رئيس التحرير
عصام كامل

المتغطي بترامب...!

18 حجم الخط

هل التاريخ يعيد نفسه.. يقول الكاتب الأمريكي مارك توين «التاريخ قد لا يعيد نفسه ولكنه يتشابه كثيرًا».. لكن التاريخ قد يعيد نفسه بطريقة معكوسة.. ففي تاريخنا الذي كان عريقًا مشاهد لا تنسى، مشاهد بعضها يورث العزة وبعضها يسوق العبرة والعظة لمن أراد تدبرًا وخشوعًا... 

وشتان بين صيحة وامعتصماه التي أطلقتها امرأة مسلمة تستغيث بالخليفة المعتصم بالله ضد ظلم الروم فاستجاب لها الأخير، وأرسل جيشا إلى عمورية، فأرسل تيودور إمبراطور الروم إلى المعتصم رسالة يهدده فيها، وقال المعتصم للكاتب اكتب: «بسم الله الرحمن الرحيم، أمَّا بَعْدُ؛ فقد قرأتُ كتابكَ، وسمعتُ خطابكَ، والجواب ما ترى لا ما تسمع، {وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ}»، ثم زحف عليهم وكان فتح عمورية في سنة 838م..

وفي المقابل لا تنسى ذاكرة العرب بل والإنسانية كلها ما كان يوم دخل المجرم هولاكو بغداد وقتل الأمراء والجنود والعلماء والتجار والقضاة ثم أمر جنوده بأن يبقوا عى المستعصم حيًا حتى يدلهم على أماكن كنوزه، وبالفعل ذهب المستعصم مع الجنود ودلهم على مخابئ الذهب والفضة والنفائس وكل المقتنيات الثمينة داخل قصوره وخارجها.. 

ومنها ما كان يستحيل أن يصل إليه المغول بدونه حتى إنه أرشدهم إلى نهر مملوء بالذهب لا يعلم أحد بمكانه، وهنا قال له هولاكو "لو كنت أعطيت هذا المال لجنودك وشعبك، لكانوا حموك مني".. ولم يبك المستعصم على الكنوز والأموال، ولكنه بكى حين أخذ هولاكو يستعرض الجواري الحسان وعددهن 700 زوجة وسرية وألف خادمة.. 

وأخذ المستعصم يتضرع إلى هولاكو ألا يمسهن، فضحك هولاكو من قول المستعصم وأمر جنوده أن يضعوه في جوال (من الخيش) ثم يضربوه ركلًا بالأقدام حتى الموت! أما بعض المؤرخين فيقولون إن ما جمعه بنو العباس في خمسة قرون أخذه هولاكو في ليلة!

ترى كيف يمكن تصنيف ما يجري اليوم بين بعض ملوك ورؤساء العرب وبين ترامب رئيس أمريكا.. هل هو أقرب لما دار بين المعتصم والروم أم لما وقع من هولاكو بالمستعصم (وكلاهما خليفة للمسلمين).

ترى لو أنفقت تريليونات الخليج التي ذهبت لترامب على الدول العربية والإسلامية في التعليم والبحث العلمي والتكامل الاقتصادي وتنحية أحلام الزعامة جانبًا، والانتصار لقضايا الأمة والانحياز لتنمية شعوبها هل كان ترامب ونتنياهو ومن دار في فلكهما من حكام الغرب والشرق.. هل كانوا يطمعون في أموال العرب ومواردهم؟!

إن الأموال التي كانت تكفي الأمة العربية لعدة قرون تأخذها أمريكا في ليلة واحدة، كما أخذت فرنسا وإنجلترا وتركيا وإيران، من بلاد العرب.

ماذا لو أنفقت تلك الأنظمة العربية هذه الأموال على مساندة بعضها البعض، وأنفقت الجهد والمال علي العمل لنبذ الخلاف ووحدة الصف، وعلي الأخذ بأسباب القوة والإنفاق علي التعليم والبحث العلمي.. ألم يكن ذلك وسيلة كافية للردع والحماية وامتلاك أسباب القوة بدلًا من أن نكون عالة على الأمم حتى يأتي هذا التاجر السمسار ليعايرنا بأنه يحمينا من الطامعين والمعتدين؟!

ماذا لو استجابت تلك الدول لما طالبت به مصر من تكوين قوة عربية مشتركة تحقق الردع الاستراتيجي في المنطقة.. هل كان يجرؤ نتنياهو ويمينه المتطرف على ارتكاب جرائم حرب وإبادة يومية في غزة، التي لا يخفي ترامب أطماعه في الاستيلاء عليها لتحويلها لمنتجع سياحي لتصبح ريفيرا الشرق بعد التخلص من سكانها طبعًا بالقتل تارة والتهجير القسري تارة أخرى؟!

ماذا أخذ العرب من ترامب مقابل ما حصل عليه من هدايا مجانية وصلت لأربعة تريليونات دولار.. هل نجحوا في وقف مجازر إسرائيل بحق أبناء غزة باستخدام قنابل ترامب الذي لا يزال يمنحهم الغطاء السياسي والضوء الأخضر لمواصلة حرب التجويع والإبادة دون رادع؟!

ألا يدركون أن رؤية ترامب للمنطقة وتحديدًا دول الخليج أنها بنك أو محل صرافة لتمويل عجز ميزانية أمريكا، ويرى الشرق الأوسط لا بحسبانه أرض تاريخ وحضارة بل على أنه مجرد مستودع سلاح.. لماذا نستسلم للابتزاز ونخلع رداء العروبة لنصطف مع ترامب في خندق إسرائيل التي أعلن قادتها أنهم يرسمون ملامح جديدة للشرق الأوسط.. والسؤال: على حساب مَنْ؟!


لماذا لم يشترط المانحون للهبات والعطايا والاستثمارات بسخاء عربي لا مثيل له أن يوقف ترامب أولا الحرب في غزة، ويجبر قادة إسرائيل وهو يستطيع عن الشطط ومخططات التطهير والتهجير والإبادة.. هل تفعل جنوب أفريقيا وإسبانيا وبعض دول أمريكا اللاتينية وأوروبا ما عجز العرب والمسلمون أن يفعلوه.. صدقوني، التاريخ لن يرحمكم.. وصرخات وماء أطفال غزة ستظل لعناتهم تطاردكم في الصحو والمنام.. أما ترامب فالمتغطي به عريان.. والحساب عند الله!

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية