رئيس التحرير
عصام كامل

ليالينا.. كوميديا ساخرة عن الناس اللي تحت

18 حجم الخط

قدّمت فرقة جروتيسك العرض المسرحي ليالينا المأخوذ عن مسرحية الناس اللي تحت، تأليف الكاتب الكبير نعمان عاشور. العرض كوميديا ساخرة استخدم فيها المخرج محمد الحضري النمط الكاريكاتيري في رسم شخصياته، متحررًا من عنصر الزمن؛ فبرغم أن النص الأصلي كُتب في فترة الخمسينيات، إلا أن صياغة ليالينا تتماشى مع كل الفترات.

ناقش العرض مشكلات الطبقتين الوسطى والفقيرة، فهو يُعدّ نموذجًا للمسرح الاجتماعي الواقعي، تناول حياة مجموعة من الفقراء يسكنون بدروم، بأنماط مختلفة، من بينهم العجوز الثري الأستاذ رجائي الذي يمثّل الطبقة الأرستقراطية بعد أن خسر ثروته واضطر للعيش في مستوى غير معتاد عليه، فنراه يهرب من واقعه بتعاطي الخمر.

تحمل شخصية رجائي جانبًا رقيق الحس وشاعريًا، ويظهر ذلك من خلال دعمه للشاب عزت، الفنان التشكيلي الموهوب الباحث عن فرصة ولقمة عيش حقيقية. كان عزت رمزًا للأمل والتحرر والبحث عن مخرج من تحت الأرض، وكذلك شخصية لطفية، الفتاة الحالمة حبيبة عزت، التي كانت تحمل صفاته نفسها وتدعمه، واستطاعا معًا الخروج إلى النور.

ثم نأتي إلى شخصية الكمساري الذي يمثّل طبقة البروليتاريا الكادحة، ومعه الخادمان منيرة وفكري. وإن كانت شخصيتا الخادم والخادمة هما الجانب المماثل لعزت ولطفية، فكلاهما يشترك في رمزية الحرية والتحليق نحو آفاق النور.

أما بهيجة صاحبة البيت البورجوازية المتسلطة على جميع سكانها، فقد قدّمها المخرج بشكل كاريكاتيري ساخر من خلال الماكياج المبالغ فيه ليظهر فراغها الداخلي. كانت تحلم بالزواج من رجائي، وأراه حلمًا منطقيًا لتعويضها جزءًا مفقودًا من شخصيتها الفارغة.

فاطمة البلانة، رفيقة بهيجة صاحبة البيت، حملت الملامح الكاريكاتيرية نفسها، في محاولة للتقرّب منها والاستفادة من خلال نفاقها ومداهنتها. ومع ذلك كانت تحمل جمالًا داخليًا متواريًا خلف بهرجة البحث عن لقمة العيش.

مرزوق، زوج بهيجة، شخصية ثانوية أُضيفت لتمنح العرض كوميديا من نوع الفارسوكوميديا، التي وضحت التناقضات اللاذعة بين سمات الشخصيات.

قُدّم عرض ليالينا بسينوغرافيا جيدة من خلال ديكور شعبي بسيط يفصل بين الناس اللي فوق والناس اللي تحت. لم تلعب الإضاءة دورًا كبيرًا في العرض، إذ إنه عرض واقعي كوميدي يركّز على تلاحق المشاهد بخفة دون حاجة كبيرة إلى العمق.

باستثناء مشهد جمع بين رجائي وعزت تحدّثا فيه عن الأحلام والطموحات، وأسقط فيه رجائي آماله وطموحاته على عزت، فاستطاعت الإضاءة أن تعبّر عن هذا المشهد بلونٍ أزرق حالم يشير إلى الحلم المنشود.. صمّم الإضاءة محمود الحسيني كاجو، والديكور محمود صلاح بيرو.

الأزياء في ليالينا كانت محورًا رئيسًا، حيث استطاعت لبنى المنسي أن تضع بعدًا فلسفيًا لشخصيات العرض الذي كان عبارة عن لوحة فنية حالمة بريشة الفنان عزت. ارتدى رجائي ملابس كلاسيكية مليئة بالرسومات المتناغمة الحرة تقريبًا بكاملها، بينما اشتركت بهيجة وفاطمة والكمساري في نمط رسومات عشوائية باتجاهات مختلفة.

أما منيرة الخادمة فكانت ملابسها أقرب إلى النعومة، وشاركتها لطفية ذلك، فكلاهما الجانب الرومانسي الحالم في العرض. حملت لطفية لوحتها الوحيدة مرسومة يسارًا وبدقة تجاه القلب، بينما حمل عزت لوحته على صدره، وربما أرادت مصممة الأزياء والمخرج التعبير عن حمله لحلمه من الداخل إلى الخارج.

أما الماكياج فقد عبّر أيضًا عن روح الشخصيات وحقيقتها، فجاءت جميع الشخصيات بماكياج كاريكاتيري مبالغ فيه بما يعكس سطحية الشخصيات وفراغها الداخلي، بينما جاء عزت ولطفية ومنيرة وفكري بملامح طبيعية لتعكس نقاءهم واشتراكهم في الحلم ذاته.. الماكياج كان من تصميم محمد شاكر.

موسيقى العرض كانت جيدة وبسيطة، عبّرت عن حالته الساخرة، من تصميم مهند أسامة.. ليالينا من العروض ذات البطولة الجماعية، حيث تظهر كل شخصية بإطلالة خاصة، واشترك الأداء في الكوميديا الساخرة، وأضاءت كل شخصية مكانها.

تميّز أحمد نادي في دور الأستاذ رجائي بأداء تلقائي ممتاز، وقدّمت ريموندا نادر شخصية لطفية الفتاة الحالمة حبيبة عزت ببساطة ونعومة راقية، بينما جسّد أدهم فيتو شخصية عزت بأداء متزن ومتمكن لا يخلو من خفة ظل.

قدّمت عالية الحقباني دور بهيجة بإطلالة مميزة، واستطاعت الحفاظ على الخط الدرامي للشخصية وتحولاتها والعودة إليها. كما قدّمت سما محمد دور منيرة الخادمة اللطيفة، وزياد كمال دور فكري البواب، وكلاهما قدّم أداءً واعيًا بمسار الشخصية الدرامي.

أمّا زوج بهيجة في شخصية جوز الست البلطجي المقزز فقدّمه يوسف طنطاوي بشكل هزلي متوافق مع روح الشخصية. وأخيرًا، قدّم محمد الحضري دور الأستاذ عبد الرحيم الكمسري المكافح والأب المسؤول عن ابنته الوحيدة لطفية، ببساطة وأداء كوميدي ساخر يحمل بعض الألم بداخله، فاستطاع أن يترجم الصراع بين ما يحمله الإنسان من وجع، وبين ما يُظهره من لامبالاة وتناول هزلي للواقع.

العرض من إخراج ودراماتورجيا وإعداد موسيقي: محمد الحضري. ساعده في الإخراج محمود عبد الحميد، ونفذه كلٌّ من أبانوب جرجس وعمر مهنا.. لم يكن العرض مجرد حكاية من تحت الأرض ولكنه كان مرآة تعكس واقعنا بما يحمله من تناقضات وأحلام.

لكلٍّ منّا لوحته الخاصة، والحياة هي لوحتنا الكبيرة، لن تكتمل إلا بريشة فنان بحث عن حلمه، فوجده في صباحٍ ما، وما زال يحققه في ليالينا.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية