إصلاح الإعلام.. بين النية والإرادة! (2)
هل يمكن إصلاح الإعلام والصحافة بقرار حكومي؟ وهل بيئة المهنة مهيأة حقًا لهذا الإصلاح؟ والأهم هل المسئولون مؤهلون للتعامل مع الإعلام بروحٍ منفتحة ووعيٍ بمسئولية الكلمة؟ وهل يتسع صدرهم للنقد والتقويم، وهل يتسع أكثر لأسئلة الإعلام التي لا تبحث عن ضجيجٍ بقدر ما تنشد الحقيقة؟ هل مشكلتنا في نقص الموارد أم ندرة الكوادر؟!
لا يحتاج المرء إلى ذكاء خارق ليدرك أن الإعلام المصري لا يزال يصارع أزمات ممتدة منذ يناير 2011، وإلا ما اهتمت الدولة بضرورة تطويره ودفعه على الطريق الصحيح. ولا ننكر أن المهنة ليست في أحسن أحوالها؛ فما زالت الدقة والموضوعية عملتين نادرتين، فيما تحلّ السطحية أحيأنًا محل العمق، ويحتل الصراخ مساحة واسعة في العقل الجمعي.
غاب الجيل الذي كان يصنع المدرسة والقدوة، ومع غيابه تراجعت الخبرة وتقلصت الموهبة وتبددت فرص التجديد. بعض المنصات تحوّلت إلى ساحاتٍ للتجريح والاستقطاب، وبدلًا من بناء الوعي، صار المشهد في أحيان كثيرة منتجًا للبلبلة والفوضى. فهل يمكن لإعلامٍ غير منضبط أن يقود معركة الوعي التي شدّد عليها الرئيس السيسي مرارًا؟ وهل يتحقق الاستقرار إذا أصبح الإعلام نفسه مصدرًا للارتباك؟
أن للمهنة مسئولياتٍ أخلاقية لا يجوز الفكاك منها. فعندما تبثّ القنوات أو تنشر الصحف أخبارًا غير موثقة عن نقص سلعة أو ارتفاع أسعارها، تتوتر شرايين السوق ويهرع المحتكرون لتخزينها، فتشتعل الأسعار ويقع الفقراء أول الضحايا. من المستفيد إذن؟ خصوم الوطن داخل الحدود وخارجها الذين ينالون هدية مجانية.
ألا يستحق الأمن المجتمعي قدرًا من التعقّل الإعلامي قبل السبق والضوضاء؟ وهل يدرك القائمون على المهنة أن الشائعة قد تضر اقتصاد دولةٍ كاملة بينما لا تتجاوز مساحة الكلمة بضعة سنتيمترات على الشاشة؟
وبرغم كل ذلك، يبقى الأمل حيًا. فالدولة اليوم تفتح الباب لإصلاح المنظومة من جذورها، لا تجميلًا شكليًا، بل تغييرًا في طريقة التفكير والإدارة. جرى تشكيل لجان عديدة داخل الهيئات المنظمة للإعلام، وأحدثها لجنة برئاسة الإعلامي جمال الشاعر، مكلفة بالبحث عن حلول واقعية للنهوض بالمحتوى وتحرير المؤسسات من الجمود والديون وازدواجية الأدوار.
والسؤال الذي يفرض نفسه: هل ستستفيد هذه اللجان من الدراسات والخطط التي تراكمت عبر السنين؟ هل ستعود مثلًا إلى الدراسة التي أعدتها مؤسسة حازم حسن لتطوير العمل الصحفي بدار التحرير للطبع والنشر (جريدة الجمهورية) أثناء رئاستي لمجلس إدارتها، وغيرها من الرؤى الرصينة لأساتذة وخبراء إعلام طواها الأدراج دون أن تجد طريقها إلى التنفيذ؟
ما الذي يمنعنا من مراجعة تجارب الدول التي جعلت من إعلامها قوة ناعمة مؤثرة؟ لماذا نظل أسرى الطرق التقليدية في التدريب والتحرير والإدارة، بينما العالم تجاوزها بأشواط؟ كيف نواجه الإعلام الأجنبي في عصر المنصات المفتوحة إذا لم نستطع أولًا كسب ثقة جمهورنا المحلي؟ وكيف نقنع المشاهد العربي والدولي برسالة مصر إذا كان يعتقد أن إعلامها لا يزال يراوح مكانه بخطابٍ يفتقر إلى التجديد والعمق؟
استعادة المصداقية هي حجر الزاوية. فلا جدوى من آلاف الساعات على الهواء، ولا من ملايين النسخ المطبوعة، أن لم يثق الجمهور فيما يُقال ويُكتب. الاستقلال المهني لا يعني العداء للدولة، والنقد البنّاء لا يعني إسقاط هيبتها.
المطلوب إعلام يساند حين يكون الدعم واجبًا، وينبّه حين يصبح الخطأ خطرًا، ويرفع المصلحة العامة فوق كل مصلحة. إعلام عصري يتخلص من الترهل، يوظّف الكفاءات، يفتح الباب للمواهب الشابة، ويصنع أسماءً جديدة قادرة على حمل الراية كما حملها الرواد الكبار ذات يوم.
ويبقى السؤال الجوهري: متى نلمس نتائج حقيقية لجهود الإصلاح؟ متى تتحول اللجان إلى قرارات، والرؤى إلى صناعة، والتمنيات إلى وقائع؟ أن الوطن يقف في واحدة من أعقد مناطق العالم، وخصومه لا ينامون، ومعارك الوعي لا تقل شراسة عن معارك الحدود. لذلك لا مفر من إعلامٍ قويٍّ واعٍ، لأن قوة الدولة تبدأ من قوة خطابها وثقة شعبها فيما يسمع ويرى.
الفرصة مواتية، واللحظة لا تحتمل التردد. فإذا نهض الإعلام من عثرته، فسيكون طاقة ضوءٍ هائلة تُسند مشروع الدولة في البناء والبقاء. أما إذا تعثر، فلن يرحمنا التاريخ ولا الجغرافيا، ولا الزمن الذي يمضي بلا انتظار.. ويبقى أن ننتظر توصيات أو قرارات لجنة تطوير وإصلاح الإعلام برئاسة المهندس خالد عبد العزيز.. لعلَّ وعسى!
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
