رئيس التحرير
عصام كامل

من «الإسكندرية» إلى «لندن» حكاية مصرية تعمل في قصر باكنجهام

فيتو

لم تكن رحلة البحث عنهم سهلة، ليس لأنهم مغمورون حسب ما قد يعتقد البعض، بل لأن إنجازهم الكبير غطى على كل شيء، أو ربما لأن الأماكن التي يعملون فيها قد يعتقد البعض أنها حصرية فقط على الأجانب.




منذ زمن كان المصريون في كل مكان تقريبًا في العالم، لكن في تلك المرة فنحن على موعد مع قصر «باكينجهام»، مقر حكم الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، حيث تعمل مرفت أحمد خليل المهندسة المصرية التي كرست حياتها لذوي الاحتياجات الخاصة.

من الإسكندرية لقصر باكينجهام لم تكن الرحلة سهلة، تقول «ميرفت»: إنها درست في كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية، وكان لتلك الجامعة الفضل الكبير في تكوين شخصيتها، بعد تخرجها مباشرة من الجامعة عملت بالتدريس في إحدى مدارس اللغات بالإسكندرية آنذاك، إلى أن تزوجت وسافرت إلى المملكه المتحدة «بريطانيا».

كان في إمكانها أن تجلس تتمع بالحياة الجديدة وطقس لندن الضبابي، لكن «ميرفت» تشير إلى إنه لم تحتج وقتا طويلا حتى قررت الدخول لسوق العمل، وكان ذلك السبيل الوحيد للوصول لمرحلة المواءمة مع المجتمع الجديد وعاداته المختلفة مع الاحتفاظ بتقاليدها الشرقية، التي أصرت وما زالت حريصة على الاحتفاظ بها، فلم يمنعها العمل مع «الإنجليز» من الاحتفاظ بطابعها الخاص، والذي لقي احتراما من الجميع شعرت وقتها أنها سفيرة لبلادها.

البداية كان في مجال العلاقات العامة في الفنادق، ذلك المجال الذي تدرجت فيه حتى وصلت لمنصب مديرة علاقات عامة بعدد من الفنادق، وهو ما فتح الطريق أمامها للتعرف على العديد من الشخصيات العامة في المجتمع الإنجليزي، منهم من أثقل خبراتها في العمل.

تحول
نقطة التحول في حياة «ميرفت» حين تم إصابة ابنتها بالسرطان، تقول «الخبر وقع على كالصاعقة كنت في منتصف العشرينات، وبنتي لم تكمل ثلاث سنوات، وفي الغربة مفيش حد من أهلك أو أصدقاءك القريبين حواليك وده كان سبب بعد كده أني أهتم بالعمل الاجتماعي وأساعد المغتربين».

بعد تقبل قضاء الله وقدره عاشت الفتاة المصرية مع طفلتها في مستشفى «سالفورد» عدة سنوات، ما جعلها تهتم بالتعليم مرة أخرى لتحصل على دبلومة تمريض وتتخصص في مجال ذوي الاحتياجات الخاصة، وفي ذلك الوقت ساعدت كل عربي وافد يأتي إلى نفس المستشفى بطفله للعلاج، ويحتاج إلى مساعدة ممن لا يتحدثون الإنجليزية دون مقابل».

العمل التطوعي بات هو الهدف كما توضح «ميرفت» التي توسعت في العمل الإنساني، لتعمل على جمع التبرعات للمساعدة في الأبحاث العلمية التي تهدف لعلاج مرض السرطان، بل وعملت في مجال التمريض لمدة طويلة بعد أن وهبت حياتها لخدمة ابنتها المريضة ومساعدة كل الأطفال المرضى، حتى أنعم الله على ابنتها بالشفاء، وما زالت مستمرة في العمل الإنساني، وظلت تواظب على زيارة الأطفال المرضى لرفع روحهم المعنوية كعمل تطوعي، وعلي جمع التبرعات لنفس الغرض.

خطوة إلى باكينجهام
أولى الخطوات لمقر الحكم البريطاني كان حين قرأت «ميرفت» في مجلة إنجليزية عن وظيفة هامة بالقصر الملكي، وبعد التفكير الشديد قررت أن تتقدم لهذه الوظيفة الحساسة، وتم قبولها مبدئيا لحين عمل اختبار هيئة ووضع كل بياناتها الشخصية للكشف عنها أمنيا.

ذهبت إلى الاختبار ولديها شكوك في قبولها، وكانت الفكرة المسيطرة عليها هل من الممكن لمغتربة مصرية أن تعمل في مثل هذا المكان، وتكون لها علاقة مباشرة بالملكة وباقي العائلة الملكية، لكن في بلاد الإنجليز ذلك يحدث، وتم قبولها بالفعل والتحقت بالعمل في قصر باكينجهام ضمن مجموعة من اللاتي ينطبقن عليهن الشروط هناك، وكانت المصرية الوحيدة التي تبوأت هذه المكانة، وفي هذا الوقت كانت من المصريات القلائل العاملات في لندن على الإطلاق، وكان من ضمن شروط العمل هو التوقيع على إقرار بالالتزام بالسرية التامة لأي من الأمور التي يتم التطرق وهذا ما حدث بالفعل، حتى عبرت عن ذلك بقولها انها أمضت أجمل سنوات عمرها في القصر حيث عملت كمساعدة للشخصيات الملكية المهمة.

بعد عدد من السنوات قررت أن تغير مجال عملها لأنها لم تستطع الاستمرار في العمل العام خلال تواجدها بالقصر الملكي، حيث البروتوكولات التي قد تعيق هذه الأعمال الإنسانية، لذلك قررت العودة إلى التدريس، ولأنها شغوفة بالعمل الاجتماعي قررت العمل مع الأطفال والشباب من ذوي الاحتياجات الخاصة، وكان يلزم ذلك العودة إلى الدراسة فدرست للحصول على المؤهل الذي يؤهلها للعمل في هذا المجال، فكان تميزها واضحًا في مجال التدريس.


الجالية المصرية
وبسؤالها عن علاقاتها بالجالية المصرية، قالت: «كنت على علاقة وطيدة بأصدقاء كثيرين أساعدهم على المستوى الخاص، وكانت نظرتي لمصر في هذا الوقت نظرة ترقب لوضع غير مستقر كاد أن ينتهي بكارثة، لولا القدرة الإلهية وقدرة القيادة الحكيمة وشعب واعٍ وقف خلف قيادته للتخلص من نظام فاشي كاد أن يتسبب في دمار البلاد، حتى جاءت ثورة الثلاثين من يونيو لتخلصنا من هذا النظام، وتقلب المعايير لهذه الجماعة والتي أطلقنا عليها جماعة أعداء الوطن.


جمعية اللوتس

أما تأسيس جمعية اللوتس المصرية فهي فرع للاتحاد العام للمصريين في الخارج تحت التأسيس وأول فرع للاتحاد في لندن.


وأشارت إلى أن الجمعية تعمل على تقديم المساعدات الإنسانية، وتقديم خدمات ثقافية، تعليمية، ترفيهية لأبناء الجالية المصرية في لندن، مع التأكيد أن الجالية المصرية بلندن من أقوى الجاليات في الخارج، هذا على الصعيد الإنساني، أما على الصعيد الدولي فتعمل الجمعية على تشجيع الاستثمار ومساندته، وتشجيع السياحة.
الجريدة الرسمية