عباقرة ولكن مجهولون.. ابن جُرَيْج، "إمام الحجاز وفقيه أهل مكة"
على مر التاريخ الإسلامي لمعت أسماء عباقرة في مختلف المجالات مثل: ابن الخطاب، والصديق، وعلي بن أبي طالب، وعمر بن عبد العزيز، والبخاري، والشافعي، وابن حنبل، ابن سينا.. ابن رشد.. الكندي.. الفارابي.. الخوارزمي.. الطبري.. أبو حامد الغزالي.. البوصيري.. حتى محمد عبده.. المراغي.. المنفلوطي.. رفاعة الطهطاوي.. طه حسين.. العقاد.. أحمد شوقي.. عبد الحليم محمود.. محمد رفعت.. النقشبندي.. الحصري.. عبد الباسط.. وغيرهم، في العصر الحديث.
لكن هناك أسماء مهمة كان لها بصماتها القوية على العلم والحضارة، ولا يكاد يعرفها أحد.
في هذه الحلقات نتناول سير بعض هؤلاء العباقرة المجهولين.
ابن جُرَيْج، "إمام الحجاز وفقيه أهل مكة"
ثقة ثبت، وإمام من كبار الحفاظ، محدّث من فقهاء الحجاز وقرائهم، ممن جمع وحفظ وذاكر. أول من صنّف كتب الحديث في الإسلام. وقد خرج له الجماعة.
مولده ونسبه
هو أبو الوليد، عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيْج، المكّي. رومي الأصل، كان مولى لآل خالد بن أسيد الأموي.
ولد ابن جُرَيْج ولد عام 80 هـ - 699م، بمكة في عام الجحّاف، وفيها كان سيل الجحاف لأنّه جحف على كل شيء فذهب به.
بدأ ابن جُرَيْج بتتبع الأشعار العربية والأنساب، ولمّا أراد التصنيف وكان قد جاوز الأربعين، ذهب إلى عطاء بن أبي رباح، وعنده عبد الله بن عُبيد بن عمير، فنصحه عبد الله بقراءة القرآن، وتعلّم الفريضة ومن ثمّ طلب العلم، ففعل، ثم عاد إلى مجلس عطاء.
التزم ابن جريج جوار عطاء ثماني عشرة سنة، حتى قيل: لم يكن في الأرض أعلم بعطاء منه.
ووصفه عطاء بأنه "سيد شباب أهل الحجاز"، ويُسأل من بعده. ثمّ لزم عمرو بن دينار بعده سبع سنين.
مكانته العلمية
يعتبره الفقهاء من أوعية العلم، مع أنه لم يطلبه إلاّ في الكهولة، ولو سمع في عنفوان شبابه لَحَمَلَ عن غير واحد من صغار الصحابة، لكنه لم يحفظ عنهم.
اهتم بتدوين كثير من الأحاديث حتى قال: ما دوّن العلم تدويني أحد. وهو وابن أبي عَرُوبَة أول من صنّف التصانيف في الحديث، وأول مكّي رتّب الأحاديث ترتيبًا منهجيًا، فقد كان الإسناد يدور على ستة، ثم صار علم هؤلاء الستة إلى أصحاب الأصناف منهم ابن جُرَيْج.
وصفوه بأنه إمام أهل الحجاز، وفقيه أهل مكة في زمانه، والمفتي بعد عطاء وابن أبي نَجِيح.
لقبه الذهبي بـ "الإمام، العلامة، الحافظ، شيخ الحرم".
صائم الدهر
وكان من أعلام القرّاء، يخضِّب بالسواد ويتغلّى بالغالية (يتطيب بأغلى العطور)، يصوم الدهر إلاّ ثلاثة أيام من الشهر، ويُحسن الصلاة التي أخذها بطريق المشاهدة المتوارثة عن سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم.
طلب العلم للناس على نقيض من طلبه لنفسه من معاصريه.
روايته للحديث الشريف
روى عن أبيه، ومجاهد، وعطاء بن أبي رباح، وطاووس، وعمرو بن شعيب، ونافع، والزهري، وإسماعيل بن أمية، وعطاء الخراساني، وابن المنكدر، وخَلْق من التابعين وأتباعهم.
وروى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري، والأوزاعي، وسفيان الثوري، وحمّاد بن سلمة، وحمّاد بن زيد، وسفيان بن عيينة، وابن علية، ووكيع، وخَلْق سواهم.
كان يروي الرواية بالإجازة، وبالمناولة، ويتوسع في ذلك؛ ومن ثم دخل عليه الداخل في رواياته عن الزهري، لأنه حمل عنه مناولة؛ وهذه الأشياء يدخلها التصحيف، ولاسيما في ذلك العصر، إذ لم يكن حدث في الخط بعد شكلٌ ولا نقط.
بعد وفاة عطاء بزمن قَدِمَ ابن جُرَيْج على الخليفة أبي جعفر المنصور (136-158هـ)، وكان عليه ديْن، وقد جمع من حديث ابن عباس ما لم يجمعه أحد، فلم يعطه المنصور شيئًا.
وقَدِمَ وافدًا على والي اليمن معن بن زائدة لديْن لحقه، فحضر وقت الحج، فأخبر الوالي معنًا بعزمه على الحج، فأعطاه ما ينفقه، وجهَّزه فوافى الناس يوم عرفة.
وفي آخر أيامه قَدِمَ العراق، وحدّث بالبصرة وأكثروا عنه. حتى إن قاضي الكوفة الحسن بن زياد اللؤلؤي، صاحب أبي حنيفة، كتب عنه اثني عشر ألف حديث.
تراثه ومؤلفاته
قال عنه بعض الحفاظ: إن لابن جُرَيْج نحوًا من ألف حديث يعني المرفوع، ورواياته وافرة في الكتب الستة، وفي مسند الإمام أحمد، ومعجم الطبراني الأكبر، وفي الأجزاء.
كتب من التصانيف «تفسير القرآن» وغيره، وهو أول من أَّلف في التفسير، واعتمد في تصنيفه على تفسير ابن عباس وعكرمة ومجاهد وعطاء.
كتابه لم يصل إلينا، لكن تلميذه عبد الرزاق بن همام الصنعاني جمع الكثير من مروياته في كتابه "المصنف".
روى تفسيره عنه: حجاج بن محمد المِصيصي الحافظ، واقتبسه الطبري برواية القاسم بن الحسن الهمذاني عن المِصيصي.
وقد ضاع تفسيره كما ضاع غيره من تفاسير المتقدمين.
وألف أيضا كتاب «السنن في الحديث» وهو من السنن الموجودة قبل الصحيحين، ويحتوي على مثل ما تحتوي عليه كتب السنن.
وصنّف كتابًا في الحديث يُعرف بـ "جزء ابن جريج" وهو عبارة عن مسانيد متتابعة بدون تبويب.
وصفه يحيى بن سعيد بأنه: «كان صدوقًا، فإذا قال «حدثني» فهو سماع، وإذا قال «أنبأنا» أو «أخبرني» فهو قراءة، وإذا قال «قال» فهو شبه الريح».
أما ابن حنبل فقال عنه: «إذا قال ابن جُرَيْج «قال فلان» و«أُخْبِرْتُ» جاء بمناكير، وإذا قال «أخبرني» و«سَمِعْتُ» فحسبُك به».
ذكره ابن حبان في كتابه «الثقات»، وقال: «كان من فقهاء الحجاز ومتقنيهم وكان يُدلس».
وفاته
توفي ابن جُرَيْج بمكة، في أول ذي الحجة، عام 150هـ - 767م، وذلك اعتمادًا على الخبر الوحيد الذي يحكي عن وفاة ابن جُرَيْج؛ ويذكر أن خالد بن نزار الأيلي قد خرج بكتب ابن جُرَيْج سنة خمسين ومئة ليوافيه، فوجده قد مات.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا



