رئيس التحرير
عصام كامل

أيام عشناها (4)

18 حجم الخط

 في يوم السبت، الموافق 26 فبراير من عام 2005، وبالمناسبة كانت الذكرى الـ34 لرحيل والدي، رحمه الله.. وبينما كنت في جريدة الأحرار، أيام ذروة مجدها التليد، وفي عهد رئيس تحريرها الدكتور صلاح قبضايا، رحمه الله، نقلت إلينا وكالة أنباء الشرق الأوسط خبرا مفاده أن الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، رحمه الله، سيلقي خطابا مهما من مدينة شبين الكوم بمحافظ المنوفية.


وكنا قد اعتدنا، في تلك الحقبة الطويلة من الزمن، أن مبارك إذا قرأ من ورق مكتوب فلن نخرج منه، كصحفيين، بشيء يذكر؛ ذلك أن الكلام معدٌ مسبقا، وخضع لمراجعة سياسية، وأمنية، ولغوية.. أما إذا تحدث بتلقائية وعفوية، فهنا تكون الخبطات الصحفية، وتصيُّد الكلمات والمصطلحات، التي تصلح لأن تكون مادة خصبة للمانشيتات القوية، في وقت كانت فيه المنافسة على أشدها بين الجرائد الورقية، فلم تكن المواقع الإلكترونية قد ظهرت بعد.

المهم أنني لم أشغل بالي بموضوع الخطاب، على اعتبار أنه سيلقي خطابا مكتوبا، وواصلت نشاطي اليومي وعملي الروتيني في إعداد تقارير وأخبار الصفحة الأولى، معتمدا على أن الخطاب سيكون تقليديا، ولا جديد فيه.


ألقى الرجل الخطاب، ولم ألاحظ في نشرات الأخبار ما يثير الاهتمام.. وجاءتني وكالات الأنباء بنص الخطاب، فبدأت أجهزه للنشر في الصفحة الأولى، مع الحرص على اختيار عناوين جاذبة.
 

للحقيقة؛ وقعت في أحد أكبر الأخطاء في حياتي الصحفية، واستحققتُ عتاب رئيس التحرير في اليوم التالي، على إثر صدور الصحيفة. لم أنتبه إلى تصريح تاريخي خطير للرئيس مبارك، حيث قال: إنه تقدم صباح اليوم بطلب إلى مجلسي الشعب والشورى لتعديل المادة 76 من الدستور، والخاصة بأسلوب اختيار رئيس الجمهورية، ليبدأ المجلس مناقشتها وطرح التعديل الملائم لها بما يتوافق مع متطلبات هذه المرحلة من تاريخ أمتنا، تمهيدا لطرحها للاستفتاء العام قبل الانتخابات الرئاسية القادمة، واصفا التعديل الذي طلبه بأنه تاريخي.


واستطرد الرئيس مبارك أن هذا التعديل في مسيرة حياتنا الدستورية يتيح لأول مرة في التاريخ السياسي لمصر الفرصة لكل من لديه القدرة على العطاء والرغبة في خدمة الوطن، وتحمل مسؤولية الحفاظ على مكتسباته ومنجزاته وتحمل مسؤولية الحفاظ على مكتسبات الشعب ومنجزاته ورعاية شعبه وأمنه ومستقبله، بأن يتقدم للترشح في إطار دعم برلماني وشعبي للانتخاب المباشر لرئيس الجمهورية.


كانت المادة 76 من الدستور تنص على أن يتم إختيار رئيس الجمهورية بالاستفتاء بعد أن يسمي مجلس الشعب بأغلبية الثلثين مرشحا وحيدا لرئاسة الجمهورية.


قبل ذلك اليوم بأكثر من عام تشكلت حركة ضمت مثقفين ونقابيين وكتابا وصحفيين باسم الحركة المصرية من أجل التغيير، وجعلت شعارها الأساسي "كفاية" في إشارة إلى رفضها التجديد للرئيس لولاية خامسة ورفضها لـ"توريث الحكم لنجله جمال مبارك".


مطلب الرئيس حسني مبارك من البرلمان بتعديل المادة 76 من الدستور، فتح الباب أمام مرشحين آخرين لخوض سباق الرئاسة الذي ظل نحو 30 عاما حكرا على مرشح الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، ويتيح للانتخاب أن يتم عن طريق الاقتراع السري المباشر.


وكانت هوجة، فتقدم القاصي والداني للترشح لرئاسة مصر، وقبل شهر من موعد الانتخابات الرئاسية، أعلنت اللجنة العليا للانتخابات قبول أوراق ترشيح عشرة مرشحين، بينهم الرئيس مبارك واستبعاد ترشيح 20 مرشحًا آخر.

وكان جميع المرشحين المقبولين لخوض أول انتخابات متعددة تجري بالاقتراع العام المباشر في مصر هم من رؤساء الأحزاب، ولا يوجد بينهم أي مرشح مستقل أو أي سيدة.

 

وفي النهاية كان المنافسان الرئيسيان لمبارك هما: رئيس حزب الغد المعارض أيمن نور، ورئيس حزب الوفد نعمان جمعة، والسبعة الآخرون الذين قُبلت أوراق ترشيحهم هم: أحمد الصباحي عوض الله (الذي أعلن أنه سينتخب الرئيس مبارك!)، ممدوح قناوي، أسامة شلتوت، كمال حسين كسبه، إبراهيم ترك، رفعت العجرودي، وحيد الأقصري.
 

أتى هذا التطور المفاجئ بعد شهر فقط من رفض الرئيس مبارك الذي كان يحكم مصر منذ عام 1981 فتح باب الترشيحات.


ولقي قرار مبارك، وخطوته التاريخية ترحيبا واسعا بين صفوف المعارضة المصرية، وأعربت قياداتها عن الإشادة باقتراح الرئيس حسني مبارك تعديل الدستور لانتخاب رئيس الجمهورية علي المستوى الشعبي بين أكثر من مرشح، واعتبرت أنه أول انتصار على طريق الديمقراطية.

بعدها اكتشفنا أننا كنا واهمين، وحالمين، فقد اعتقدنا أننا دلفنا إلى عصر الديمقراطية الحقيقية.. ثم إنقلب الوهم إلى غضب عارم، وكانت تلك إحدى أبرز الخطوات في الطريق إلى 25 يناير عام 2011.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

مواد متعلقة

الجريدة الرسمية