رئيس التحرير
عصام كامل

الفيوم تعاني إهمال في جميع القطاعات... شركة لاستصلاح الأراضي تستولي على مياه الري.. هجرة الصيادين بسبب زيادة الملوحة في بحيرة قارون.. المحافظة أصبحت «مقلب قمامة»


محافظة الفيوم إحدى محافظات الصعيد التي كانت تتمتع بثرواتها الطبيعية التي تميزها عن باقي محافظات الجمهورية من حيث الأماكن الأثرية الموجودة بها وبحيرة قارون التي تعتبر مزارا سياحيا وكانت فيما مضي استراحة للأسرة المالكة وغيرها من الأماكن الجذابة.

إلا أن المحافظة وفي غياب الرقابة وانتشار الإهمال بين المسئولين في مختلف القطاعات أصبحت المحافظة تعاني العديد من المشكلات في مجال الري والصرف الصحي والسياحة وغيرها.

نقص مياه الري
تظاهر سكان المحافظة أكثر من مرة بسبب مياه الري التي لم يجد المحافظون المتوالون عليها حلاً لهذه المشكلة، وزادت الكارثة بعد أن شمر المحافظ الأسبق جلال سعيد عن ساعديه وحرم أهل المحافظة من إنتاج الأرز، وأصدر قرارا بمنع زراعته، وذهبت مقننات الري لمساحة 70 ألف فدانا أرز هباءً وتحولت إلى محافظة أسيوط.

وأكد خبراء الري أن سبب هذه الأزمة هو سرقة مياه الري لأراضي غير مقنن لها حصة، يمتلكها عدد من المسؤولين على طريق مصر أسيوط الغربي وفي صحراء مركز طامية ويوسف الصديق ومركز سنورس ورغم أن هذه المشكلة أثيرت أكثر من مرة المجالس المحلية قبل الثورة إلا أنها لا تجد حلا حتى الآن.

يقول نصر مطاوع رئيس رابطة مياه بحر سيلا العمومي، "أن هناك شركة لاستصلاح الأراضي بمركز طامية تستولي على مياه الري، وزراعة الأرز بريئة من مشكلة نقص المياه".

وتابع مطاوع: "أن قرار المحافظ الأسبق جلال سعيد الذي منع زراعة الأرز أدي إلى توقف 50% من الأراضي الزراعية في مركزي الفيوم وأطسا عن الزراعة لأن هذه المساحات لا تصلح إلا لزراعة الأرز فقط لأنها أرض ذات ملوحة عالية، وهذا أدي بدوره إلى نقص المحصول في المحافظة".

السياحة الداخلية
كانت الفيوم في الماضي منتجع الفقراء والأغنياء على حد سواء وكانت مضرب المتل في الأفلام العربية القديمة كما كانت استراحة للأسرة المالكة لما تتمتع به من جمال في الطبيعة وطقس رائع طوال أشهر السنة بالأضافة إلى ما تحتويه المحافظة من آثار فرعونية ورومانية وقبطية وإسلامية من كل العصور.

كل هذه المميزات جعلت الفيوم المحافظة الأولى في السياحة الداخلية، حتى رفضت المحافظة تجديد عقود المستثمرين على شواطئ بحيرة قارون وغرق الشاطئ الذي كان مصيفا لأبناء الفيوم والمحافظات المجاورة.

كما أن نضوب مياه عيون السيليين أدي إلى توقف زياراتهم، وأيضا إزالة النباتات من شلالات وادي الريان أدي إلى هجر المواطنين لها كما أهمل المسؤلين الآثار، حتى وصلت المياه الجوفية داخل هرم هوارة إلى أكثر من متر ونصف المتر مما يهدد وجود الهرم وكذلك تم ترميم مئذنة وقبة على الروبي بشكل غير مناسب ما أفقدهما شكلهما الأثري.

مدينة الفيوم مقلب كبير للقمامة 
تحولت شوارع مدينة الفيوم إلى حفر بعد أن تم تكسير كل شوارع المدينة بعضها بحجة التطوير وبعضها لترميم شبكة المياه وشبكة الصرف رغم أن كثيرا من هذه الشوارع تم تجميلها قبل الثورة مباشرة.

وتحولت شوارع المحافظة سواء في المناطق الشعبية أو المتميزة إلى مقلب كبير للقمامة بعد أن عجزت إمكانيات الوحدة المحلية عن نقل 250 طن قمامة تنتجها المحافظة يوميا، ورغم ذلك فأن الوحدة المحلية ما زالت تحصل رسوم النظافة.

وقال مصدر بالوحدة المحلية لمدينة الفيوم أن معدات الوحدات لا تستطيع رفع أكثر من 125 طن قمامة مما يعني أن هناك 125 طن أخرى ستتراكم يوميا، مما قد يحول المدينة إلى مقلب كبير للقمامة

هجرة الصيادين
هجر الصيادون بحيرة قارون واتجهوا إلى بحيرة ناصر بأسوان بعد أن أصبحت البحيرة شبه ميتة لارتفاع نسبة الملوحة حتى وصلت لمعدلات يصعب معها عودة البحيرة لسابق عهدها في إنتاج الأسماك.

وقد راح جراء هجرة الصيادين إلى أسوان 16 شخصا من خيرة أبنائها في حادث تصادم بكوم أمبو منذ شهور قليلة وما يزال أخرون في مستشفيات الدولة يعانون من إصابات لحقت بهم في هذا الحادث الذي جعل قرية شكشوك على ضفاف البحيرة ترتدي السواد حتى الآن.

وأكد بعض الصيادين أن ما يتم إلقائه في مياه البحيرة واحد ونصف مليون "زريعة" سنويا من الحصة المقررة وقدرها 22 مليون زريعة سنويا ويذهب الباقي إلى المزارع الخاصة بمعرفة المسئولين.

يبلغ إنتاج بحيرة قارون ووادي الريان معا خمسة آلاف طن أسماك سنويا لمسطح مائي مساحته 55 ألف فدان والكمية المنتجة لا ترقي إلا إنتاج المزارع الخاصة على ضفاف بحيرة قارون التي تنتج أكثر من عشر أضعاف البحيرة رغم أن مياه المزارع هي نفس مياه البحيرة ولكن ضياع "الزريعة" وترك المتعدين عليها بالصيد الجائر على مرأي ومسمع شرطة المسطحات أدي إلى نقص إنتاج البحيرة حتى أصبحت المحافظة من المحافظات المستوردة للأسماك وكثيرا ما طالب الصيادون بإنقاذ البحيرة لكن كل شكواهم ذهبت أدراج الرياح.

مشكلات المياه الجوفية بالقرى
كما تعيش قرى الفيوم على بحيرة من مياه الصرف الصحي لاعتمادها على الصرف من خلال خزانات غير مطابقة للمواصفات البيئية بالإضافة إلى إسناد تنفيذ شبكات مياه الشرب إلى الوحدات المحلية التي قامت بالتنفيذ من خلال الإدارات الهندسية غير المؤهلة لتنفيذ هذه الشبكات مما أدي إلى تسريب مياه الشرب إلى باطن الأرض وساعد ذلك على ارتفاع منسوب المياه السطحية في القرى مما حولها إلى بحيرة كبيرة من المياه الجوفية ومياه الصرف الصحي.

وهناك 45 مشروعًا للصرف الصحي بالقري توقف مع بدايات ثورة يناير 2011 حتى الآن ولم يفكر مسئولو المحافظة في إعادة العمل بهذه المشروعات من جديد لإنقاذ مليارات الجنيهات التي تم صرفها شبكات صرف صحي ثم تركت تحت سطح الأرض دون استفادة
الجريدة الرسمية