والمناطق الغنية بالموارد وبين الصراع العسكري؟
- الموارد الطبيعية قطعا هي عامل جاذب لكثير من الدول، تسعى إلى الحصول عليها.. الصراع على أشده في القارة الأفريقية وترى الآن القوى العظمى كلها، والقوى الاقتصادية الكبيرة؛ الهند تسعى بكافة السبل ليكون لها وجود، تركيا أيضا، في دخول كبير في القارة الأفريقية، أما الصين فحدث ولا حرج.
وهذا أمر مزعج جدا للغرب؛ لأن الصين تمددت بعد دخولها في السودان عام 1979، تمددت في كل الأقطار الأفريقية، لأن الصين تتعامل بشكل غير الغرب، وأذكر مقابلة للرئيس عبد الله راد، سأله أحد محرري الجارديان البريطانية: فقال له هذا استعمار جديد، فرد: نرحب بالاستعمار الصيني لأنه يأتي ويرشدنا ويوجهنا لأن لدينا موارد فيأتي ويقاسمنا فيها.. صحيح أن الصين فيه تحفظات من بعض الجهات لأنها لا تملك تكنولوجيا لكنها على الأقل تساهم في إحداث تنمية ولا تتدخل في الشئون السياسية والاجتماعية في البلد المعني. وقارن الرئيس عبد الله، وقال القروض التي تأتي من الغرب هي شَرَك.. يمنح من 100 مليون تستنزف منه 50% في تذاكر سفر وفنادق ومرتبات وعندما تتم دراسة المشروع يكون محتاجا إلى تغطية جديدة، وهكذا يظل الدين متراكما وفوائده وهي أخطر أنواع الاستغلال الاقتصادي.
هذا الصراع على الموارد؛ صراع النفط، الذهب، السودان يملك أكثر من 45 معدنا، فيها على الأقل 10 معادن هامة جدا، وتشكل أزمة حقيقية، وعنصرا أساسيا في هذا الصراع.
= كيف تنظر إلى السودان، بعد الاستقرار وانتهاء الصراعات؟
- لا بد من حسن إدارة هذه الملفات بعد أن يتحقق الاستقرار؛ فالسودان يحتاج إلى شراكات كبيرة، مع دول تمتلك التكنولوجيا والمال، نحن نرى أن السودان ومصر والسعودية يمكن أن يشكلوا قاعدة لانطلاق ضخم لأن مصر والحمد لله بها نهضة صناعية خبرات في مسائل البنية التحتية، والسعودية لديها قطعت شوطا كبيرا في مسائل البنية التحتية، المختلفة، ولديها وفورات وتسعى لتتكامل وتؤمن البحر الأحمر، مع مصر والسودان؛ لأنه يشكل هاجسا كبيرا جدا.. هذا البحر الأحمر الذي يربط عالمين ويشكل تهديدا مباشرا، ولذلك نحن ننادي من هنا أن تكون هناك شراكة سياسية، واقتصادية بين هذه الدول الثلاث، وتمتد تتوسع لأن السودان من خلفه عدة دول تحتاج إلى كل شيء، ويمكن أن تكون صادرات المصانع السعودية أو المصرية المتقدمة جدا، عن طريق السودان إذا تم توافق بين قيادات البلدان الثلاث، ووضعت الخطط والسودان شريك في هذا بموارده الطبيعية المهولة.
تأثير الحرب الأهلية
* كيف ترى تأثير الحرب الأهلية على الحياة اليومية للسودانيين، وخاصة في المناطق المتأثرة بالصراع مثل دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق؟
- تأثير الحرب الأهلية الحالية على الحياة اليومية واضح جدا، في أنه أولا هذه الحرب، تدعي الدعم السريع أنها جاءت لإحداث ديمقراطي وتغيير وهكذا، ولكننا شاهدنا وشاهد العالم أنها ما وطئت أقدامها منطقة إلا أذاقت الناس الأمرين، عذابا واغتصابا وقتلا، وسرقة ونهبا وتحطيما للبنية التحتية، وهذا أمر مستغرب، ويوثق هذه الأشياء لأنفسهم، يعني كانت الأدلة بتطلع منهم هم، ولذلك تشاهد الهجرات من مناطق، وهم ينعونها الناس من الخروج إلى مناطق آمنة، وكل من خرج إما أن دفع مبالغ طائلة أو تحمل مخاطر كبيرة؛ فقد أسرته، أو فقد جزءا مننها أو أكرمه الله بأن ينفذ بجلده، والآن لديك مثال الذين نزحوا من مدن دارفور خلسة أو بأي طريقة أو بعد أن تمكنوا بأي سبل، نزحوا إلى المناطق المسيطر عليها الجيش، والموجود فيها الشعب السوداني الآخر، الذي ليس لديه دخل في هذه الحرب المدعى بأنها لتحقيق ديمقراطية وخلافه.
* ما هي أبرز التحديات التي تواجه المجتمعات المتأثرة بالنزاع مثل النازحين والمجتمعات الحدودية؟ وهل هناك أفق لحل قضايا اللجوء والتهجير القسري؟
- التحديات التي تواجه المجتمعات المتأثرة بالنزاع، شاهدنا وسمعنا حتى المجتمع الغربي يتكلم عن جرائم الدعم السريع، بدأ يمنع حتى قوافل الإغاثة ويعدل سيرها ويصادر بعضها، ولذلك اضطر الكثيرون للجوء إلى جمهورية مصر العربية الشقيقة والتي نشيد بها، قيادة وشعبا، وحكومة، أنها فتحت أبوابها واسعة ونتمنى أن تسعى الحكومة المصرية لتصحيح بعض العقبات، حتى يعود الإنسان السوداني الشقيق إلى السودان.. مصر والسودان بلد واحد عليهم قدر أن يكونوا سويا، ولذلك يعني ما قدمته مصر محل الإجلال والإكبار، ونأمل من القيادة المصرية أن توجه بتذليل بعض العقبات التي تصاحب بعض الإخوة الموجودين في التعليم والعلاج والإقامات، لأن الآن السودانيين مشتتون في مصر والسعودية وعمان، وفي بعض الدول الأفريقية، وكثيرون لا يستطيعون الخروج من السودان؛ ولا يعرفون أين يتجهون.
ولذلك هذه التحديات نأمل من الدول التي لجأ إليها الوسدانيون أن تساعد في هذه المرحلة أن تذلل أمامهم هذه الصعوبات.. لقد خرج البعض، ونحن منهم، خرجنا حتى لا نملك ملابس!! خرج الناس، كما يقال، بجلدهم، لا أموال، ولا ملابس، ولا شهادات، ولا وثائق.. كثيرة هي المشاكل والتحديات، ونطالب أن تذلل هذه العقبات.
* كيف تقيم الجهود الدولية والإقليمية في مساعدة السودان على تخطي أزمته الإنسانية؟ وهل ترى أن هناك تنسيقًا كافيًا بين الأطراف المحلية والدولية في تقديم المساعدات الإنسانية؟
- الجهود الدولية هي في المسألة الأمنية، الحديث فيها أكثر من الفعل، والحركة صارت بطيئة، ومحتاجة منهم لفعل أكثر من الحديث الكثير.. مثلا يمارسون ضغطا على الجهات التي تدعم الدعم السريع، حتى يفتحوا المسار للقوافل الإنسانية ولا يصادروها.
* كيف يمكن تحقيق المصالحة الوطنية في السودان بعد سنوات من الصراع الدموي؟ وهل تعتقد أن هناك فرصة لإعادة بناء الثقة بين الجماعات المختلفة؟
- تحقيق المصالحة الوطنية في السودان أمامه عقبتان أساسيتان أو ثلاث.. الجماعات المتصارعة الآن، هناك استقطاب حاد جدا.. الدعم السريع نفسه، لم يساعد نفسه.. في فترة من الفترات كان فيه الكثيرون، وقيادته أعني، كان جزءا من هذا المجتمع.. كان نائبا لرئيس الجمهورية، ورئيسا للجنة الاقتصادية العليا، ولجنة السلام، ويمتلك جبل ذهب، ويسيطر عليه، ولديه علاقات دولية.. كان له وجود حقيقي في المجتمع، ولكن بعد 15 أبريل والممارسات التي حدثت من قوات الدعم السريع.. كيف تحتل منزل مواطن بريء، وتتمسك بعدم الخروج؟! هل المواطن دخل معك في معركة؟! هل هو متورط في الحرب الأهلية؟! كيف تحطم البنية التحتية؟! شهدنا الحروب في الدنيا كلها ما مست المدارس والجامعات والمستشفيات والكهرباء والمياه، وتسميم مصادر المياه.. أشياء لا يصدقها عقل، بخلاف القهر النفسي والتعذيب والاعتقالات والقتل، مسألة مخيفة، ولم يصدقها الشعب السوداني بالمرة، شعب مسالم تصور أن يدخل عليك 20 عسكري في بيتك، وأنت وسط أهلك، ويأمرك بالخروج من البيت، وأنه لن يخرج لأني احتليت البيت، كيف؟!! أنت تحتل البيت بقوة السلاح، وبدون معركة.. أنت تأخذه عنوة!! وفي حالة ضعف.. أسلوب رخيص أن تأتي بـ20 عسكري ليصادروا البيوت ويسرقوا ويغتصبوا.. هذه عقبة حقيقية ستكون أما المصالحة لاحقا. وأنا لا أدري هل هم يدركون هذا أم لا.
المسألة الثانية؛ أنه لا يمكن أن يكون هناك يصدق أحد أن يكون الدعم السريع جزءا من القوات المسلحة، لأنه في الدنيا كلها، يحدث تمرد يحسم بالآليات العسكرية الموجودة.. ولا يجامل.. ونستغرب من العالم الذي تعامل مع الدعم السريع وكأنه موازٍ للجيش السوداني، الذي عليه، بالدستور، أن يحمي الوطن، ويحمي حدوده.. وعليه ينبغي ـن نفرق بين الجيش الذي من واجباته أن يسعى للتسليح من أمريكا من روسيا، وعلنا، باتفاقيات عسكرية، ويعقدها، وينفذها، ويأتي أحدهم ليزعم أن على الجيش أن يوقف مصادر تسليحه!! كيف؟!! الجيش السوداني تسليحه من المواطن السوداني الذي يدفع الضريبة من ماله لكي يتدرب الجيش، ويشتري أسلحة وطيران، وسفن وذخيرة، ومصانع، وما إلى ذلك.. ليحميهم.. لا يمكن أن يقارن بفضيل تمرد وشن حربا عليه في غدر، وهو يتسلح من دولة تستخدم 5 أو 6 دول حولها، والناس يكونون مقتنعين أنه يمكن أن يعود جزءا من العملية السياسية أو العسكرية..
هاتان هما العقبتان الحقيقيتان أم القوات المسلحة، إن أرادت أن تقبل هذا فالشعب سيرفض.
* ما هو دور المنظمات الإقليمية مثل "الجامعة العربية" والاتحاد الإفريقي في حل النزاع السوداني؟ وهل ترى أن هناك تأثيرًا حقيقيًا لهذه المنظمات في التوصل إلى حلول فعالة؟
- هذه المنظمات سعت، لا نستطيع أن نقول إنها لم تسعَ، ولكن كانت العقبة هي الصراع السياسي بين القوى المدنية، وحاولت جهدها، ولكن ليس بالمستوى الذي كنا نتوقعه.. قطعا.. وهذا هو دورها الأساسي للمنظمات الإقليمية هي صاحبة الأولوية في حل النزاعات.. ولكنها كانت في أحايين كثيرة، ربما خجلى، ربما ملوية الذراع، نحن نشهد في الجامعة العربية، أو في الاتحاد الأفريقي تحديدا، وهو الذي كان يباشر هذه العملية، كيف يتسنى له.. المنظمات فيه ملاحظات في الفترة الماضية.
* كيف ترى دور الأمم المتحدة في معالجة الأزمة السودانية؟ هل كانت بعثة الأمم المتحدة في السودان (UNAMID) قادرة على تحقيق أهدافها؟
- الأمم المتحدة بدأت بالقصة بتاعة يونيميد، كانت لها فترة محددة، وبدأت العمل.. أيضا كان فيه خلل، ولكنها كانت تحت رقابة دولة، وكانت الدولة متماسكة، وتوصلوا معهم إلى المرحلة التي كتب فيها أن "السودان خرج من مرحلة الحرب، وبدأت مرحلة التنمية والإعمار".... وكذا.. ولكن تأزمت الأمور، وكانت وقتها أنه حتى زمن البعثة انتهى في 2018 أو 2019.. لا أذكر، وأتذكر أنها حققت نجاحا مقبولا ومعقولا، وكانت لأنها كانت مدعومة من الأمم المتحدة، وكان معها الاتحاد الأفريقي، وساهمت الدول العربية، كثيرا في تمويل الاتحاد الأفريقي والمنظمات الإقليمية هذه في كثير من الأحيان تُلوى يدها بالعجز المالي، فتجد صعوبة في تسيير أمورها، والحق يقال في هذا أيضا.
* كيف يمكن تحقيق العدالة الانتقالية في السودان لضمان محاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت خلال الحروب الأهلية والنزاعات الداخلية؟
- العدالة الانتقالية في السودان لا تستثني أحدا، حتى لو فيه فرد من الجيش مارس ممارسات غير سليمة أو مواطن أو خلافه لابد أن تطاله يد العدالة، وهذا يحتاج أيضا أن نستفيد من الأمثلة الكثيرة التي حدثت، مثل رواندا، وجنوب أفريقيا، في كثير من بلدان العالم، ولكنه لا يعني عدم تحقيق العدالة، والمساح فيها يأتي من الفرد أن الله، سبحانه وتعالى، لا يغفر الظلم في حقوق الأشخاص، وقد ذكر في الآيو الكريمة: "إلا من عفى وأصلح فأجره على الله"، ولكن الشئون العامة ممكن الدولة تتسامح لكن المشكلة الأكثر تعقيدا الآن في السودان هي الحقوق الخاصة للأفراد والمؤسسات والشركات، والاغتصاب والقتل والنهب، والسرقة، وهذه ستكون إحدى العقبات التي تحتاج للتفكير في كيفية التوصل إلى حلول بشأنها.
* في حال توصل السودان إلى تسوية سلمية شاملة، ما هي الخطوات التي يجب أن تتخذها الحكومة لتفادي تكرار النزاعات مستقبلًا؟
- النزاعات.. تعريف الحرب هو السياسة بأساليب أخرى، ولذلك على الذين يتحدثون عن وقف الحرب، ويتحدثون عن هدنة لا بد أن يكون هناك مراعاة لهذا الأمر أيضا.. نوقف القتال والحرب.. هل توقف الحرب لكي تمنح الطرف المعتدي الفرصة ليذهب ويستعيد أنفاسه، أم تجفف المنابع التي تمده بالسلاح في فترة هذه الهدنة؟! هذا سؤال كبير جدا، ولذلك لضمان عدم تكرار النزاعات لابد أن يكون مع إيقاف الحرب رؤية سياسية تعالج أسباب قيامها، ومعروف أن هذه الحرب هي الدعم السريع فيها حصان طروادة، استخدمته مجموعة محددة جدا، مع قوى إقليمية، لكي يحدث التغيير، وهذا أمر ليس خافيا.. كان فيه حديث عن إعادة تشكيل الجيش، والقضاء والشرطة، والقوانين.. وسيداو، وغيرها من الأشياء التي كانت ستُفرض.. هذه كانت الخطة التي كانوا يحققونها بانتصار الدعم السريع في حربه.
الشعب السوداني تعود أن يلتقي في جبهة وطنية كبيرة
* ما هي رؤيتك لمستقبل السودان على المدى الطويل؟ هل تعتقد أن البلاد يمكن أن تتجاوز أزماتها السياسية والاجتماعية وتتحقق فيها العدالة والتنمية؟
- الشعب السوداني تعود في كل الأزمات أن يلتقي في جبهة وطنية كبيرة.. حدث هذا في الاستقلال.. في أكتوبر.. في أبريل 1985.. والسبب الأساسي في أنه في 19 انحراف الثورة، رغم أنها كانت ثورة شعبية وكبيرة، حتى شارك فيها ناس من النظام السابق، والأحزاب
لأنها لم تكن هناك قيادة كما حدث في المرات السابقة التي حالما سقط النظام واستسلم تشكل مجلس عسكري عالي، وحكومة مدنية كاملة الدسم، لتعيد توازن الأمور، وتسد الفراغ الأمني، وتعالج القضايا المطروحة، وتصنفها بأولوياتها؛ المعالجات الاقتصادية قصيرة المدى.. المتوسطة.. البعيدة.. تعيد لها نشاطها، وتشكل لجان الإحصاء، ولجان إعداد الدستور، ولجان للحوار، تعمل على إجراء الانتخابات في توقيت محدد، وبرقابة، هذه كانت مفقودة في الثورة الأخيرة، وهي ثورة عظيمة جدا، ولذلك انحرفت وحدثت فيها تدخلات شهدنا فيها سفراء دول أوروبية وأمريكا، يدخلون ويدلون بتصريحات مخيفة جدا، تدخل سافر وصل لحد أن السفير البريطاني يصرح بأنه سيقدم دعما لميزانية مجلس الوزراء بمبالغ شهرية، ويتكلم عن أنه يوجه ويتدخل في اجتماعات السياسيين، ده كان أمر مخزي ومحزن.. في الوقت الذي كان المفروض أن يكون هناك حوار، أو تكون هناك قوى، تدرس القضايا الخلافية، وتجري حوارا سودانيا.. من أخطأ يطبق عليه القانون بدون أي تشهير أو كلام كثير.. القانون ياخد مجراه ضد أي شخص إذا ما ثبت ضده.. أما مسألة الحوار حول القضايا لاخلافية هو حق متاح لأي جهة، إلا من عزلته المحاكم حتى لو كان حزبا سياسيا قررت المحاكم أن يحرم لفترة، يكون قرار بإجماع شعبي، ولكن ليس على الأفراد لأن هذا يعديد فورا الصراع ما بين طرفين راح ضحيتهما الشعب السوداني، التسعين في المئة، وليس القائمين على الأمر.
ولذلك مستقبل السودان لابد أن يكون هناك حوار سوداني – سوداني، فيه نقد ذاتي للتجربة التي ذكرتها، ونرفع شعار "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر"، أخطاء كل الأحزاب شاركت.. أحدا بـ1%، وواحد بـ 2%... في أعمال أدت إلى هذه الفوضى التي أدت إلى هذه الحرب.
وأكرر أن الحرب هي السياسة بوسائل أخرى، ولذلك لابد لكي نطفئ نار الحرب بمخاطرها أن يكون هناك نظام وحوار يؤسس لرؤية كيف يُحكم السودان، وتكون فيه كل فصائل هذا الشعب السوداني معبَّرا عنها في دستور بفئاته المختلفة؛ جيشه، مهنييه، عماله، زراعه، قواه التقليدية.. كل له أدواره المحفوظة بالدستور، حقوقا وواجبات، وهذا ليس صعبا، ولكن يحتاج إلى تجرد، وأ، نكون كلنا ننزع هذه الأطر الضيقة، ونتكلم عن السودان حتى يكون له مستقبل، كما ذكرت، ولا تتكرر الأخطاء، وألا يكون هناك تصارع على الحكم، ولكن نتصارع لكي نحسن أداء وحياة لمواطنينا.
* خلال فترة توليك منصب وزير الدولة للشؤون الخارجية، ما هي أبرز القضايا الدولية التي عملت على معالجتها أو كانت تشغل أولوياتك؟
- القضايا الدولية كانت كبيرة جدا، وليس فقط مسألة قضية دارفور التي صعدت في خلال 6 أشهر، بينما قضية جنوب السودان 50 سنة.. لم تصل للأمم المتحدة، وكان أمرا مضحكا، في 6 شهور، وبعد ما ساهمت أمريكا في حل وبعض الدول في الوصول إلى ما عرف بـ"اتفاقية القضايا المصيرية"، واتفاقية السلام في جوبا، تلقى السودان وعودا مغرية جدا، ولكن بعد 6 شهور اندلعت أعنف معارك في دارفور، وكان من خلفها كثير جدا من الدول، كنا نشاهدهم في المحادثات في أبوجا، وأ،ا كنت عضوا في الوفد السوداني.. هذه كانت المشكلة الأساسية، والتي قادت إلى محاولات لي ذراع السودان، لكي تكون هناك قوات أممية بالقوة الزرقاء ولكنها بمساعدة الأشقاء في القارة الأفريقية والعالم العربي تم التوافق على أن تكون هناك قوة أفريقية، مع قوات تحت الإدارة الأممية، وأن يكون للسودان الحق في أن يختار حتى القوات الفنية التي لا توجد في الاتحاد الأفريقي فالسودان يرشح الدول التي يراها، ولذلك كانت هذه إحدى القضايا الأساسية.
وكانت هناك مسألة المحكمة الجنائية، والمسائل الأخرى الأكبر، والتي سعينا فيها كثيرا وهي العلاقات السودانية الأمريكية، ورفع العقوبات؛ لأنه، بالمناسبة، كان هناك كلام كثير أنه أمريكا كانت تخيف الآخرين.. السودان لم يكن مقاطعا من أوروبا، ولكن الفرمانات الأمريكية من يتعامل مع السودان يوضع تتحت طائلة العقوبات الأمريكية، وهذا في ذاته عالم يجب أن يعاد النظر فيه.. أمريكا تتدخل فتفرض عقوبات بقوانينها هي على دول وأشخاص، هذه المسائل التي كانت تؤرقنا وكنا نتحرك فيها بقوة.
* كيف ترى العلاقات السودانية مع الدول المجاورة ودور السودان في القضايا الإقليمية؟
- واحدة من ميزات الحكومات الديمقراطية أن علاقاتنا حسن الجوار، مميزة جدا، لا توجد بها أشياء تذكر تؤدي إلى تهديد أمني والسودان دولة نقول، وبكل فخر، إن كان هو سبب الماكل الآن، ولكن السودان لم يطرد أي أفريقي وصل إليه بأي شكل من الأشكال، أذككر أنه عندما كان يأتي وزير أفريقي من ضمن برنامجه مقابلة أبناء الجالية الأفريقية من كل الدول الأفريقية، من جنوب أفريقيا إلى ليبيا.. كلهم السودان بلد مفتوح، وبكل اللهجات الموجودة فيه من غرب وشرق وجنوب أفريقيا، كلهم موجودون، وتأثرت في الفترات الأخيرة بالصراعات المؤججة من الخارج.
مثلا مشكلة دارفور والصراع التشادي والصراع الليبي، الصراع الإثيوبي – الإريتري، الأوغندي، ولكنها ظلت طوال الفترات الأولى قبل عام 1989 لم تكن هناك مهددات للأمن السوداني من دول الجوار.
* عندما توليت منصب وزير الدولة لتنمية الموارد البشرية، كيف كان تقييمك لحالة التعليم والتدريب في السودان؟
- للأسف أسستُ أنا وأخ زميل، الوزارة وكانت مهمة جدا، وأذكر أنه لما تم تعيننا جاءتنا دعوتان من الهند ومن ماليزيا.. وهما دولتان بهما هذه الوزارة التي تتبع لها وزارات كثيرة جدا، وأسسنا لهذه الوزارة، ولكن بعد عامين أضيفت هذه الوزارة إلى وزارة العمل وحلت وخرجنا نحن من الحومة، ولكن وضعنا أسس لمسألة التعليم التقني المنفصل لأنه كان في السودان نظام تعليم تقني شديد جدا من أشهر الدول الموجودة في المنطقة، فيما كان يعرف بالمكعهد الفني، والكليات التكنولوجية، والمعهد الزراعي، والمعاهد التجارية، وللأسف الشديد في فترة الثلاثين سنة الأخيرة تم تحويلها إلى جامعات أصبحت أكاديمية، وانقطع العمل الفني، لذلك فقد السودان فرصة كبيرة جدا في تأهيل أبنائه فنيا وتقنيا.. نحن أعدنا ترتيب هذا الأمر، وعملنا علاقات مع دول كثيرة، وذهبنا في مسائل الخريجين وتشغيل الشباب، وكيفية عمل مشروعات كبرى لهم كمجموعات وأفراد، وكانت مهمة جدا، وخرجنا أعادا كبيرة في كل الولايات تم تدريبهم لا تقل عن 2000 شاب في كل ولاية، خلال العامين، نالوا تدريبا في مشروعات معينة، وكيفية إدارتها، ورفعنا حاجز التمويل، حتى نمكنهم من إنشاء المشروعات وتوفير فرص عمل.. ولكن الوزارة حلت وفي هذا كلام كثير.
أيضا، هذه الوزارة كانت معنية بالتعليم التقني، مع الأكاديمي.. كنا نفكر كيف نمد السوق بكميات من المدربين؛ مما يؤدي إلى النهضة الصناعية والزراعية في السودان.
التعليم في السودان
التعليم في السودان، التطور فيه كان كبيرا جدا في العدد، في عدد الجامعات بحيث أصبحت أي ولاية في السودان بها جامعاتن أو أكثر، ناهيك عن العاصمة بها أكثر من 100 جامعة، أو مؤسسة تعليمية جامعية، ولكن كان ذلك يحتاج إلى اهتمام أكبر في مسائل البنية التحتية وتقديم المساعدات لهم، خاصة أن التعليم الأهلي الذي يساعد الدول بأكثر من 45% من حصة التعليم، ولذلك كان يفترض أن يواكب التطور العالمي، خاصة أن السودان انقطع فترة عن العالم، والتعليم تطور جدا.. ولعل من حسن الحظ أننا شاهدنا في مصر كيف تطورت الجامعات الحكومية، وتطور العمل في الجامعات الخاصة، وأصبحت بحق مفخررة كبيرة جدا لنا كأفارقة وعرب، ومصر أصلا هي قبلة للتعليم من قبل، منذ فترة كبيرة، القاهرة، الأزهر، عين شمس، الأسكندرية، الزقازيق، طنطا.. كلها كانت مرتبطة بالسودان جدا، وكانت تقدم منحا وخريجي بأعداد كبيرة جدا، نتمنى أن تعود هذه الروابط، وتعود الجامعات المصرية إلى السودان، لأننا نحتاج الآن أن نوحد بين مشاعر وطموحات شبابنا الذين دخل بينهم استلاب ضخم وخطير نتيجة للتكنولوجيا الحديثة والمتطورة، وأفقدهم حتى الرغبة في التواصل مع بعض كأبناء أمة واحدة، وجوار، يربط بينهم كثير من الوشائج والروابط، وهذا مرتبط بالتعليم لأن الناس اليي بيقودوا السياسة بعد تخرجهم لفترة 40 سنة بيكونوا هم في محل إصدار القرار.
• وماذا تقترح في هذا الصدد؟
- أناشد القيادة المصرية أن تولي ملف التعليم والشراكة فيه بين الجامعات المصرية والسودانية ووجود جامعات مصرية في السودان هم جدا، جدا، جدا.
* في فترة توليك وزارة النقل، ما أبرز المشاريع التي عملت على تنفيذها لتحسين البنية التحتية في السودان؟
- أما وزارة النقل فأبرز المشروعات التي عملتها فيها هي إعادة تأهيل السكك الحديدية، لأنها هي واحدة من أهم وسائط النقل، وكان عندنا في السودان انفتاح كبير جدا في المشروعات الزراعية، والسودان بلد مترامي الأطراف، وبدأنا في عمل كبير وضخم وخطة للسكة الحديد، وتلقينا قرضا لدراسات جدوى اقتصادية من الحكومة الفرنسية، حيث دعيتُ كوزير للنقل في عام 2003، ومنحونا نحو 750 ألف يورو، وجاءت شركة السكك الحديدية القومية الفرنسية، وعملت دراسة جدوى، وحتى الآن وزارة النقل، حسب علمي، تدرس تنفيذ هذه الخطة لأنها سارية حتى الآن.
أيضا دعيت إلى هولندا، حيث تمت الموافقة على تمويل دراسة لمجرى النهر من الخرطوم إلى جوبا على 3 مراحل، حتى يصبح بالإمكان تسيير رحلات نيلية تجارية وسفرية على مدار الـ24 ساعة، كما في مصر، وسعينا، وكان معي وقتها أخوان عزيزان، الراحل حمدي الشايب، رحمه الله، في بداية عهدي في الوزارة، وبعدها جاء الأخ العزيز الدكتور عصام شرف، وكنت التقيته حيث كان يأتي كمستشار لشركة كويتية، وأتذكر مع الدكتورة فايزة أبو النجا، وكانت وزيرة الدولة التعاون الدولي، والمرحوم عاطف عبيد، والدكتور مختار خطاب أيام توليه وزارة قطاع الأعمال، كنا نسعى للربط السككي بين أسوان وحلفا، وتجديد الخط من حلفا إلى الخرطوم، وبدأنا في مشروع كبير جدا في تعميق حوض مرسى السفن في حلفا، وبدأنا مع هيئة الموانئ السودانية في ميناء حلفا، وإدخال نظام التبريد، وعندما تتجدد القطارات، وتعمل خط سكة حديد تكون هناك مجازر حديثة تورد الآلاف الأطنان من اللحوم إلى مصر التي تستورد بمبالغ ضخمة، وهذه لحوم طازجة، هذا واحد من المشروعات الضخمة.
ولكن للأسف أنا خرجت من الوزارة في 3005، وتوليت وزارة الخارجية ولم تستمر الجهود في هذا الاتجاه، والواجب الأوجب الآن أن يتم هذا الربط، لأنه أصلا هناك مشروع للسكك الحديدية من الأسكندرية إلى كيب تاون، لربط الدول الأفريقية.
وحال يعود الاستقرار إلى السودان أرى أن تسعى الحكومة السودانية مع الحكومة المصرية مع الشراكة السعودية ليكون هناك تجديد خط كسلا، القطارف، الخرطوم، سنار، الجنينة، والخرطوم، بورسودان، عطبرة.. والخرطوم، عطبرة، أسوان، بناء جديد.. وحلفا، عطبرة إصلاح، حتى تكون هناك شبكة قوية لنقل المحاصيل واللحوم والحيوانات الحية، المتوافرة بكميات كبيرة في زمن يسير، لتصل بصورة جيدة وطازجة، وهذه شراكات يجب أن يكون فيها قطاع خاص، برأس مال كبير، وشركات ضخمة تقوم بهذا العمل، لا تترك فقط.
أيضا الآن لم تكن هناك فرصة، وستتاح بعد الاستقرار.
في النقل ايضا المضي قدما في مشروعات توسعة وتعميق المرسي في الميناء تلاخضر تخصيصمنطقه لواردات دولة تشاد واثيوبيا..البدء في الموانى المتخصصة كالمحروقات والغاز، وصادق الثروه الحيوانيه..
اما الخطوط البحرية السودانية بعد كانت معروضه للبيع بسبب تعثرها، اعدنا ترتيب اوضاعها اداريا وتخطت تلك المرحله في وقت وجيز، مما مكننا من ابرار شركه مع شركة الخطوط الماليزيه التي أضافت باخرتين حاويات كمرحله أولية، ومراجعة وتقويم أداء هيئة وادي النيل للملاحة.
* ما هي الحلول التي يقترحها حزبكم لتحقيق الاستقرار السياسي في السودان؟
- الشرط الأساسي أن تتوقف القوى السياسية وتتنازل عن هذا الصراع المحموم، وتبعد عن خلفية ذاكرتها العمل على أن تكون في السلطة، وحوار يتجنب أخطاء الماضي كلها، ويكون أساس الحكم فيه لرؤية موضوعية
زعيمنا الراحل الشريف هندي عنده مقولة خالدة: نحن في مرحلة الإحراج الإلهي في السودان، منحنا كل شيء، ولم نفعل شيئا، ولذلك مهم جدا أن يكون الآن الرؤية بيننا وبين كل القوى السياسية أن تترك كل أسباب الصراع، وليست هناك قضية ليس لها حل، وحتى إن اختلفنا فيها نرجئها، وحتى إخواننا الذين يحملون السلاح بمختلف المسميات طالما عندك مشكلة وأرزتها، وتم الاعتراف بها لماذا تقاتل؟!!
اجلس لتجد لها الحل مع إخوانك ومع أشقائك ونعمل على أن نعيد ترتيب أوضاعنا حتى يأتي إلينا العالم ليشاركنا في هذه الثروات الطائلة التي تكفينا وتكفي الدول التي تسعى للحصول عليها، وهذا أمر ميسور لكنه في يد القوى السياسية، ويجب أن يكون التنافس من أجل أن نصير إلى الأفضل، ونتخطى العقبات ونضع خطا لا يأتي بعده شخص، ويستغل قوة عسكرية ويحدث انقلاب، تاني ونعيد الداكرة لهذه الدائرة الجهنمية.
* في رأيك، ما هي خريطة الطريق التي أن بالإمكان إنهاء الصراع الدامي من خلالها ؟
- إذا أراد المجتمع الدولي أن يساعد، الآن رأينا الرئيس ترامب بتصريح غريب أنه نشكر الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، لأنه إن كان صدق ترامب في أنه لم يكن يعرف بأن هناك حكومة في السودان، وكان يظن أنها كانت فوضى.. أنت لك 4 أو 5 سنوات في ولايتك الماضية، وكنت تتكلم عن العقوبات.. فهل هذا هو فهمك للوضع في السودان.
هذه الحقيقة، وقال له الأمير محمد أنه آن الأوان لوقف هذه الحرب
وهذا لن يحدث إلا إذا توقف التدخل وتجفف المنابع التي تؤدي إلى حصول الدعم السريع على الأسلحة، واعتباره فصيلا متمردا على الجيش السوداني.. الحرب لن تقف.. هذا الأهم في بداية خريطة الطريق.. وأن تسلم كل الحركات المسلحة أسلحتها، تحجز في مناطق محددة مراقبة من الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة.. تحصر هذه الأسلحة، ويكون هناك أسلوب إعادة الدمج والتسريح وفق القوانين الخاصة بالجيش والشرطة والأجهزة المدنية.. فليس ممكنا أن يأني شخص ليس لديه أية مؤهلات لأعينه مسئولا في القوات المسلحة.. هو ليس لديه حصيلة، ولكن لمجرد أنه كان "فريق" في الدعم السريع، ولكن هناك هناك قوانين يجب أن تطبق، وبعدها تحصل المصالحات والتعويضات.. ما يمنع الناس من تكرار هذا الأخطاء.
* ما تقييمك للدور المصري في الأزمة السودانية؟
- سئلت في لقاء سابق، فقلت عندنا قول مأثور: "مصر يا أخت بلادي يا شقيقة"، هي الشقيقة هي المتضررة من الانفلات الأمني في السودان، هي التي تجني ثمار الاستقرار؛ ولذلك ظلت العلاقات بين مصر والسودان في أزمان كثيرة جدا، في 1967، في قناة السويس، في حرب فلسطين، في التعامل التجاري.... إلخ.
إن كانت هناك أخطاء في الماضي علينا كشعب وقيادات، أن نراجع هذا في هدوء، وليس عيبا أن نراجع أخطاءنا، ولكن العيب أن نستمر فيها أو نخجل أو نخفيها، لنصنع علاقة خلقها الله لتكون قدرية، ليس لأي فرد في مصر أو السودان، من الشعب أو القيادات، حق مناقشتها إلا بما ينفع البلدين.
ولذلك طالبنا كحزب أن تعود مصر إلى تولي بقوة في المشهد وأن نعيد الاتفاقات التي تؤمن مصالح البلدين، الدفاع المشترك، التجارة التكامل... نحن دولتان 18 مليون، وهذه كتلة اقتصادية وراءها كم هائل من الموارد الطبيعية؛ الموقع، المياه، والأنهار، المعادن، تشكل قاعدة يمكن أن تكون قوة محورية تحمي ظهر مصر والسودان.
هذا إن تم وأضيفت إليه السعودية كشريك استراتيجي لهذا التجمع الكبير.
* هل يمكن أن نرى منك دورًا أكبر في المستقبل في السياسة السودانية؟
- السياسي ليس لديه معاش، ولكن بقدر ما يستطيع أن يعمل، وليس بالضرورة في وزارة، أو قيادة حزب، ولكنه يمكن أن يكون في دائرة قرار كمساهم في الرؤية والدراسات والحشد بكتاباته، وهذا لن نتوقف عنه إلى أن يقدر الله، حتى ترتفع راية السودان عزيزة وشعبه حرا ينعم بالاستقرار كما يحلم بإذن الله.
* في نهاية حوارنا، هل هناك رسالة ترغب في توجيهها إلى الشعب السوداني؟
- رسالتي أن يتوحد تتوحد إرادته، كلمته، عزيمته، وتحديدا لمثقفيه ومتعلميه، وهذا دورهم أن يتقدموا الصفوف ليكونوا السند الحقيق للتغيير في الفترة القادمة، بعيدا عن الأحزاب، والقوى المختلفة.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا




