بعد تكرار وقائع التحرش في "الدولية" و"الخاصة".. التعليم تضع خطة لمكافحة الانحراف الأخلاقي بالمدارس الحكومية.. أبرزها تركيب كاميرات في جميع الأماكن
أزمة كبرى باتت تواجه وزارة التربية والتعليم مع تنامي حوادث الاعتداء على الأطفال في المدارس بجرائم مفزعة، ورغم أن الحوادث المنتشرة تعد بمثابة حالة فردية ولا يُمكن تعميمها على نظام التعليم المصري الذي يضم 62 ألفًا و56 مدرسة مقيد بها 25 مليونًا و829 ألفًا و619 طالبًا وطالبة على مستوى الجمهورية، إلا أن وقع جرائم التحرش الجنسي بالأطفال في عدد من المدارس سواء أكانت خاصة أو دولية أو حكومية وصداها المجتمعي بات يتطلب وقفة أكثر حزمًا، ويتطلب إجراءات صارمة من قبل وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني لمواجهة تلك الجرائم.
الشيطان يكمن في التفاصيل
البداية كانت مع جريمة هزت الرأي العام شهدتها مدرسة سيدز الخاصة بالقاهرة، والجاني فيها تشكيل مكون من خمسة أشخاص من العاملين بالمدرسة متهمون بهتك عرض مجموعة من الأطفال، وهي القضية التي أثارت موجة غضب عارمة في المجتمع المصري، وتنظر حاليًا أمام القضاء العسكري، ثم توالت بعد ذلك مجموعة من الحوادث والجرائم في عدد من المدارس منها جريمة "جنايني" مدرسة ALS بالإسكندرية، والتي صدر فيها حكم تاريخي بإحالة أوراق المتهم إلى فضيلة المفتي للتصديق على حكم الإعدام في واحد من أسرع الأحكام القضائية في تاريخ القضاء الجنائي، حيث لم تستغرق التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة، وتوقيع الكشف الطبي على الأطفال المجني عليهم، ومعاينة مكان الجريمة، وأعمال إحالة القضية، ونظرها أمام المحكمة والنطق بالحكم مدة زمنية أقل من 10 أيام.
وقبل ذلك كانت محكمة جنايات القاهرة قد أصدرت حكمًا على معلمة بإحدى المدارس الخاصة بالسجن لمدة عام؛ بسبب مراودتها أحد طلابها عن نفسه في محاولة منها لممارسة الرذيلة معه مستغلة في ذلك غياب أهل الطالب؛ ولكنها لم تنجح في مسعاها وانتهت القضية بسجنها لمدة عام.
تلك الحوادث وغيرها، استدعت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني إلى إصدار الكتاب الدوري رقم 19 لسنة 2025 لمواجهة حالات التحرش بالأطفال في المدارس الخاصة والدولية؛ ولكن يبدو أن الكتاب الدوري الصادر عن وزير التربية والتعليم والتعليم الفني محمد عبداللطيف لم يكن كافيًا لمواجهة تلك الجرائم غير الإنسانية والتي تثير اشمئزاز كل من يتناولها بالحدث والنقد بسبب بشاعة الأفعال المرتكبة فيها.
فبعد أقل من شهر من صدور الكتاب الدوري المشار إليه، اصطدم المجتمع المصري بعدد من بلاغات حررها مجموعة من أولياء الأمور في بعض المدارس مدعين وقوع جرائم مشابهة لأبنائهم، ومن ذلك ما شهدته إحدى مدارس النيل التابعة لوزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، وهو الحادث الذي أثار ردود فعل واسعة، خاصة بعدما تقدم النائب عبد المنعم إمام، بسؤال برلماني إلى وزير التربية والتعليم بشأن واقعة تحرش داخل إحدى مدارس النيل الحكومية، والتي تعرض فيها عدد من أطفال مرحلة رياض الأطفال (KG2) للتحرش من قبل فرد أمن بالمدرسة.
وأشار النائب إلى أن أولياء الأمور لاحظوا تغيّرًا ملحوظًا في سلوك أطفالهم، وعند سؤالهم أكدوا تعرضهم للمس بطريقة غير لائقة داخل المدرسة بعيدًا عن أعين المشرفين، وبالفحص والتحري ثبتت صحة الواقعة وتم ضبط المتهم واقتياده للتحقيق أمام النيابة العامة.
وأضاف أن الأمر الأخطر تمثل في تجاهل إدارة المدرسة للشكوى الرسمية المقدمة قبل وقوع الحادث بيوم واحد، والتي تضمنت وجود حالات تحرش وشكوك جدية في أقوال الأطفال، دون اتخاذ أي إجراء أو تفعيل آليات الحماية الداخلية، ما اضطر أولياء الأمور للجوء مباشرة للشرطة.
وأشار النائب عبد المنعم إلى أن الواقعة تكشف عن خلل هيكلي خطير في إدارة مدارس النيل، يتمثل في:
التغيير المستمر وغير المبرر للإدارات، حيث تم تعيين أكثر من 10 مديرين خلال أقل من عامين، وتعيين قيادات دون خبرات إدارية كافية وإقالة بعضهم بعد فترات قصيرة، وجود شبهة تضارب مصالح وتعيين أقارب في مواقع قيادية، من بينها تعيين مديرة مرحلة KG على صلة قرابة مباشرة بالعضو المنتدب لشركة مصر للإدارة التعليمية، غياب منظومة تأمين فعالة داخل المدرسة، وعدم وجود كاميرات مراقبة كافية رغم الشكاوى المتكررة.
وقال النائب البرلماني في حيثيات سؤاله إن المدارس تحولت إلى ملاذ لتعيين عناصر غير مؤهلة، على حساب كفاءة الإدارة وسلامة الطلاب، وأن هناك تراجعا في مستوى الرقابة بوضوح منذ نقل تبعية مدارس النيل من رئاسة مجلس الوزراء إلى وزارة التربية والتعليم، رغم كونها مشروعًا قوميًّا تابعًا للدولة.
وطالب النائب الوزير بالإجابة عن عدة تساؤلات مهمة، منها:
أسباب عدم تحرك إدارة مدارس النيل فور تلقيها شكوى رسمية بوجود شبهات تحرش بأطفال.
تحديد المسؤوليات عن الإهمال الذي كاد أن يؤدي إلى استمرار الجريمة داخل المدرسة.
معايير اختيار وتعيين القيادات الإدارية داخل مدارس النيل، وهل تخضع لرقابة فعلية من الوزارة.
رد الوزارة على ما يُثار بشأن تضارب المصالح وتعيين الأقارب داخل شركة مصر للإدارة التعليمية.
أسباب تراجع الرقابة والإدارة منذ نقل تبعية المدارس للوزارة.
الإجراءات العاجلة لضمان حماية الأطفال، مراجعة منظومة الأمن والإشراف، ومحاسبة كل من ثبت تقصيره أو علم بالواقعة ولم يتحرك.
نية الوزارة في إعادة تقييم شامل لإدارة شركة مصر للإدارة التعليمية، وآليات اختيار القيادات، ومساءلة المسؤولين عن الإهمال المتكرر، والإجراءات لمنع تكرار مثل هذه الوقائع.
وطالب عبد المنعم إمام أن يكون الرد على هذا السؤال كتابيًا، مؤكدًا أن هذه الواقعة تمثل تهديدًا لأمن وسلامة الطلاب وسمعة التعليم المصري، وتحتاج إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة من الوزارة لمنع تكرارها.
من جهته، قرر وزير التربية والتعليم تكليف لجنة مختصة من وزارة التربية والتعليم بإدارة مدارس النيل المصرية الدولية، وذلك بعد الواقعة التي شهدتها إحدى مدارس النيل.
وقرر مراجعة وتكثيف نشر كاميرات المراقبة بمجموعة مدارس النيل المصرية الدولية وزيادة الإشراف ومراجعة كاملة للعملية التعليمية داخل مجموعة المدارس.
واتخاذ كافة الإجراءات القانونية حيال كافة المسئولين الذين ثبت تورطهم في تقصير أو إهمال بما أدى لحدوث هذه الواقعة.
كما أعلنت وزارة التربية والتعليم أنها بصدد إطلاق حملة توعوية موسعة بكافة مدارس الجمهورية حول مواجهة السلوكيات غير اللائقة والإيذاء النفسي والجسدي، وذلك بهدف تكثيف التوعية لمختلف أطراف المنظومة التعليمية داخل المدارس.
فشل لائحة الانضباط المدرسي
لم يمض على العام الدراسي 2025/ 2026 سوى 83 يومًا دراسيًا فقط، كانت كفيلة وفقًا لعدد من أولياء الأمور لإعلان فشل لائحة الانضباط المدرسي، الصادرة بقرار وزير التربية والتعليم والتعليم الفني رقم 150 لسنة 2024، في مواجهة الجرائم الأخلاقية التي شهدتها بعض المدارس على مدار أقل من ثلاثة أشهر.
ورغم أن لائحة التحفيز الطلابي والانضباط المدرسي المشار إليها، تنص في المادة الثانية منها على أنها:" تسهم في توفير البيئة التربوية والتعليمية المناسبة؛ لتحقيق أهداف العملية التربوية والتعليمية، والمساهمة في تعزيز وتوثيق العلاقة بين الأسرة والمدرسة، من أجل نشر السلوكيات الإيجابية عن طريق التحفيز للقيام بها، وتلك من خلال ما يلي:
تعزيز السلوكيات الإيجابية، والحد من المشكلات الطلابية.
توفير أساليب تربوية للتعامل مع سلوكيات الطلاب، وفق أسس تربوية، وإرشادية ووقائية وعلاجية لتعديل السلوك.
استخدام الأساليب العلمية في حل المشكلات الطلابية، والابتعاد عن استخدام أي من أشكال الإساءة.
توفير بيئة مدرسية آمنة خالية من العنف، تمكن الطلاب، وإدارة المدرسة، والمعلمين من القيام بأدوارهم على أكمل وجه، وتدفع باتجاه الفعالية المدرسية.
تعريف الطلاب، وأولياء الأمور بالأنظمة، والتعليمات التربوية الخاصة بالمدرسة، وأهمية الالتزام بها، والتزام الطلاب بتعليمات وأنظمة المدرسة لتحقيق الانضباط الطلابي.
مساعدة الطلاب على إدراك حاجاتهم وميولهم، ومساعدتهم للوصول إلى السلوك الإيجابي المقبول.
تنمية وغرس قيمة الانتماء، والولاء للوطن والمجتمع والمدرسة.
توفير بيئة مدرسية آمنة وداعمة، تساعد الطلاب على تحقيق النمو الاجتماعي والأكاديمي الصحيح، وتساعدهم في إقامة علاقات إيجابية قائمة على الاحترام المتبادل مع الآخرين.
تعزيز السلوكيات الإيجابية، والحد من السلوكيات السلبية التي تعرض الطالب لاتخاذ الإجراءات العلاجية معه.
تدعيم قيم التسامح والاحترام المتبادل بين الإدارة المدرسية، والمعلمين، والطلاب.
تحقيق الانضباط المدرسي الفعال لجميع المراحل التعليمية، وتعريف الطلاب، وأولياء الأمور بالارشادات والتعليمات الخاصة بالسلوك والنظام، وأهمية الالتزام بهما.
توفير إطار ينظم واجبات وحقوق الطلاب، بما يعزز الشعور بالمسؤولية، والانتماء للمدرسة.
احترام حقوق وواجبات جميع من يشارك في العملية التعليمية.
الحد من انتشار المشكلات السلوكية التي يتعرض لها الطلاب والمعلمون في المدارس.
توفير فرص تمكن الطلاب من المشاركة البناءة، وحق التعبير عن الرأي، من خلال الأنشطة الاجتماعية، والتربوية المتاحة، وعلى الجميع أن يطبق أحكام اللائحة على الوجه السوي دون تصف أو محاباة، وأن تصب في صالح النظام العمل المدرسي، والإنضباط، بما يتوافر لها من وعي مهني، وفكر تربوي، وبعد ديني، ووطني، للقضاء على السلوكيات غير المرغوب فيه.
إلا أن الكثير من أولياء الأمور يرون أن لائحة الانضباط المدرسي فشلت في تحقيق تلك الأهداف، وخاصة فيما يتعلق بتوفير بيئة تربوية سليمة، أو الحفاظ على سلامة الطلاب داخل المدارس.
ويرى أولياء الأمور أن لائحة الانضباط المدرسي ليس بها عقوبات كافية للمدرسة التي تشهد إهمالًا في الحفاظ على الطلاب، ولا يوجد أمر رادع بالشكل الكافي الذي يمكن أن يكون وسيلة لحماية الطلاب تجاه مثل هذه الممارسات غير الأخلاقية.
ويشير عدد من أولياء الأمور إلى أن لائحة الانضباط في المادة رقم 12 لم تنص ضمن المخالفات الجسيمة فيها على الإهمال في حماية أطفال المدرسة من التعرض لمثل تلك الجرائم، وبالتالي فالعقوبة الإدارية لمن أهمل غائبة.
عبد اللطيف في مأزق حقيقي
مصادر بوزارة التربية والتعليم الفني، كشفت أن الوزير محمد عبداللطيف غاضب من حوادث الانحرافات الأخلاقية التي تكشفت داخل عدد من المدارس، ويدرس حاليًا مجموعة من الإجراءات الحازمة التي يمكن أن تمثل ردعًا للمهملين في رعاية ولحفاظ على الطلاب داخل المدرسة. وقال وزير التعليم، في تصريحات سابقة له: "أي مساس بطفل من أبنائنا جريمة لا تُغتفر وأولوية التعامل معها تسبق أي شأن تعليمي، فصون كرامة وسلامة الأطفال وحمايتهم هو صون للوطن بأكمله". ووصف وزير التعليم تلك النوعية من الجرائم بأنها غير إنسانية ولا يمكن التهاون معها أو الصمت عليها.
وتجهز وزارة التربية والتعليم من خلال خبرائها القانونيين والقيادات التربوية والتنفيذية حزمة من القرارات الصارمة لمواجهة حالات الانفلات الأخلاقي التي ظهرت في بعض المدارس، ومن المقرر أن تشمل تلك الإجراءات والقرارات المدارس الحكومية والخاصة والدولية في محاولة لمواجهة الانحرافات الأخلاقية والسلوكية ومنعًا لتكرارها مستقبلًا.
انتفاضة مجتمعية
الجرائم الأخلاقية التي شهدتها بعض المدارس تقابلها انتفاضة مجتمعية لمواجهة الظاهرة، حيث أصدرت وحدة الدراسات التابعة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف دراسة حول العنف في المدارس ومن ضمنه حالات التحرش بالطلاب.
وقالت وحدة الأزهر في دراستها: لا تقتصر هذه السلوكيات على الإضرار بالطفل نفسيًّا ودراسيًّا فحسب، بل تزعزع الثقة في المدرسة بوصفها مؤسسة تربوية يفترض أن تكون نموذجًا للقدوة والاحترام، وبدلًا من أن تكون المدارس مؤسسات تربوية وتعليمية تربي الأطفال وتعلمهم، تصبح ساحات لانعدام التربية وممارسة الأفعال الخادشة للحياء. ولا يخفى على أحد أن البيئة التعليمية في السنوات الأخيرة شهدت ظواهر مشينة كادت أن تعصف برسالتها وتهدد جوهرها السامي، فما بين التنمر والعنف والانتهاكات الجنسية تراجع تصنيف المدارس بيئةً آمنة ومناخًا صحيًّا، وفيما يلي عرض لأبرز الظواهر السلبية التي تعاني منها المدارس.
وأكدت الدراسة التي أعدتها وحدة الدراسات بمرصد الأزهر أن المدرسة تُعد الملاذ الثاني بعد الأسرة الذي يلجأ إليه التلاميذ لتعلم القيم، والأخلاق، والمعرفة، وتنمية المهارات. ولكن هذه البيئة ليست دائمًا خالية من المشاكل، إذ توجد مجموعة من الظواهر السلبية التي يمكن أن تؤثر على التلاميذ سواء من الناحية النفسية أو التعليمية أو الاجتماعية. هذه الظواهر تتطلب الانتباه والمعالجة لضمان بيئة تعليمية سليمة تعزز من نمو التلاميذ وتطورهم. ومن أبرز هذه الظواهر وأخطرها ظاهرة التحرش في المدارس، ويكون التحرش أشد خطرًا عندما يصدر من القدوة والمعلم الأخلاقي للتلاميذ، فالمفترض أنه ليس شخصًا ذا سلوك إجرامي أو أخلاق بذيئة تحمله على إيقاع الضرر بالآخرين، كما أنه ليس شخصًا عاديًّا لا يكترث أحد لأفعاله، بل إنه القدوة الثانية في حياة التلاميذ بعد الأب، وقد يكون المثل الأعلى لبعض التلاميذ، وعندما يصدر من معلم الأخلاق أفعال غير أخلاقية هنا تكون الكارثة، ولا يعدُّ مجرد التحرش "تصرفًا عابرًا"، بل هو سلوك غير سوي ناتج عن تربية غير أخلاقية يمارسه بعض الأشخاص، ويتطور لدى الشخص ليصبح عادة يمارسها كلما أُتيحت له الفرصة، بغض النظر عن البيئة المحيطة أو الأضرار المترتبة على فعلته إزاء الضحية، ويتسبب التحرش في أضرار نفسية بالغة الخطورة، خاصة إذا كان الضحية صغير السن لا يقوى على الدفاع عن نفسه، أو كان في موضع لا يسمح له بالاعتراض كأن يكون تلميذًا أو تلميذة في مدرسة مع معلمها، مع التهديد بإلحاق الأذى حال الرفض أو الإخبار، وقد يؤدي ذلك إلى كره المدرسة أو الانعزال الاجتماعي.
ندوات توعوية
وضمن الجهود المؤسسية التي تهدف إلى مكافحة جرائم التحرش الجنسي بالأطفال في المدارس، بدأ المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية تنفيذ سلسلة ندوات توعوية تحت عنوان "معا ضد التحرش نحمى براءتهم ونصون مستقبلهم"، وكانت أولى الندوات التي نظمها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في هذا الجانب بمدرسة مدحت طلعت الرسمية بمدينة بنها بمحافظة القليوبية، وتستهدف تلك الندوات الطلاب في مرحلة التعليم قبل الجامعي؛ لتثقيفهم بخطورة التحرش، وكيفية الحفاظ على أجسادهم، ومعرفة أنواع التحرش وكيف يقومون بحماية أنفسهم تجاهه.
خطة للإنقاذ
من جهته، قدم الدكتور تامر شوقي أستاذ علم النفس التربوي خطة للإنقاذ وحماية الطلاب من جرائم التحرش والانحرافات السلوكية، وقال " شوقي": لا شك أن وقاية الأطفال من التحرش تتطلب تضافر جهود عدة مؤسسات تشمل المدرسة والأسرة والإعلام ووزارة التربية والتعليم وغيرها من الجهات المعنية. ومن ثم تتضمن بعض أساليب الوقاية ما يلي: فرض وزارة التربية والتعليم شروط حازمة على دور الحضانة ورياض الأطفال الملحقة بالمدارس، ومنها: أن يكون المبنى الخاص برياض الأطفال مستقلا عن باقي مباني المدرسة للمراحل الأكبر عمرًا. وأن يكون هذا المبنى الأقرب لبوابات المدرسة حتى لا يضطر الطفل لقطع مسافات طويلة للوصول إليها. وأن يكون المبنى مكوّنا من دورين على الأكثر.
وتعيين أفراد أمن من السيدات في جميع المراحل الدراسية، وبخاصة رياض الأطفال، على أن يوجد عنصر نسائي واحد على الأقل على البوابات، وأفراد أمن سيدات فقط لهن الحق في التجوّل داخل مبنى رياض الأطفال ومحيطه لضبط أي مخالفات، ويمكن الاستعانة في ذلك بخريجات كليات التربية الرياضية.
والتأكد من أن كل العاملين بالمدرسة يحملون مؤهلات تربوية ونفسية للتعامل مع الأطفال، بالإضافة إلى التحقق من سجلهم الجنائي، مع إجراء مقابلات نفسية وطبية لهم من قبل متخصصين للتأكد من صلاحيتهم. وتركيب كاميرات مراقبة حديثة في كل أنحاء دور الحضانة، مع السماح لأولياء الأمور بمتابعة أطفالهم عن بعد من منازلهم أو أماكن عملهم. وإيفاد لجان تفتيش ومتابعة من الوزارة بشكل منتظم لمراجعة الحالة الأمنية للمدارس.
وإلزام المدارس بعدم وجود مساحات مهجورة أو غير مستخدمة دون تركيب كاميرات مراقبة بداخلها. ومراقبة الكاميرات من قبل مسؤولي الأمن في الإدارات التعليمية. والتأكد من وجود أخصائيين نفسيين مؤهلين في كل مدرسة لديهم القدرة على اكتشاف أي تغييرات سلوكية غير طبيعية لدى الأطفال ومتابعة أسبابها.
والتأكيد على وجود زائرة صحية أو طبيبة في كل مدرسة لفحص الأطفال في حال الاشتباه في حدوث أي حالات تحرش. وتوفير إشراف دائم على الأطفال داخل دور الحضانة لمنع أي انفصال أو اختلاء غير مبرر بهم. وفتح قنوات تواصل فعالة بين أولياء الأمور والمعلمين وإدارة المدرسة في حال الشك في وجود أي تجاوز تجاه الأطفال. وعقد جلسات تعارف في بداية العام الدراسي بين أولياء الأمور بعضهم البعض وإدارة المدرسة، وتشجيع أولياء الأمور على تكوين مجموعات خاصة بهم للتواصل ومتابعة ما يحدث داخل المدرسة وتقديم مقترحات لإدارة المدرسة لعلاج أي سلبيات. وعقد ورش عمل عاجلة للمعلمين ومشرفي رياض الأطفال من قبل متخصصين في علم النفس والصحة النفسية لتوعيتهم بأشكال التحرش وطرق الوقاية منه وآليات علاج آثاره.
وفتح الأسرة حوار هادئ مع الطفل حول تفاصيل يومه الدراسي وعدم تجاهل أي علامات مفاجئة قد يظهرها، سواء كانت: نفسية: مثل الخوف أو الفزع أو الهلع من المدرسة أو من أحد العاملين بها، أو جسمية: مثل وجود خدوش أو جروح أو كدمات أو احمرار في الجسم دون سبب واضح، أو سلوكية: مثل رفض الطفل الذهاب للمدرسة فجأة أو بكائه المستمر، أو الإشارة إلى أن أحد الأشخاص قدّم له حلوى أو هدية.
وعدم تردد ولي الأمر في الذهاب للمدرسة في اليوم التالي للتحقق من أسباب ما حدث للطفل.
وإنشاء مقررات بكليات رياض الأطفال تتناول الأمن النفسي والصحة النفسية والجسمية للأطفال.
وتطوير كليات رياض الأطفال ورفع الحد الأدنى للقبول بها، مع تحسين رواتب خريجيها نظرا لما يتحملونه من مسؤوليات ضخمة في تنشأة الاطفال معرفيا ونفسيا وجسديا.
وتنفيذ حملات توعية عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي للتعريف بحالات التحرش وأشكالها وطرق الوقاية والعلاج.
وإعداد مسلسلات درامية أو كرتونية لتوعية الأسرة والأطفال بكيفية الوقاية من التحرش والإبلاغ عن المتحرشين. وإنشاء المجالس القومية الخاصة بالأطفال خط ساخن لتلقي أي بلاغات عن حالات التحرش بالأطفال والتحرك بسرعة.
وطالب أستاذ علم النفس التربوي والمتخصص في علاج أمراض الأطفال النفسية مازن عمر إسماعيل، إن زيادة حجم حوادث التحرش على الأطفال الآباء والأمهات ألا يكونوا عبئًا إضافيًا على أبنائهم، وأن يكونوا أداة تعاونهم على تجاوز ما تعرضوا له، وألا يوجهوا لأبنائهم اللوم أو العتاب أو التأنين لأنهم أخفوا أمر تعرضهم للاعتداء الجسدي، لأن هذا الضغط يُعد كارثة أكبر، لأن الواقعة نفسها تمثل ضغطًا كبيرًا على نفسية الطفل الذي تصور أنه يحمي نفسه وأهله.
مطالب بتدريس التربية الجنسية
مع انتشار أخبار جرائم التحرش الجنسي بالأطفال داخل بعض المدارس، عادت أصوات عدد من المتخصصين لتُعيد طرح فكرة تدريس التربية الجنسية للأطفال في المدارس؛ لتعريف الطلاب بحدود التعاملات الآمنة، وأن يعرف الطفل ما هي الأماكن التي لا يجوز أن يلامسها أي شخص.
ويستدل أصحاب هذا الطرح إلى نتائج دراسة سابقة كانت قد أعدتها الدكتورة فاتن عبد الرحمن الطنباري أستاذ الإعلام بمعهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس، والتي أكدت أن الاعتداء الجنسي على الأطفال يمثل ١٨٪ من إجمالي الحوادث المتعلقة بالأطفال.
ويرى عدد من خبراء التربية أن تدريس التربية الجنسية أصبح ضرورة ملحة خاصة في ظل الوقائع المنتشرة والمتكررة لجرائم التحرش الجنسي في عدد من المدارس الدولية والخاصة، وأن الأمر لا يقتصر على مدرسة بعينها أو نوعية تعليم دون غيره، ولكن جميع المدارس بحاجة إلى تدريس التربية الجنسية وتثقيف الأطفال حول كيفية حماية أنفسهم تجاه أي ملامسة غير صحيحة.
وتكشف دراسة أعدها المركز المصري لحقوق المرأة برئاسة الدكتورة نهاد أبو القمصان أن جرائم التحرش الجنسي بالأطفال في المدارس وغيرها، يقف ورائها الإخفاق التربوي والثقافي والاجتماعي، وتحديدًا الإخفاق في التربية النفسية الجنسية للطفل والمراهق.
وتؤكد الدراسة المشار إليها ضرورة تدريس التربية الجنسية في المدارس، مشددة على أن تدريسها لا يمكن فصله عن التربية الأخلاقية.
وتشير الدراسة إلى رأي عدد من المتخصصين الذين أكدوا أن تدريس التربية الجنسية هو وسيلة حماية من الانحرافات والجرائم الجنسية مثل الاغتصاب والتحرش وهتك العرض.
ويؤكد المتخصصون، وفقًا للدراسة، أن المعلومات التي يمكن تدريسها في مادة التربية الجنسية يمكن أن تُعطى للطلاب في إطار من القيم والتنظيم من خلال المواد الدراسية نفسها.
من جهته، قال محمد عبد الله وكيل أول نقابة المهن التعليمية إن الجرائم الأخلاقية في المدارس لا يمكن وصفها بالظاهرة؛ ولكنها حالات فردية ومع ذلك فصداها ضخم وتأثيرها على المجتمع كبير جدًا.
وأوضح أن الأمر يتطلب إجراءات رادعة منها ضرورة تعديل القانون بأن من يتحرش بطفل أو طفلة داخل المدرسة وتثبت إدانته لابد أن تكون محاكمته عاجلة وتوقع عليه أقصى عقوبة دون شفقة أو رحمة ليكون عبرة لغيره.
وأشار إلى أن وزارة التربية والتعليم بحاجة إلى إعداد حملة توعوية واسعة النطاق تشمل جميع مدارس الجمهورية لتعريف الطلاب عن الحدود الآمنة في التواصل والتعامل مع الآخرين.
وأوضح أنه أيضًا على الوزارة أن تفكر جديًا في تدريس التربية الجنسية، وأن يكون ذلك في شكل أنشطة ومفاهيم أخلاقية تتم من خلال أخصائي التربية النفسية والاجتماعية، ومن خلال المعلمين أيضًا، وليس منهج دراسي أو كتاب بالمفهوم التقليدي.
وأكد محمد عبدالله أن هناك جهود مؤسسية تبذلها عدد من مؤسسات الدولة في سبيل توعية الطلاب بمخاطر جريمة التحرش، ومنها ما تقوم به وزارة الأوقاف من خلال حملة " صحح مفاهيمك" والتي تجوب الجمهورية بندوات توعوية وتثقيفية في هذا الجانب، مشيرًا إلى أننا بحاجة ماسة إلى بناء الوعي المجتمعي بالكامل ليكون حائط صد قوي لمواجهة مثل هذه الانحرافات الفردية غير المقبولة.
إجراءات غير كافية
من جهته، تؤكد الدكتورة رحاب العوضي أستاذة علم النفس السلوكي أن إجراءات وزارة التربية والتعليم في مواجهة مثل تلك الحوادث غير كافية، وأنه من الصعب الاعتماد على الكاميرات فقط لضبط الأمن وحفظ سلامة الطلاب داخل المدارس، وأنه حتى لو استطاعت بعض المدارس الخاصة تغطية المساحات كلها بالكاميرات، فكيف سيكون الحال في المدارس الحكومية ذات القدرة المالية الزهيدة والكثافة العددية المرتفعة للطلاب.
وطالبت الدكتورة رحاب العوضي، في تصريحات صحفية، بمحاسبة المسؤولين وإقالتهم، بدءًا من كبار المسؤولين في وزارة التربية والتعليم ومدير المدرسة إلى المشرفين في المدرسة، على حد قولها.
وتقول العوضي إن هناك إجراءات أخرى لا بد من اتباعها لتأمين سلامة الطلاب ومنع تعرضهم لمثل هذه الحوادث، أبرزها تغيير آليات اختيار العاملين مع عقد اختبارات للتأكد من سلامتهم العقلية والنفسية وملاءمتهم للوظائف المتقدمين لها، وكذلك آليات متابعة ومراقبة بعد تعيينهم لضمان التعامل الجيد والمناسب مع الأطفال.
وتشدد أستاذة علم النفس السلوكي على ضرورة تغليظ العقوبات الخاصة بالتحرش بالأطفال أو هتك عرضهم، وضرورة مراجعة القوانين المتعلقة بذلك وتغييرها لتكون أكثر ردعًا لكل من يحاول الاقتراب من أي طفل.
وعن آليات حماية الأطفال من قبل ذويهم حتى لا يتعرضوا لهذه الحالات المتواصلة من التحرش والاعتداء، تؤكد العوضي أن الأمر يبدأ من الأسرة، ويتوجب على الأب والأم أن يقوموا بتوعية أطفالهم بشكل متواصل بشأن جسدهم والحدود التي ينبغي عليهم الحفاظ عليها، وألّا يقترب منه الآخرون.
كما يجب عليهما أن يبنيا علاقة مع الطفل تقوم على الصداقة وكسر الحواجز النفسية، وأن يعتاد الطفل على إخبار أبويه عن أموره كلها دون خوف، لكي يحكي لهما إذا تعرّض لأي شكل من أشكال التحرش، حتى لا يقع فريسة لمثل هؤلاء الجناة الذين قاموا باغتصاب الأطفال لفترة طويلة دون أن يعرف الأهل.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
