رئيس التحرير
عصام كامل

نتنياهو لا يَهذِي.. فمتى يستفيق العرب؟

18 حجم الخط

في لحظة أخرى من الجنون السياسي، يطلّ بنيامين نتنياهو من شرفة الوهم، ليطلق تصريحًا لا يقل هذيانًا عن مشاريعه الاستعمارية السابقة: إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، واقتطاع أجزاء من أراضي دول عربية ذات سيادة. 

نتنياهو ربما لا يؤذي حين يتحدث عن حلم توراتي يخص العهد القديم، فثمة خطة معلنة أمام العالم صارحنا بها حين أمسك بخريطة كيانه الجديد في محافل الأمم المتحدة قبل أكثر من عام ونصف وقبيل اندلاع طوفان الأقصى.. ومن ثم فنحن أمام حقيقة عارية في زمن لم يعد فيه التهديد يُخفي نفسه خلف خطاب سلام زائف، بل يصرخ في وجه الجميع: نحن قادمون.


والسؤال الذي يفرض نفسه دون مجاملة: هل استيقظ العرب فعلًا على فداحة ما يحدث؟ أم أن الصمت والتطبيع والتواطؤ قد استحالت إلى غيبوبة مزمنة؟ نتنياهو لم يكن يومًا رجل سلام، ولا إسرائيل كانت يومًا دولة طبيعية. هي مشروع توسعي استعماري زرع في قلب الأمة لتفتيتها.. 

وكان حلم إسرائيل الكبرى دومًا جزءًا من عقيدتها السياسية. لكن الجديد اليوم هو أن هذا الحلم المريض لم يعد سريًا، بل يُقال على المنابر، ويُروَّج له علنًا، تحت سمع وبصر الجميع، بل برضا بعض العواصم التي ما زالت تلهث وراء سراب سلام اقتصادي مقابل التفريط في الأرض والكرامة والسلام الحقيقي المبنى على العدالة.

إن ما يجري ليس مجرد تصريحات فردية، بل تعبير عن سياسة استعمارية متكاملة، تتغذى على التشرذم العربي، وغياب المشروع السياسي الجماعي، واختزال القضية الفلسطينية في بعدها الإنساني فقط، دون الاعتراف بجوهرها السياسي والتاريخي والجغرافي. 

وفي ظل هذا الواقع المتشظي، تصبح عربدة نتنياهو واليمين الإسرائيلي المتطرف ممكنة، بل وفعالة، لأنها لا تجد من يردعها أو يضع لها حدًا، بل تجد أحيانًا من يبرر لها، أو يلتزم الصمت المُطبق، وكأن لا شيء يحدث.

ما الذي ينبغي للعرب، شعوبًا وقادة، أن يفعلوه الآن؟‍! ما يجب فعله هو وقف نزيف التطبيع الذي منح الاحتلال شرعية لا يستحقها، ولا يعقل أن يُمنح عدوك جوائز سياسية بينما يعلن أطماعه في أرضك. ثم تأتي ضرورة بناء جبهة ثقافية وإعلامية موحدة، لا تكتفي برد الفعل، بل تنتزع زمام المبادرة وتعيد تشكيل الوعي العربي بمخاطر المشروع الصهيوني.

فالمعركة اليوم هي معركة سرديات، ومعركة وعي، نخسرها كل يوم لأن خصمنا يكتب، ونحن نمحو، هو يزرع في العقول، ونحن ننشغل في الدفاع عن البديهيات.


المطلوب أيضًا إعادة الاعتبار للمقاطعة الشعبية كأداة نضالية، لا كموقف أخلاقي رمزي. هذا الكيان هش اقتصاديًا، وتتحرك فيه شركات وسلع وسياحة تعتمد على الأسواق. والشعوب قادرة على تشكيل حصار ناعم طويل الأمد إن هي امتلكت الوعي والإرادة. 

 

أما المؤسسات الرسمية، كجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، فعليها أن تغادر موقع التنديد المناسباتي، وتتقدم بخطاب سياسي واضح نحو العالم، يربط بين الأطماع الإسرائيلية وبين تهديد الأمن الإقليمي والدولي، ويفضح المخطط التوسعي بوصفه تهديدًا لا يقتصر على فلسطين، بل يشمل المنطقة بأسرها.


أما الشعوب، فعليها أن تتحرر من وهم أن القضية الفلسطينية انتهت، أو أنها شأن الفلسطينيين وحدهم. ما يجب أن يُدرك بوضوح أن حدود إسرائيل الكبرى التي يتحدث عنها نتنياهو تشمل أراضي من سوريا ولبنان والعراق والأردن ومصر، بل وتمتد في المخيال التوراتي إلى الحجاز. 

نحن لسنا متضامنين مع فلسطين، بل نحن مستهدفون معها. هذا المشروع التوسعي لا يفرق بين عربي وآخر، ولا بين بلد وحدود، وإنما يتغذى على ضعف الجميع ليتوسع على حساب الجميع.

 

ومع ذلك، فإن ما يسمى بإسرائيل الكبرى ليس سوى وهم توراتي مسكون بهوس القوة، لا يسنده واقع ولا يحتمله منطق. دولة عاجزة عن السيطرة على غزة، ومحكومة بتوازنات داخلية هشة، ومجتمع منقسم على ذاته سياسيًا وعقائديًا، لا يمكنها أن تحكم الهلال الخصيب، ولا أن تُهيمن على جغرافيا تمتلئ بالرفض والمقاومة والوعي العميق بالتاريخ. 

 

إسرائيل نفسها تعرف أن أوهامها التوسعية أكبر من طاقتها، لكنها تراهن على غفلتنا، على استسلامنا، على زحف الصمت إلى عقولنا.

لقد آن للعرب أن يعوا أن بقاءهم لا يكون إلا بوحدتهم، وأن كرامتهم لا تُستعاد إلا بالموقف، وأن أمنهم لا يُشترى من واشنطن أو يُستعار من الغرب، بل يُنتزع بإرادة جماعية، تبدأ بالوعي وتنتهي بالفعل. 

إن مواجهة نتنياهو لا تحتاج إلى خطب، بل إلى استراتيجية ردع، تبدأ من العقل وتنتهي بالميدان. فلا كوابيس المستعمرين تدوم، ولا أوهام التوسّع تنجح إذا واجهتها شعوب حيّة، وقادة لا يساومون على الأرض، ولا ينسون التاريخ.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية