رئيس التحرير
عصام كامل

بالصور.. أسرار «مافيا الأسماك» في بحيرة ناصر.. 5 جنيهات للكيلو المهرب وبيعه بـ9.. غياب الرقابة وانعدام التفتيش يهددان الثروة السمكية بالانهيار.. والدروب الصحراوية أفضل طرق المهربين


يستغل عدد كبير من الصيادين والتجار، بحيرة ناصر بشكل خاطئ يهدد الثروة السمكية في مصر، وخاصة لما تحظى به البحيرة من أنواع أسماك فريدة ومميزة لدى الجميع على مستوى محافظات الجمهورية.


«مافيا تهريب الأسماك»
انتقلت «فيتو» إلى ضفاف بحيرة ناصر للتعرف على أسرار «مافيا تهريب الأسماك» التي انتشرت في السنوات الأخيرة، ولم تتم السيطرة عليها حتى الآن، مع التعرف على خطوات رحلتهم من بحيرة ناصر حتى الوصول إلى بر الأمان.

ويرجع سبب اتجاه الصياد إلى التعامل مع مهربى الأسماك بسبب حصوله على دخل منخفض عقب قضائه يوما بأكمله في صيد الأسماك، حيث تكون المنطقة مرخصة لأحد الصيادين الكبار، ويطلق على كل شخص يملك منطقة «صاحب منصب أو خيمة» ويعمل لديه صغار الصيادين ويتم دفع عمولة عن كيلو السمك للميناء نحو 30 قرشًا ثم يخصم منه مرخص المنطقة «ثمن الطعام» والذي يحسبه عليه بسعر مرتفع ويبيع السمك بسعر زهيد بنحو جنيه ونصف للكيلو الواحد، مما يجعل حصيلة يومه 150 جنيها تقريبًا في حالة صيده لنحو 100 كيلو سمك، وهى تعد أعلى كمية يصطادها الصياد في اليوم الواحد، مما يدفعه للتعامل مع مهربى الأسماك للحصول على مبالغ أكبر فضلًا عن طعام دون مقابل.

تفاصيل رحلة التهريب
وتبدأ رحلة التهريب بوقوف المهرب على ضفاف بحيرة ناصر التي من المفترض أن تكون تحت رقابة شرطة المسطحات المائية، ثم يستقل لنشات صغيرة يطلق عليها "معونة" عبارة عن قارب صغير عليه ماتور 9.9 أحصنة، يدخل به في مياه البحيرة ليصل إلى الصياد ويعرض عليه شراء الأسماك التي لديه ويدفع ثمنها، ويتراوح سعر الكيلو ما بين أربعة إلى خمسة جنيهات، مما جعله يحقق مكاسب طائلة ويعطى له الطعام والشراب بأسعار قليلة، كما يحصل على مقدم شهرى يطلق عليه "أرضية" يصل إلى 5 آلاف جنيه كضمان حق وتخصم منه على دفعات.

وبالنسبة للمهرب يتفق مع نحو عشرين صيادا في اليوم الواحد يشترى كل ما تم صيده من البحيرة بحيث يحمل طنا من الأسماك يكون مكسبه فيه نحو 20 ألف جنيه على مدى الشهر لنقله نحو 20 طنا شهريا.

ويستكمل المهرب خطواته لنجاح عملية التهريب من خلال الاتفاق مع أشخاص في التموين أو الأمن للتواصل مع شخص آخر يطلق عليه "استكشاف" يكون مثل حلقة الوصل بينه وبين المهرب، يخبره في حالة خروج حملات أمنية أو تموينية، حتى يستطيع المهرب إبعاد مواتيره أو لنشاته عن المكان الذي تستهدفه الحملة، ويكره المهربون صيد السمك الصغير لأسعاره الزهيدة، بينما يفضل البلطى وقشر البياض لأنها تحقق مكاسب عالية حيث يصل مكسبه في الـ300 كيلو 1300 جنيه.

تمركز المهربين
ويتمركز مهربو أسماك بحيرة ناصر في مدينة أسنا التابعة لمحافظة الأقصر في قرية حاجر كومير، لأنها تعد أول قرية بعد مدينة السباعية التابعة لمحافظة أسوان، لأن قانون الأسماك يطبق في أسوان فقط، ويوجد في تلك المنطقة نحو 70 مخرنا للأسماك المهربة، وأصبحت هناك سوق لبيع سمك التهريب يصل سعر الكيلو إلى نحو 9 جنيهات.

طرق المهربين
ويصل عدد مهربى الأسماك من بحيرة ناصر، إلى نحو 30 مهربا يستخدمون سيارات ربع نقل «تويتا» لنقل بضائعهم وأغلبهم من محافظة سوهاج، ومن أفضل الطرق التي يسلكها المهرب بعيدًا عن الرقابة يبدأ بطريق مدقات الأربع والأربعين على طريق «أبو سمبل»، وطريق آخر بجوار كافيتريا «أم إبراهيم» على طريق جرف حسين، وطريق كتايب الجيش ليتخفوا وراءه ويستكملوا طريقهم ناحية «أبو سمبل» وتصل أغلب تلك الطرق المهربين إلى العديد من المحافظات وتنتهى في أسيوط، وهناك أيضًا الطريق المجاور لكمين «أبو سمبل» الصحراوى حتى مدينة السباعية التابعة لمركز إدفو وتكون آخر محطاته في قرية الغنايم بمحافظة أسيوط.

ويعمل مهربو الأسماك أيضًا في تهريب السلاح القادم من دولة السودان، وتهريب المخدرات وسرقة الكابلات، ولديهم العديد من الحيل الذكية التي تساعدهم على نجاح خططهم بعيدًا عن أعين الأمن.

وقال أحد الصيادين ببحيرة ناصر: إن انعدام الرقابة على البحيرة يهدد الثروة السمكية، خاصة أن هناك صيادين يستخدمون غزل مج 14 أو 16 للحصول على أكبر كمية من الأسماك والتي يكون معظمها أسماك صغيرة لأن الغزل المصرح به مج 8 و9.5 و6.5 والسنارة والحربة، وهناك من يستخدم الكهرباء في صيد الأسماك التي تجعله يظهر على سطح المياه ويتم صيده بسهولة.

وأضاف لـ«فيتو»، أن السمك الصغير ممنوع صيده حاليا حفاظًا على الثروة السمكية، لكن يضرب الصيادون عرض الحائط ويصطادون السمك الصغير ويستخدمون الطرق الملتوية للخروج من البحيرة، وأحيانًا يصل طن السمك إلى 900 كيلو مخالف و100 كيلو مطابق للمواصفات.

غياب رقابة ورشاوى
وأوضح أن الصياد يضع على وجه الصناديق التي ينقل فيها الأسماك نحو 7 كيلو من السمك الكبير، ليغطى الأسماك الصغيرة الممنوع صيدها، ونظرًا لغياب الرقابة وعدم التفتيش الجيد، فضلًا عن الرشاوى التي يدفعها يستطيع المرور بها من البحيرة، ويشكل التهريب خطورة تتمثل في عدم الكشف على الأسماك من الطبيب البيطرى لتحديد صلاحيته للأكل والبيع في الأسواق.

من ناحيته قال المهندس محمود حسيب المدير التنفيذي لهيئة الثروة السمكية بأسوان، إنه في إطار التعاون بين هيئة الثروة السمكية وشرطة المسطحات المائية، تم تدعيم البحيرة بـ2 لنش مطاردة بتكلفة 3 ملايين جنيه، ويمتاز بخفته وقوة تحمله بقدرة 500 حصان وسرعة 40 عقدة في الساعة، موضحًا أن كل لنش مزود بجهاز «G.P.S» لتحديد المواقع، بالإضافة إلى جهاز لقياس الأعماق وأجهزة لاسلكي حديثة لاستخدامها في الربط بين اللنشات وغرف عمليات شرطة المسطحات مباشرة.

وأضاف أن ذلك يؤدى إلى سرعة التعامل بشكل فوري مع أي مخالفات وسرعة اكتشاف عمليات التهريب والحد من الصيد الجائر ووقف مراكب الصيد المخالفة، مشيرًا إلى أن التهريب والصيد الجائر أديا إلى تجريف البحيرة بمعدل 7 آلاف طن سنويا من إنتاجها السمكى على مدى الأربع سنوات الماضية، كما أن تشغيل اللنشات الجديدة سيساهم في زيادة الإنتاج السمكى من المرابي الطبيعية داخل الأخوار وخاصة بعد إنشاء 5 مراب طبيعية في العام الماضي وجاري تعميم التجربة بجميع أخوار البحيرة والتي ستهدف زيادة الإنتاجية بنسبة 400 %.
الجريدة الرسمية