رئيس التحرير
عصام كامل

بهاء جاهين يحكي عن ذكريات والده صلاح جاهين في مكافحة الغرور وتحمل الألم

صلاح جاهين وزوجته
صلاح جاهين وزوجته الأولى وابنه بهاء

فى عام 2017 كتب الصحفي بهاء جاهين يقول: رحل أبى صلاح جاهين فى الخامسة والخمسين، وأنا الآن فى الواحد والستين وحين اضبطنى متطلعا إليه رافعا رأسى إلى أعلى كطفل ينظر إلى أبيه ينتابنى العجب، ومع ذلك فمن الطبيعى أن يظل الابن ينظر إلى أبيه نظرة الصغير إلى الكبير، والكائن الأرضى إلى المثل الأعلى.



فما بالكم وذلك الأب هو من هو، ذلك الفنان والإنسان العظيم صلاح جاهين، أو محمد صلاح الدين حلمى ـ الذي رحل فى مثل هذا اليوم عام 1986 ـ كما هو مدون فى الأوراق الرسمية.

أضاف: الإنسان الوديع المتواضع الذى ينطوى فى نفس الوقت على قوة داخلية جبارة صبر وجلد واحتمال رجولى لأعباء الحياة والعمل.


استكمل: ظل صلاح جاهين طوال عهدى به يعمل أكثر من 12 ساعة يوميا ومع ذلك لم أسمع صوته يعلو فخورًا بنفسه أو متباهيا بما أنجز من أعمال، ظل وديعا كعصفور ولم يعرف الغرور يوما سبيلا إلى قلبه.


حكى لى فيما حكى وقال: حين كنت أكتب الرباعيات فى الفترة من 1959 إلى 1963  كنت أحيانا أضبط الغرور يتسلل إلى قلبى فأقوم فورا بزيارة أصدقائى الذين نشأت معهم فى روز اليوسف وصباح الخير من الصحفيين والرسامين والكتاب والذين كانوا يعاملونى كولد من ضمنهم دون تحرج عن شتمى أو استخدام الأيدى معى على سبيل الدعابة الصبيانية، وعلى الفور كان يتم علاجى وشفائى من الغرور.


أضاف: حكاية أخرى شهدتها بنفس، وليس من سمع كمن رأى ، فى أوائل الثمانينات كان المسرح القومى يستعد لتقديم مسرحية ايزيس لتوفيق الحكيم على خشبة المسرح من إخراج كرم مطاوع، وأراد مطاوع ان يجعل ذلك العرض الجديد ذا طابع موسيقى فاتفق مع صلاح جاهين على كتابة أشعار كان عددها كبيرا.

وبعد ذلك الاتفاق أصيب والدى بآلام مبرحة فى العمود الفقرى نتيجة ضغط الدهون على أعصاب فقراته، ولم يكن هناك علاج مباشر لها إلا بجعل الألم محتملا أحيانا عن طريق المسكنات، فالعلاج الوحيد الحاسم كان سيستغرق شهورا طويلة عن طريق التخلص من تلك الدهون الرهيبة المتراكمة بريجيم غذائى طويل المدى ــ وقد تم هذا العلاج فعلا فيما بعد ــ وهو السبب فى أن صلاح جاهين فقد نصف وزنه فى العامين الأخيرين من حياته.

استكمل: المهم كان على والدى إنجاز ذلك العدد الكبير من الاشعار المطلوبة للمسرحية خلال أسابيع للارتباط بموعد افتتاح المسرحية ولابد من تلحين تلك الأشعار، وتسجيل الأغانى ثم إجراء بروفات الاستعراضات.

تابع: كنت أشهد بعينى صلاح جاهين جالسا على الكرسى الأسيوطى المجاور لمكتبه يحاول احتمال الألم المبرح فى ظهره عن طريق الحقن بالنوفالجين ليقوم متحاملا على نفسه حين يقل الألم شيئا فيجلس الى مكتبه ويكتب.

استكمل: كان جاهين هو الفولاذ المحمى معبرا عن ألمه المضنى أكثر من أى شيء آخر لذلك كانت افتتاحية ايزيس يقول فيها: معدن عزمى فولاذ محمى، واختتم: أنا ما زلت أتطلع إلى أبى رافعا رأسى إلى أعلى.

الجريدة الرسمية