رئيس التحرير
عصام كامل

السيسي يفتتح القمة الأفريقية بالنيجر.. يؤكد: مهمتنا الرئيسية النهوض بمستوى معيشة المواطن الأفريقي.. الإسراع بتنفيذ برنامج تنمية البنية التحتية في أفريقيا.. ويدعو للتصديق على اتفاق التجارة الحرة

الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسي

افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي أعمال القمة الاستثنائية بالنيجر بحضور محمدو إيسوفو رئيس جمهورية النيجر، وموسى فيكي رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، وروبرتو أزيفيدو المدير العام لمنظمة التجارة العالمية.


وترأس الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الأحد، القمة الأفريقية الاستثنائية التي تستضيفها العاصمة نيامي بالنيجر، حيث تشهد القمة إطلاق منطقة اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية القارية بعد استكمال نصاب تصديقات الدول الأفريقية ودخول الاتفاقية حيز النفاذ.

وألقى الرئيس السيسي كلمة نصها:
أود في البداية أن أعرب عن التقدير لأخي العزيز الرئيس "محمدو إيسوفو" على حفاوة الضيافة وحسن التنظيم من قبل دولة النيجر الشقيقة، فضلًا عن الجهود التي يبذلها في إطار ريادته لاتفاقية التجارة الحرة القارية، ومثابرته لدفع الاتفاقية للأمام، مما أثمر عن دخولها حيز النفاذ في 30 مايو الماضى.

كما أتوجه بالشكر لـ"موسى فقيه محمد" رئيس المفوضية وأعضاء المفوضية على ما يتم بذله من جهد في هذا الشأن.


نستحق أن نهنئ أنفسنا على هذا الإنجاز الكبير الذي تم تحقيقه بفضل إرادة الدول الأفريقية، وإيمانها برؤية الآباء المؤسسين، ومساعيها الدءوبة لتحقيق مستقبل مشرق لقارتنا الحبيبة وشعوبها العريقة.

فلقد قطعنا بالفعل شوطًا طويلًا على مسار أجندة الاتحاد الأفريقي 2063، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، والنهوض بالقارة الأفريقية، وأصبحنا على الطريق الصحيح نحو حقبة جديدة واعدة تتسم بالتنمية والتقدم بدلًا من الركود الاقتصادي والنزاعات.

ويعد دخول اتفاقية التجارة الحرة القارية حيز النفاذ علامةً فارقةً في مسيرة الاندماج الإقليمي في القـارة، وامتدادًا طبيعيـًا للعمل الأفريقى المشتـرك في هذا المجال على مدى عقود من الزمن، بدءًا من تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية عام 1963، ومرورًا بخطة عمل لاجوس عام 1980، ومعاهدة أبوجا لإنشاء الجماعة الاقتصادية الأفريقية عام 1991، وصولًا إلى دخول اتفاقية التجارة الحرة القارية حيز النفاذ في 30 مايو 2019.

إننا على مشارف تفعيل أحد أكبر مناطق التجارة الحرة في العالم، بحيث تضم ما يقرب من 1،2 مليار نسمة وناتج محلي إجمالي يقدر بنحو 3.4 تريليون دولار، ومع اعتزازنا بهذا الإنجاز الكبير، علينا أن ندرك أن الطريق ما زال طويلًا لتطبيق الاتفاقية على أرض الواقع وجنى ثمارها الواعدة، ومن أهمها رفع معدل التجارة البينية الأفريقية والذي يقدر بنحو 15% فقط حاليًا، وتحقيق التكامل الإنتاجى والصناعى، مما يتطلب المزيد من الجهد والمثابرة لتحرير التجارة في السلع والخدمات، وتوفير الضمانات التجارية اللازمة، وخلق البيئة الاستثمارية المواتية، واستكمال مفاوضات المرحلة الثانية في هذا الإطار، قاصدين بذلك تحقيق أهداف الاتفاقية الطموحة وتلبية التطلعات المشروعة لشعوبنا العريقة في التنمية والتقدم والرقى.

لهذا، لا يسعني إلا أن أؤكد أهمية هذه القمة الاستثنائية، فبجانب احتفالنا اليوم بإطلاق منطقة التجارة الحرة القارية، سنعمل على بحث التصور الخاص بالمرحلة التنفيذية والتشغيلية بهدف تعزيز التجارة البينيـة، وإزالة الحواجز والمعوقـات الجمركيــة وغير الجمركية، مع استعراض التقدم المحرز في المفاوضات التجارية التكميلية، بهدف إصدار التوجيهات اللازمة للتغلب على المعوقات التي تواجهنا في مسارنا نحو تحقيق أهداف الاتفاقية. وسيشهد اليوم إطلاق نظام المقاصة والمدفوعات الإلكترونية الذي نأمل جميعًا أن يحدث نقلة نوعية في معدلات التبادل التجارى البينى.

وفي ذات الإطار؛ يتعين علينا كذلك تعزيز التواصل مع القطاع الخاص ومجتمع رجال الأعمال والمجتمع المدني، للتعرف على تطلعاتهم والاستفادة من خبراتهم ومعالجة المعوقات التي يواجهونها في الميدان، تمهيدًا للخروج بتوصيات ومخرجات قابلة للتنفيذ تمكننا نحن رؤساء الدول والحكومات من توفير الضمانات اللازمة لاحتضان رواد الأعمال الأفارقة ودعم الصناعات المحلية والإستراتيجية الأفريقية. كما لا ينبغي أن نغفل أهمية الاستثمار في أهم مورد تمتلكه القارة، وهم الشباب الأفريقي رجالًا ونساءً بالتساوي، والذين نعول عليهم كثيرًا لاستكمال المسيرة وتحويل حلم الجماعة الاقتصادية الأفريقية إلى واقع، متزودين بحماسهم وإبداعهم وطاقاتـهم الخلاقة.

كما أن الارتقاء بشبكة البنية التحتية الأفريقية أمر لا بد منه لنجاح الاتفاقية باعتباره ضرورة حتمية لأية تجربة ناجحة للتكامل إقليمي، وهو ما نبتغيه في قارتنا العظيمة، فعبرها ستنساب حركة السلع والخدمات والاتصالات والبيانات والأفراد، وتقل تكلفة التجارة والاستثمار مما يحفـز المزيـد من النمــو ويصب بشكل مباشر في تحقيق مهمتنا الرئيسية وهي النهوض بمستوى معيشة المواطن الأفريقي. ومن هذا المنطلق، نتطلع نحو الإسراع بمعدل تنفيذ برنامج تنمية البنية التحتية في أفريقيا PIDA بمراحله المختلفة نظرًا لدوره الهام في سد الفجوات التي يحتاجها مشروع التكامل الاقتصادي الأفريقي.

إن أفريقيا اليوم محط أنظار العالم، ونجاح منطقة التجارة الحرة القارية هو الاختبار الحقيقى لتحقيق طفرة اقتصادية تلبى تطلعات شعوبنا في العيش الكريم الآمن، وتعزز من موقفنا التفاوضي في المحافل الاقتصادية والسياسية الدولية، ومن ثم تضمن موقعًا جديدًا للقارة الأفريقية على خريطة الاقتصاد العالمي، مما يرفع من مكانة أفريقيا التي لطالما كافح آباؤنا المؤسسون للحفاظ عليها والارتقاء بها، ويجعل من منطقة التجارة الحرة القارية بمثابة السفينة التي تحمل معها جميع الدول الأفريقية دون استثناء نحو تحقيق المنفعة المشتركة.

ومن هذا المنطلق، أود أن أدعو كافة الدول الأعضاء للتصديق على اتفاق التجارة الحرة القارية، فكلما زادت أعداد الدول الموقعة والمنفذة للاتفاق زادت المنافع المتولدة عن تحرير التجارة وعائدها على شعوبنا الأفريقية.

أود أن أختتم كلمتي بتأكيد حرصي كرئيس للاتحاد الأفريقي على الخروج من اجتماعنا اليوم بنتائج ملموسة تعطي دفعة حقيقية لبدء سريان اتفاقية التجارة الحرة القارية، وتنقلنا من مرحلة البناء المؤسسي إلى ميدان العمل الفعلي. كما أجدد شكري لأخي الرئيس "محمدو إيسوفو" وأخي "موسى فقيه"، ولكم جميعًا أصحاب الجلالة والفخامة والدولة، وأعلن افتتاح أعمال قمتنا الاستثنائية.
الجريدة الرسمية