رئيس التحرير
عصام كامل

هل يجدد الأذان الموحد الحرب الباردة بين الأوقاف والأزهر؟.. موقف مقيمي الشعائر أبرز الأزمات.. وتحذيرات من إهدار المال العام ومخالفة السنة.. و«طايع»: الوزارة لن تستغني عن المؤذنين

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

ما بين مشيخة الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف «ما صنع الحداد»، فلا تكاد تنتهي أزمة إلا وتخرج أخرى، وصفحات التاريخ تروي تفاصيل أزمات ومعارك عدة نشبت بين المشيخة والوزارة، الغلبة فيها لم تكن لطرف واحد على طول الخط، فـ«الأزهر» ربح معركة، والوزارة انتصرت في معركة ثانية، وتشهد الأيام الحالية معركة جديدة من المتوقع أن تخرج إلى العلن خلال الأسابيع المقبلة، عنوانها العريض «الأذان الموحد».


بداية التطبيق
في 115 مسجدا من المساجد الكبرى.. بدأت وزارة الأوقاف تطبيق البث التجريبي للأذان الموحد، كمرحلة أولى في محافظة القاهرة، وذلك بعد الانتهاء من الإجراءات الفنية والتقنية لتعميم المنظومة على مساجد الجمهورية، حيث أعلن وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، إنشاء نقاط بث للأذان الموحد في المحافظات لمراعاة فروق التوقيت، إضافة إلى تدريب مقيمي الشعائر على تطبيق المنظومة.

مصير غامض
إلى جانب ما أعلنه «جمعة» لا يزال هناك عدد من النقاط الرئيسية في المنظومة لم تفصح عنها وزارة الأوقاف حتى الآن بشكل صريح، في مقدمتها مصير المؤذنين في تلك المساجد، إضافة إلى مدى تطبيق المنظومة على الزوايا الصغيرة التي قد تحول دون الوصول للهدف المنشود من الأذان الموحد، وهو القضاء على الأصوات المنفرة، وعدم تداخل الأصوات، وأخيرا موقف مؤسسة الأزهر الشريف من تطبيق المنظومة، والذي لم يتم الإعلان عنه إلى الآن، لا سيما أن محاولة تطبيق المنظومة في عهد وزير الأوقاف الأسبق الدكتور محمود حمدي زقزوق، شهدت معارضة كبيرة، رغما من انتزاع فتوى من الدكتور على جمعة مفتي الجمهورية في ذلك الوقت بشرعية تطبيق الفكرة، إلا أن مجمع البحوث الإسلامية التابع لمشيخة الأزهر الشريف أصدر فتوى أكد فيها أن الأذان بالتسجيل الصوتي غير شرعي؛ لأن الأذان شُرع لكل مسجد وجماعة بقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم».

محاسبة المقصر
وفي أول رد على تعميم المنظومة على الزوايا أكد وزير الأوقاف مختار جمعة، أن أي مسجد أو زاوية سيدخل إليه جهاز الريسيفر لن يسمح فيه بغير الأذان الموحد، وبحدوث أي مخالفة سيتم محاسبة المقصر إذا خالف تعليمات الوزارة وترك الجهاز، مشيرا إلى أن الزوايا تخضع للإشراف الكامل من وزارة الأوقاف ويوجد عامل في كل زاوية.

وفي نفس السياق قال الشيخ خالد صلاح، مدير أوقاف القاهرة، مسئول تطبيق المنظومة: الهدف من الأذان الموحد القضاء على المشكلات الموجودة في المساجد، ومنها التصارع على الأذان بين الحضور من الجمهور، وانتهينا من الاستعدادات في مسجد الفتح برمسيس والنور في العباسية وعمر مكرم في التحرير ومسجد صلاح الدين في المنيل، والسيدة عائشة وقاهر التتار في مصر الجديدة وحسان بن ثابت في ميدان القبة، بالإضافة لمسجد السيدة نفيسة والسيدة زينب وسيدنا الحسين وعمرو بن العاص، متابعا لـ"فيتو" أنه تم تدريب العمال على الربط داخل المساجد بعد توزيع أجهزة الريسيفر على المساجد.

ومن جانبه نفى الشيخ جابر طايع، المتحدث الرسمي للوزارة ما تداوله البعض بشأن الاستغناء عن المؤذنين، قائلا: لن يتم الاستغناء عن مقيمي الشعائر في المساجد وسيتم الاستعانة بهم في رفع الأذان حال حدوث أي أعطال وإقامة الصلاة في المساجد أو الاستعانة بهم في الأعمال الإدارية.

معارضة أزهرية
وفي سياق متصل أكد الدكتور مختار مرزوق، عميد كلية أصول الدين بالأزهر الشريف السابق، أن مشروع الأذان الموحد سيكلف الدولة أموالا طائلة حتى تتمكن المساجد جميعا من الأذان مرة واحدة، لكن هناك أولويات في صرف تلك الأموال على الفقراء والمساكين وغير ذلك من المستحقين.

وأوضح عميد كلية أصول الدين أن «الأذان يختلف من محافظة إلى محافظة، ومن الصعوبة أن نجعل لكل محافظة أذانا خاصا بها، وهو ما يعطل شعيرة الأذان ويجعلها شيئا غير مهم لأنها ستذاع عبر المذياع ولن يهتم بها حتى من هم داخل المساجد، أما حينما يؤذن لها داخل المسجد سيتأهب لها الحضور للإنصات وترديد ما يقوله المؤذن، بالإضافة إلى حرمان المؤذن من الفضل والثواب فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث في فضل المؤذنين حيث يقول النبي: «المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة».

وأكمل: «كنت من المعارضين لفكرة الأذان الموحد في عهد الوزير الأسبق الدكتور محمود حمدي زقزوق، وأرى أنها إهدار للمال العام وإنفاق أموال نحن بحاجة لها للإنفاق على المساجد في القرى».

"نقلا عن العدد الورقي "
الجريدة الرسمية