رئيس التحرير
عصام كامل

الأزمة تشتد!

مع كل يوم يمر تشتد حدة أزمة السد الإثيوبي، لأن الحكومة الاثيوبية إختارت نهج التصعيد بالإصرار على الملء الثاني للسد بشكل منفرد وتصرف أحادي الجانب بدون توافق مع مصر والسودان، وأيضاً بإجهاض أية محاولة للتوصل إلى مثل هذا التوافق بعد أن رفضت اقتراحا سودانيا بتنظيم لقاء بين رؤساء حكومات البلدان الثلاثة كما يقضى ذلك إتفاق النوايا الموقع بينها عام ٢٠١٥، وبما تقوم به الآن من حملة أكاذيب عالمية تدعى خلالها بأنها لا تستفيد من مياه النيل الازرق، وأن مصر والسودان تستأثران بها، رغم إنها المستفيد الأول منها .


تصعيد مستمر
وتستثمر إثيوبيا في تصعيدها هذا أن الاهتمام العالمى بهذه الأزمة مازال حتى الآن لا يتناسب مع خطورة هذه الأزمة وهي الخطورة التي تهدد الأمن والسلم الدوليين وتنذر بتهديد استقرار منطقتنا.. فما زالت القوى المؤثرة فى العالم تكتفى فقط بإبداء أمنياتهم فى أن تجد هذه الأزمة حلا سياسيا مناسبا يراعي مصالح الدول الثلاث.. مصر والسودان واثيوبيا.. دون أن تبذل جهدا فى دفع اثيوبيا لأن تتسلح بإرادة سياسية للتوصل إلى هذا الحل، وتتخلى عن تعنتها ومرواغتها وتصعيدها، وتقتنع باستحالة فرض سيطرتها على النيل الازرق والتحكم في تدفق مياهه، لانه ليس بحيرة اثيوبية وإنما نهر دولى يمنعها القانون الدولي من التحكم فى تدفق مياهه أو بيعها سواء للدول التي تتشارك فيه أو لغيرها.. 

هذه القوى المؤثرة عالميا لأسباب تخصها وتتعلق باولوياتها تمنح فى منطقتنا أزمة الملف النووى الايرانى اهتماما  أكبر من الإهتمام الذى تمنحه لأزمة السد الإثيوبى، رغم زيادة حدتها بالتصعيد الإثيوبي المستمر، وهو التصعيد الذي يستفيد منه داخليا حكام اثيوبيا الحاليين فى ظل الأزمات الداخلية التى تمسك بخناق اثيوبيا، وأخطرها وأكثرها حدة أزمة اقليم تيجراى، ولرغبة هؤلاء الحكام فى جمع أصوات الناخبين فى الانتخابات المقبلة التي سوف تشهدها البلاد بعد بضعة شهور قليلة، من خلال إذكاء الشعور الوطني في مواجهة كل من مصر والسودان.

انزعاج إثيوبيا
ولعل هذا يفسر انزعاج إثيوبيا من الخطوة الاخيرة التى قام بها وزير خارجيتنا حينما خاطب أمين عام الأمم المتحدة وبعث بخطابات إلى كل من مجلس الامن والجمعية العامة يشرح فيها تطورات أزمة السد الاثيوبى، ووصول المفاوضات  تحت رعاية الاتحاد الافريقى إلى طريق مسدود نتيجة تعنت اثيوبيا ورفضها التوصل إلى إتفاق قانونى ملزم بين الدول الثلاث التى تتشارك فى النيل الازرق ينظم قواعد ملء وتشغيل السد بما لا يلحق أذى أو ضررا بأحد منها.

لكن إذا كانت القوى العالمية المؤثرة لا تمنح الاهتمام الذى يتناسب مع خطورة هذه الازمة، فإنها ستجد نفسها فى القريب العاجل مضطرة إلى ذلك، لأن مصر ومعها السودان لن يفرطا فى حقوقهما فى مياه النيل الأزرق.
الجريدة الرسمية