الحوار الذي نسيناه!
كلما تجددت مشاهد القتل والتدمير والإبادة لشعب أعزل في غزة تجدد في عقلى سؤال وجودي: كيف تجرأت دولة احتلال قوامها بضعة ملايين على فرض إرادتها على مئات الملايين من العرب (أهل الجوار) والمسلمين وهم يتجاوزون ملياري نسمة حول العالم؟!
ربما يقول قائل إنها مدعومة بأمريكا والغرب وهذا صحيح.. ومن أين تستمد أمريكا والغرب القوة والغلبة.. والجواب بلا تردد: العلم هو كلمة السر في التفوق!
لسنا فقراء موارد ولا بشر بل فقراء في إدارة الموارد والبشر وتوظيف العلم لحيازة أسباب القوة!
وهنا يحضرني حوار مهم ومشهور دار ذات يوم ليس ببعيد بين شيخ الأزهرالدكتور أحمد الطيب ورئيس جامعة القاهرة الدكتور عثمان الخشت حينذاك، حول تجديد التراث، بدا المشهد وكأنه مرآة لصراع فكري قديم بين من يتمسكون بتراث الأمة كما هو، ومن يرون ضرورة قراءته بعين العصر.
ورغم اختلاف وجهات النظر، إلا أن القضية الأعمق تتجاوز حدود مناهج التدريس في الأزهر أو فلسفة التعليم الجامعي، لتصل إلى سؤال مصيري: هل يمكن لأمة أن تنهض دون علم حقيقي؟
التاريخ يجيب بوضوح: لا.
وبصرف النظر عن تفاصيل الخلاف؛ إذ يرى الخشت ضرورة تأسيس خطاب ديني جديد، لا مجرد إعادة ترميم القديم، بل بناء جديد بمفاهيم ولغة ومفردات تتناسب مع تحديات العصر الحديث. وأوضح أن العقل الديني هو عقل بشري متشكل تاريخيًا، يحتاج إلى تفكيك منهجي وتحديث، لا الاقتصار علي النقل دون تحليل نقدي.. بينما ردّ شيخ الأزهر بالقول إن إهمال التراث بأكمله هو إهمال وليس تجديدًا، مشيرًا إلى أن من يصف التراث بأنه سبب للضعف هو يزايد على الإرث الحضاري.
أوضح الإمام الأكبر أن الأشاعرة لا يبنون عقيدتهم على أحاديث الآحاد، بل على الأحاديث المتواترة، وأن وصفهم بعكس ذلك هو غير دقيق في أصله، مؤكدًا أن التراث الإسلامي أتاح للأمة أن ترتقي حضاريًا -فقط خلال 80 عامًا نجحت قبائل عربية في الانتشار إلى الأندلس والصين بفضل ذلك التراث-، وجعل الأمة قادرة وأنشأت حضارة متكاملة.
وقد وضع الإمام الأكبر يده على حقيقة غابت عن كثيرين حين قال مخاطبًا الخشت: حدثني، شخصيتنا إيه كعرب ومسلمين لا شيء.. الآن لا يُقضى في أمورنا.. وأنا كنت في منتهى الخزي وأنا أشاهد ترامب ونتنياهو.. طبعا هم الذين يخططون ويقولون ويتحكمون ويحلون المشاكل.. لا يوجد أحد عربي ولا أحد مسلم..
هذا هو المجال الذي يجب أن نحارب فيه.. نحن نأكل كما يأكل الأوروبيون بالشوكة والسكين.. والشمال واليمين.. نستخدم السيارات الأوروبية والأمريكية.. ويمكن أن نفكر كما يفكر الأوروبيون.. هناك ماكينة ملعونة تدير نمط التفكير..
إنتهى كلام شيخ الأزهر ويبقى أنه لم تنهض أمة في تاريخ البشرية إلا حين إمتلكت أدوات العلم، لا العلم الذي يكتفي بالشهادات المعلقة على الجدران أو المؤتمرات البراقة، بل العلم المنتج للحلول، القادر على تحويل البحث إلى اختراع، والفكرة إلى صناعة، والمختبر إلى مصدر دواء وغذاء وسلاح.
أمتنا اليوم في أمسّ الحاجة إلى أن تتحول قضية تجديد التراث إلى خطوة موازية لتجديد العقل العلمي. فالتراث ـمهما اختلفنا حول طريقة قراءته ـ لا يمكن أن ينهض بنا وحده إن لم يكن في أيدينا غذاء نصنعه، وملابس نحيكها، وأدوية نبتكرها، وسلاح نطوره ونحمي به حدودنا.
إن الجامعات والمعاهد ومراكز البحث يجب أن تصبح مصانع فكر وإبداع، لا مجرد قاعات محاضرات. العلم لا يُقاس بعدد الكتب في المكتبات، بل بعدد براءات الاختراع، وحجم الإنتاج الوطني، وقوة الاكتفاء الذاتي.
ولعل دروس التاريخ القريب كافية؛ فالدول التي كانت في منتصف القرن العشرين أقل منا خبرة وموارد، قفزت اليوم إلى مصاف الكبار لأنها وضعت العلم في صدارة أولوياتها، واستثمرت في العقول قبل البنيان، فامتلكت غذاءها ودواءها وسلاحها، وفرضت احترامها على العالم.
أما نحن، فلا بد أن ندرك أن النقاشات الفكرية وحدها لا تكفي، وأن النهضة ليست شعارًا يُرفع في المؤتمرات، بل خطة عملية تبدأ من تطوير التعليم، وتنتهي بقدرتنا على أن نصنع بأنفسنا ما نأكل وما نلبس وما نتداوى به وما نتسلح به.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
