رئيس التحرير
عصام كامل

خطر تزايد الدين العام والغلاء

استكمالا لمقالى الأسبوع الماضى حول مأزق تضخم حجم الدين العام بشقيه المحلى والخارجى نؤكد ووفقا للمعايير الاقتصادية والمالية وتوصيات خبراء المالية العامة سواء المحليين أو الدوليين في أحد أهم المؤتمرات التى نظمها البنك الدولى عام ٢٠٠٢ واستضافتها مصر.. حددت معيار الأمان لسلامة أرقام الموازنة العامة للدولة بالنسبة لاقتصاديات الدول الناشئة ومنها مصر ألا تتخطى نسبة عجز الموازنة العامة باى حال ما بين ١% إلى ٣% على أكثر تقدير.

 

فيما حددت  معيار الأمان للدين العام للدولة بألا تتجاوز نسبته ٦٠% من حجم الإيرادات العامة بالموازنة العامة للدولة، وبناءا على توصيات ذلك المؤتمر الهام خرجت الحكومة في كل المحافل لتعلن التزامها بتلك المعايير كضمانة أساسية لتعاونها مع المؤسسات المالية الدولية المانحة للقروض وعلى رأسها بالطبع صندوق النقد والبنك الدوليين ومن خلفهما بنك الاستثمار الأوروبي وبنك التنمية الأفريقي وأيضا بنك التنمية الإسلامى.

عجز الموازنة

وحافظت وزارة المالية عند طرح مشروعات الموازنة العامة للدولة في السنوات التالية على الالتزام  بتلك النسب سواء لعجز الموازنة أو الدين العام.. وزيادة في الالتزام السياسي حرصت وزارة التعاون الدولى ووزيرتها في ذلك الحين الدكتورة فايزة أبو النجا التأكيد على التزام الدولة بأن يكون سقف الاقتراض الخارجى لا يتعدى ١،٢  مليار دولار سنويا وقصره على الأنشطة الإنتاجية القادرة على الوفاء بأعباء خدمة هذا الدين كهدف أساسي للسيطرة على أرقام الدين العام، وبخاصة الدين الخارجى ومن قبله السيطرة على نسبة عجز الموازنة العامة السنوية باعتبار أن عجز الموازنة هو المنبع الأساسى لارتفاع ارقام الدين العام. 

 

لعب الاستاذ الراحل ممتاز السعيد رئيس قطاع الموازنة العامة بوزارة المالية ووزير المالية فيما بعد الدور الرئيسى في الحفاظ على ضمانات سلامة أرقام الموازنة العامة لسنوات طويلة خاصة عند إعداد الموازنات الفرعية وخطط التنمية الفرعية للوزارات والجهات الحكومية المختلفة، وكيف كان يقف بصرامة في وجه مطالبات وزراء يطرحون زيادات غير منطقية في موازناتهم المقترحة للعام الجديد في وقت لا تتعدى نسب التنفيذ فى الحساب الختامى  لخطة السنة السابقة ٤٠% او٦٠% على الارجح، والهدف هو زيادة الاعتمادات المالية لوزاراتهم لضمان الوفرة المالية وصرف الحوافز والتعويضات والسفه المالى إن شئت أن تقول.


وبالرغم من التزام الدولة حينها بالمعايير المشار إليها لسنوات طويلة إلا أنه واعتبارا من عام ٢٠٠٤ بدأت نسب عجز الموازنة الفعلية في الصعود وفق الحسابات الختامية لموازنات الدولة بخلاف النسب المستهدفة بموازنة الدولة والمعتمدة من مجلس الشعب والمصدق عليها من رئيس الدولة حينها لتصل إلى ذروتها فى عام ٢٠٠٩ متخطية حاجز ٨% ثم ١٠% فى السنة التالية لتفقد الحكومة سيطرتها على عجز الموازنة خلال الأعوام الثلاثة التالية وبخاصة عام ٢٠١٢/٢٠١٣ مسجلة نحو ١٣% وفقا للأرقام الرسمية و١٥% وفقا لتقارير المؤسسات الدولية. 

 

زيادة الغلاء

 

وخلال تلك السنة تصاعد حجم الدين المحلى بسرعة غير مسبوقة ليرتفع من نحو ٥٧٣ مليار جنيه فى عام ٢٠١٠ ليصل إلى نحو ٨٧٠ مليار جنيه  عام ٢٠١٣، كما ارتفع حجم الدين الخارجى من نحو  ٣٤ مليار دولار ليصل الى نحو ٤٥ مليار دولار خلال عام. والملاحظ أن هناك ارتباط وثيق بين زيادة حجم الدين العام بشقيه وبين تصاعد موجات الغلاء في الأسواق المحلية وعلى صعيد كل المجموعات السلعية سواء الأساسية أو الضرورية أو السلع المعمرة والترفيهية.

 

وأيضا حدوث ارتفاعات متتالية في أسعار جميع الخدمات سواء  ذات السعر الحكمى مثل أسعار النقل أو الاتصالات والمياه والكهرباء وغيرها من خدمات  تحتكرها جهات حكومية او خدمات تقدمها جهات تخضع لأسعار العرض والطلب وتقدمها مؤسسات وشركات شبه حكومية أو قطاع خاص.


ولاشك أن ارتفاع نسب عجز الموازنة العامة وأعباء خدمة الدين العام من أقساط وفوائد ينعكس حتما على معدلات الغلاء والرواج في الأسواق المحلية بما تفرضه هذه الأعباء الطارئة والمستجدة من قيود على أداء الموازنة العامة وتنفيذ خطة التنمية للدولة سنويا ويتبعها بالضرورة رفع في أسعار الضرائب والرسوم أو فرض رسوم وضرائب جديدة في سعى الخزانة العامة عن مصادر تمويل جديدة للسيطرة على عجز الموازنة وأرقام الدين العام، واتباع سياسات مالية تقشفية تؤثر حتما على مظلة الرعاية الاجتماعية الواجبة للفئات محدودة الدخل، ومن ذلك تقليص ميزانية الدعم الحكومى بأنواعه البالغ عددها حاليا  نحو ٢١ نوعا بموازنة الدولة أشهرها دعم السلع التموينية ودعم الطاقة والمواد البترولية.

 

 

فماذا سيكون الحال في قادم الأيام وأرقام الدين العام تخطت نسبتها ٩٤% من إجمالى الإيرادات العامة بموازنة الدولة وأعباء خدمتها تجاوزت ٥١% من المصروفات العامة المستهدفة وفق ما أعلنه وزير المالية بالبيان المالى للموازنة الحالية.. والسؤال للدكتور محمد معيط ما هو معيار الطمأنينة في هذه الأرقام يا معالى وزير المالية لنعيشه معك ونطمئن من حولنا من جمهور الناس؟

الجريدة الرسمية