رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

غزوات.. أم فتوحات ؟ مغالطات حول الرسول (3)

ولم يكن سيدنا رسول الله بالفظِّ، ولا غليظ القلب، ولا السبابِ ولا اللَّعانِ؛ فلم يعاقب الرماة، ولم يتهمهم بأنهم سبب الخسائر التي لحقت بالمسلمين، وعلى رأسها استشهاد حمزة بن عبد المطلب. كاد قلب النبي أن ينفطر حزنًا وألمًا على شهداء المسلمين، وخاصة عمه، الذي مثلت بجسده هند بنت عتبة، لكنه تحامل على نفسه، وصبر واحتسب.. ولم ترد أي إشارة في كتب التاريخ إلى أنه أضمرَ نِيَّة الانتقامِ، بل إنه عفا عن هندٍ بنت عتبة رغم جريمتِها الشنعاءِ.

Advertisements


وقعة الخندق


في العامِ التالي، كانت موقعةُ الخندقِ وكان صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يفضِّلُ الخروجَ لملاقاةِ الكفارِ، من قريشٍ وحلفائِها لاسيما في ظل الكثرةِ الهائلةِ لجيش المعتدين، لكنه نزل على رأي الأغلبية، للمرَّة الثانيةِ، وبقيَ في المدينةِ، وأشار عليه سلمانُ الفارسيُّ بحفر الخندقِ، وقد كانَ.


وفي تلك الأثناء، حدثت فتوحاتٌ نبويةٌ مباركةٌ خلال الحفرِ، مِنْ تحمُّلِ الجوع، والجهد الجهيد، وتحطيم الصخرة الضخمة. وقاسى، صلوات ربي عليه، ويلاتِ ومؤامراتِ اليهود، فلم يكن من الصواب تركُهم يمرحون في أنحاءِ المدينة، ويواصلون مكايدهم لاستئصالِ شأفة المسلمين. كان طبيعيًّا تمامًا أن يقاتلهم، ويعاقبهم، ويطردهم.. 


فتح مكة


أمَّا فتح مكة، فكان فتحًا مبهرًا من الله لنبيه، ومعجزة إلهية لا مثيل لها.. وكان بمثابة نقلة هائلة في مسيرة الدعوة، ونقطة تحول ضخمة، فبعد فترة مظلمة، وصعبة من الدعوة السرية ثم العلنية، وما لاقاه المسلمون الأوائل من أهوال من قبل طغاة المشركين، وتعذيب، واضطرار للهجرة أكثر من مرة، بعيدًا عن الأرض والوطن، يعود المسلمون منتصرين.

 

10 آلاف سيف مرفوعة، تنتظر إشارة واحدة من النبي القائد، بالإطاحة برءوس الكفر والكفار، لكن النبي العظيم، الرءوف الرحيم يأبى إلا أن يُظهر معدنه الأصيل وطبعه الكريم، من صفح وتسامح وسمو أخلاق، وترفع، وعفو.. في مثل هذا الموقف لم يعرف التاريخ تصرفات من قائد منتصر تماثل تصرفات نبي الإسلام، عليه أفضل الصلاة والسلام.


وما بين الخندق، وفتح مكة كانت هناك أساليب شيطانية، وحيل ماكرة من بعض القبائل التي كانت تضمر الشر في نفوسها؛ ما دفع الرسول، صلى الله عليه وآله وصحبه، وسلم، إلى تجريد السرايا نحو المعتدين لرد شرهم، وإجبارهم على الكف عن الأذى.


فهل بعد كل هذا السرد نسمي تلك الوقائع غزوات، مع ما في الكلمة من معنى استعماري توسعي ؟ حاشا لله.. أين ذلك من غزوات الفرس والروم والتتار وبني عثمان؟


ثم هل تصح مقارنة الاشتباكات التي وقعت في عهد الرسول، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، بما حدث في الحربين العالميتين، بسبب غزو دول لأخرى.. وأخيرًا من غزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان، ثم غزو العراق للكويت، فغزو الولايات المتحدة للعراق؟

 


لنكن منصفين، فرسول الله، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، كان عادلًا، ومنصفًا، وحليمًا، ورؤوفًا، ورحيمًا، وصبورًا، ولم يكن، على الإطلاق، داعيًا لحرب، ولا غازيًا، ولا حاشاه أن يظلم، أو يسطو على مقدرات غيره، ولو كانوا ألد أعدائه، والمتآمرين لقتله.
ولنتذكرْ قولَه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: "إن حرمة دم المسلم أشد عند الله من حرمة الكعبة".

Advertisements
الجريدة الرسمية