رئيس التحرير
عصام كامل

سفراء المغرب ولبنان يناقشون «الموريسكي الأخير».. شاكر عبد الحميد: الرواية نفذت إلى كواليس الأندلس.. عمار على حسن: الكاتب استطاع سد ثغرة تاريخية.. والمتاهة الرئيسية «البحث عن الهوية»


أقامت الدار المصرية اللبنانية برئاسة الناشر محمد رشاد، حفل توقيع لرواية "الموريسكي الأخير" للكاتب صبحي موسى، وذلك بحضور سفير دولة المغرب الدكتور سعد العليمي، وسفير دولة لبنان في مصر الدكتور خالد زيادة.


سياسة النشر
في البداية، قام الناشر محمد رشاد بتقديم كل من الدكتور شاكر عبد الحميد، والدكتور عمار على حسن كمناقشين أساسيين في الندوة، موضحًا أن صبحي موسى تقدم للدار المصرية اللبنانية من قبل بعملين لم يكن من نصيب الدار نشر أي منهما، ليس لضعف أي منهما ولكن لأن أي ناشر لديه توجهات تخص فكرته هو كناشر والآفاق التي يتعامل معها في السوق، وأن الناشر ليس بالضرورة ملزمًا بنشر كل عمل مهم يصل إليه، فربما يكون خارج خارطة توزيعه، وربما يكون مختلفًا مع سياسة النشر في الدار في هذه المرحلة، وأوضح رشاد أن هذا الأمر لا يعيب أي من الناشر ولا الكاتب لكننا في مصر نأخذ الأمور بحساسية غريبة، في حين أن الغريب الأكثر احترافًا لا ينشغل بهذه الأمور، لأنه تجاوزها منذ زمن طويل.

وأوضح رشاد أن رواية الموريسكي الأخير واحدة من الأعمال الروائية المهمة التي تحمست الناشرة نورا رشاد لنشرها منذ قرأتها، وأن هذه الرواية طبعت في زمن قياسي، وأنه سعيد بطباعتها لما تنطوي عليه من موضوع مهم، ونذكر:" نحن في حاجة لمعرفته ومناقشته الآن، فضلًا عن أسئلتها المهمة عن الماضي والثورة والمستقبل والهويات الضائعة".

تقنيات الرواية
أما وزير الثقافة الأسبق الناقد والمفكر الدكتور شاكر عبد الحميد، فقد تحدث عن ملمح المتاهة في الرواية، قائلًا: إن صبحي موسى في هذه الرواية لعب على عدد من التقنيات التي أبرزت فكرته عن أن الموريسكيين الذي طردوا من بلادهم في الأندلس يعيشون منذ ذلك التاريخ في متاهة حتى الآن، من بين هذه التقنيات لعبة التداخل الزمني ما بين القديم والحديث، ما بين الماضي التام الذي سقطت فيه الخلافة الأموية في قرطبة ودخلت الأندلس عهد ملوك الطوائف، وصولًا إلى الماضي التام المستمر الذي رصد فيه سقوط غرناطة وبداية متاهة أهل الأندلس من المسلمين، حيث الذين تم تنصيرهم إجبارًا وعرفوا بالموريسكيين، لكنهم في حقيقتهم ظلوا مسلمين رافضين لهذا التنصر، رافضين لوجود الدولة الإسبانية الكاثوليكية، وقاموا بثوراتهم المتتالية سواء في البيازين أو البشرات في بداية القرن السابع عشر، هذا الزمن الذي يمكن تسميته بالزمن التام لأنه انتهى منذ أمد طويل، والمستمر لأن موسى أخذ في تدوين وقائعه ويومياته من خلال ما كتبه محمد بن عبد الله بن جهور عن ثورات الموريسكيين.

سد الثغرة
أما الباحث في علم الاجتماع السياسي الروائي عمار على حسن، فقد تحدث عن أنواع الرواية التاريخية، وحضور رواية "الموريسكي الأخير" بينها، فذهب إلى أن الرواية التاريخية بعضها معنى بسد ثغرة في التاريخ كرواية المنسي قنديل كتيبة سوداء، أو استعادة رمز كالزيني بركات لجمال الغيطاني والسائرون نيامًا لسعد مكاوي، أو بحثًا عن واقعية سحرية كما فعل صبحي موسى في هذا النص، مضيفًا أن ما يميز موسى أنه سعى لاستعادة التاريخ كشريك في صناعة وصياغة الحاضر، ومن ثم كتب روايته على وجهين، أو جاءت فصوله بالتبادل بين القديم والحديث، وذهب عمار إلى أن موسى لم يقع في إشكاليات التدوين التاريخي حيث جفاف اللغة والحياد البحثي، لكنه استطاع أن ينسج إطارًا فنيًا متكاملًا يصوغ فيه روايته، ومن ثم فعمله هذه عمل معرفي بامتياز، عمل كتب بوعي فني شديد، حيث لم ينحز كاتبه إلى أي من الأيديولوجيات المتصارعة، ولم يسع لفرض وجهة نظره، لكنه ترك الأحداث تقودنا لنجد أنفسنا أمام تخوف واضح على الثورة المصرية الراهنة، وأضاف عمار أن الموريسكي الأخير هي رواية الثورات، سواء الحديث كثورتي يناير و30 يونيو أو ثورات الموريسكيين كالبيازين والبشرات وبلنسية أو ثورات أهل قرطبة على البربر حتى سقطت الخلافة وجاءت دولة الرأي والجماعة وهي دولة بني جهور التي أسسها الحزم بن جهور جد عبد الله بن جهور قائد ثورة البشرات والذي أصبح بمثابة العين الراعية للموريسكيين الذين يختتمهم مراد يوسف رفيق حبيب بوصفه الموريسكي الأخير.

البحث عن الهوية
واتفق حسن مع الدكتور عبد الحميد على أن الموريسكي الأخير رواية هوية وأن متاهتها هي متاهة البحث عن الهوية، والحلم بالعودة إلى الوطن المفقود، وأنها بدرجة واضحة رواية ضياع إن لم نقل شتات، واتفق ايضًا على أن موسى لعب بالزمن في تركيبة زمنية معقدة، مثلما لعب بالأماكن التي تعددت من قرطبة إلى غرناطة إلى طليلطلة إلى المغرب حيث تطوان وشفشاون إلى تونس حيث بنزرت وحومة الأندلس إلى مصر المحروسة وميدان التحرير وشارع طلعت حرب وبيت الموريسكي الأخير.
الجريدة الرسمية