رئيس التحرير
عصام كامل

السنوات العجاف.. أزمة البطاطس لن تكون الأخيرة.. توقعات بعدم زراعة المحاصيل الرئيسية تجنبًا للإفلاس.. وانهيار الأسعار السبب

محصول البطاطس
محصول البطاطس
أكثر من 40 مليون مزارع مصرى يشعرون بقسوة التهميش، والتهميش هو فقدان الفرصة في العمل أو الموقع وانعدام الفاعلية سواء كان ذلك بفعل الظروف أو الإقصاء المتعمد، وهى المأساة التي تتراكم فصولها عامًا وراء عام، حتى أدرك الفلاح المصرى أنه صار من ركام الماضى، بعدما سقط من أجندة الحكومة وأولوياتها.


ورغم أن الفلاحين ليسوا أقلية في مجتمع يمثلون فيه أدنى من نصف عدد سكانه بقليل، إلا أنهم يعيشون سنوات عجافًا بما تعنيه الكلمة، حتى أن حكومة الدكتور مصطفى مدبولى صارت لا تراهم ولا تقيم لهم وزنًا ولا قدرًا ولا اعتبارًا، مهما تكالبت على رؤوسهم المآسى والأزمات، ولن يكون انهيار سعر محصول البطاطس آخر هذه الأزمات، فالقوس لا يزال مفتوحًا على مصراعيه.

تمثيل رسمي

وجاء تجميد النقابة العامة للفلاحين على مستوى الجمهورية قبل أيام قليلة كاشفًا على طبيعة المحنة التي يعيش في داخلها الفلاحون، خاصة أن هذا التجميد يأتى بعد تجاهل تمثيلهم في اختيارات مجلسى النواب والشيوخ، وهو ما يعنى أن فصول التهميش والتجاهل سوف تمتد سنوات أخرى، لأن أحدًا لن يشعر بأوجاعهم أو يتحدث باسمهم، أو يضغط على الحكومة لتحقيق جانب من أحلامهم المؤجلة وحقوقهم المهدرة.

"فيتو" تلقى الضوء على هذه الأزمة بجوانبها وأبعادها المختلفة وتبحث في حلولها؛ حتى لا يبقى التهميش مستمرًا، والظلم متجددًا والوضع على ما هو عليه، خاصة أنه ليس هناك مبرر لهذا التعامل مع فئة هي الأكثر عطاء وتفانيًا وجهدًا، دون أن تتلقى جزاءً أو شكورًا أو اهتمامًا.. أو حتى تمثيلًا داخل البرلمان..

فيروس كورونا

سنة قاسية مرت على العالم بسبب فيروس كورونا، لكنها كانت أشد قسوة على المزارعين المصريين، وتنضم إلى ما سبقها من السنوات العجاف، بعد أن انهارت أسعار المحاصيل مع زيادة الإنتاج وانخفاض الطلب نتيجة الحجر الصحي وتراجع القوة الشرائية للمواطنين تأثرا بالجائحة العالمية، وهو ما أصبح يهدد الموسم الزراعي المقبل الذي يتوقع بعض الخبراء أن يشهد عزوف المزارعين عن زراعة عدد من المحاصيل الأساسية لتدنى أسعارها.

فى ظل رفع الحكومة شعار: "ودن من طين وأخرى من عجين"، وكأن الفلاحين لا يحملون الجنسية المصرية أو قادمون من كوكب آخر.. لفت تدني أسعار البطاطس أنظار الجميع خلال 2020 وسجلت قرابة 600 جنيه للطن، مع زيادة المعروض عن الطلب تأثرا بتراجع عالمي في أسعار البطاطس بشكل عام، إلى جانب بعض الأزمات الداخلية التي هوت بالسعر إلى أدنى معدلاته منذ سنوات وفق ما يقول المحاسب أحمد الشربيني رئيس الجمعية العامة لمنتجي البطاطس.

انهيار البطاطس

والذي أكد أن عدم تحديد كميات التقاوي المستوردة عند 110 آلاف طن، هو أحد أسباب زيادة المساحات المنزرعة وسط وجود إنتاج كبير الموسم الماضي، وهو ما تسبب في تراكم الإنتاج مع ظروف فيروس كورونا وتضاؤل الطلب على السلع بشكل عام نتيجة حالة الحجر الصحي، فدخلت أسعار البطاطس في نفق مظلم لم تخرج منه إلى الآن.

وكشف أن أحوال المزارعين صعبة للغاية خلال عام 2020 بعد أن تسبب أحد المحاصيل التي كانت تدر الدخل إليهم وهو البطاطس في خسارتهم الفادحة، واصفا الوضع الحالي في قرى الدلتا والصعيد، بأن الفلاحين منقسمون لعدة أنواع بين مهدد بالسجن نظرا للديون المكتوبة عليهم أو مصابين بأمراض مزمنة حلت عليهم بعد الخسارة الفادحة، مشددا على أن الأوضاع في الريف المصري تعيسة جدا.

دور الدولة

وهو ما يتطلب تدخل الدولة لإعادة التوازن إلى القطاع الزراعي بدعم المزارعين بطرق مختلفة، تمكنهم من مواصلة الزراعة المواسم المقبلة حتى لا يتسبب عزوفهم في أزمة في توفير سلعة البطاطس خلال العام المقبل وتتكرر أزمة عام 2018 مرة أخرى.

ومع توقعات تدني أسعار البطاطس والسلع الزراعية الأخرى الموسم الماضي هربت نسبة من المزارعين إلى زراعة الفول البلدي كأحد أهم السلع الزراعية المطلوبة في السوق المحلي وللتصدير، إلا أن قرار حظر تصدير البقوليات ومن ضمنها الفول البلدي والذي تم تجديده بشأن الفول مؤخرا، أحدث قلقا كبيرا بين المزارعين حول تدنى السعر داخليا وانخفاض الطلب على الكميات المطروحة من المحصول.

قرارات الحظر

محمد السيد "مزارع" أعرب لـ"فيتو" عن استيائهمن قرار حظر تصدير الفول البلدي، باعتباره غير مدروس من وجهة نظره؛ ربما يأتي بالسلب على مزارعيه الذين يواجهون صعوبة في تسويقه في السوق المحلي، نظرا لارتفاع سعره عن الفول المستورد، والذي يباع في السوق المصري بأسعار منخفضة لا يمكن للفول البلدي أن ينافسها، خاصة أن جودة الفول البلدي تجعل أسعاره أكثر من ضعف الفول المستورد.

وتلجأ المطاعم المنتشرة في كل مصر والأكثر استهلاكا للفول إلى شراء كميات من الفول المستورد منخفض السعر وليس الفول البلدي الأعلى جودة بسبب سعره المرتفع ، وهو ما يهدد المزارعين بعدم القدرة على تسويق الفول البلدي مع وفرة الفول المستورد بالأسواق.

الفول البلدي

ولفتت مصادر بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي لـ"فيتو" إلى أن مساحات الفول البلدي شهدت زيادة خلال الموسم الماضي على غير المواسم السابقة، حيث كان المزارعون لا يميلون لزراعة الفول؛ بسبب معاناتهم مع مرض الهالوك والخوف من الخسارة.

ولكن ضعف أسعار المحاصيل الأخرى زاد من الإقبال على زراعة الفول البلدي، والذي يواجه مشكلة تسويق داخلية نظرا لارتفاع جودته التي تنعكس على سعره أيضا، والقرار الأخير بحظر التصدير قد ينعكس بتراجع المساحات من جديد الموسم المقبل لعدم ضمان المزارعين تسويق محصولهم. محصول الطماطم أيضا شهد تراجعا حادا في سعره بعد ارتفاع مؤقت شهر نوفمبر الماضي نتيجة فاصل العروات ووجود فترة فراغ في المعروض من المحصول قفز بأسعاره إلى قرابة 200%، قبل أن ينضم إلى إخوته من المحاصيل.

انهيار الأسعار

وكشف تجار بسوق العبور عن تراجع الأسعار لتسجل جنيهان للكيلو بعد أن كانت وصلت إلى 8 جنيهات قبل أكثر من شهرين.

مدير معهد بحوث البساتين الأسبق الدكتور محمد جبر أشار فى تصريحات لـ"فيتو" إلى أن الارتفاع والهبوط المفاجئ لأسعار الطماطم والسلع الزراعية بشكل عام يعود إلى عدم وجود دراسات تحدد المواعيد التي يشهد فيها السوق إقبالا كبيرا على السلعة ليكون مخطط وزارة الزراعة تكثيف الزراعة في مواسمها وهو ما لا يحدث، ويتسبب في وجود فجوة دائمة في مواعيد محددة من العام.

وهي فاصل العروات يرتفع فيها سعر السلع مثل الطماطم لأكثر من الضعف بسبب نقص المعروض وزيادة الطلب، بينما نشهد الآن زيادة المعروض بشكل كبير مع انخفاض الطلب وهو ما تسبب في تراجع أسعار الطماطم مرة أخرى كبقية السلع الزراعية.

نقلًا عن العدد الورقي..،
الجريدة الرسمية