رئيس التحرير
عصام كامل

مستشفى التأمين الصحي بمدينة نصر.. من المسئول؟!

18 حجم الخط

في بداية العام الماضي، 2024، توجهتُ إلى مستشفى التأمين الصحي بمدينة نصر، لإجراء قسطرة استكشافية؛ بعد معاناتي من قصور في الدورة الدموية، كان التقرير الطبي يتيح تركيب دعامات دوائية في حالة الحاجة إليها.


وقتها لم يتمكن الأطباء من تحديد موضع الانسدادات في الشرايين التاجية بالتحديد، فحددوا لي موعدا لإجراء قسطرة بجهاز لا يوجد غيره في مصر.. لا داعي لمزيد من التفاصيل، فليس هذا موضوعنا.
ما أعنيه، هو الفارق الرهيب بين أوضاع المستشفى الذي كان في ذلك الوقت يخضع لتجديدات في المبنى، وتجميل في الشكل الخارجي للحوائط، والأرضيات بتركيب سيراميك وجرانيت، جميل الشكل.


ويبدو أن الأمر قد اختلط على القائمين على المستشفى، ففهموا أن تجميل المنظر يؤدي إلى تطوير العمل بالمستشفى، والارتقاء بالخدمات المقدمة للمرضى، وهم من فئة متوسطي ومحدودي الدخل.
 

خلال الأيام القليلة الماضية، اضطررت للعودة إلى نفس المستشفى لإجراء فحوصات على الشرايين أيضا. هنا كانت الصدمة.. معاناة شديدة.. تدهور حاد في التعامل مع متلقي الخدمة من المرضى الغلابة.. حتى أن بعضهم يضطر إلى إطلاق صرخات من فرط المعاناة، وتعبيرا عن ضيقهم الشديد مع عجزهم عن توصيل شكاواهم إلى أي مسئول، باستثناء أفراد الأمن، الذين يتعاملون بمنطق المحسوبية، والوساطة، وأشياء أخرى.


وللحق فإن هناك بعض ممن يرتدي البالطو الأبيض، لا أعلم تحديدا وظيفتهم المكلفين بها، لكنهم يبذلون جهودا، تفشل في غالبيتها، لحل مشكلات المرضى، عندما يجأرون بها.. سألت عن موعد حضوري لمقابلة الطبيب المختص، فنبهوا عليَّ بضرورة الحضور في موعد أقصاه الثامنة والنصف صباحا؛ لأنه بعد هذا الموعد ربما لا يُسمح لي بالدخول!

 

ذهبتُ في الموعد المحدد، والتزمتُ بالإجراءات المطلوبة، وجلستُ في القاعة المواجهة لغرفة الكشف أنتظر حلول دوري.. انتظرتُ منذ حوالي التاسعة صباحا، وسألتُ عن موعد حضور الطبيب، وهو استشاري، فكان رد الممرضة: الدكتور جاي في السكة.


ظلت عبارة الدكتور جاي في الطريق، تتردد على مسامعي كلما تساءل أحدٌ عن موعد حضور الأستاذ الدكتور.. وفي حوالي الحادية عشرة، أي بعد أكثر من ساعتين، اكتشفنا، بتصريح من الممرضة، أن الدكتور الاستشاري لن يحضر من الأساس، وأنه سيحل مكانه من قالت إنه "نائبه"!


وبالفعل وصل شاب.. يمشي الهوينى.. بعده بدقائق أقبلت طبيبة شابة.. وجلسا ليستقبلا المرضى.
تنفسنا الصعداء، فهناك أكثر من أربعين شخصا، من كافة الأعمار، والمستويات، منهم من يستند إلى أبنائه، ومنهم من يعتمد هلى عكازه، ومنهم من تحمل رضيعا.. منهم من "يكح" باستمرار، بدون كمامة، رغم وجود عدة ورقات ملصقة على الحوائط بضرورة ارتداء الكمامة!


خلال دقائق لم تتعدَ الستين، وجدتُ أن دوري قد حان، ودخلت إلى الغرفة المأمولة.. جلستُ أمام الطبيب، وبدأتُ أُخرج بعض الأوراق لأن بها نتائج فحوصات أثارت قلق طبيب القلب، فنصحني بأن أتوجه لإخصائي أعصاب، فإذا بالطبيب يقول: "لا تعرض عليَّ شيئا.. احكِ لي مم تعاني".. 

ودار حوار سريع، حرصت على ألا يطول لأني ما زلتُ مشغولا بمشاهد المرضى المنتظرين في الخارج، ولم تحن أدوارهم بعد، فاستجبت لأوامره دون جدال طويل.. وبعد جملتين أو ثلاثا، اضطر لمراجعة الأوراق التي أحملها!


وأخيرا، دون ما طلبته من أشعات، وأعطاني تحويلا بها.. شكرته وانصرفت. وفور خروجي، فوجئتُ بمريض مصاب في عموده الفقري يصرخ طالبا الدخول ليفحصه الطبيب، إلا أن الممرضات صارحنه: "يا أستاذ، ده دكتور صغير، لازم تنتظر الاستشاري".. ويتساءل الرجل وهو لم يتوقف عن الصراخ: "هاييجي امتى الاستشاري؟!".. وإذا بالعبارة التي حفظتُها، تعاود صك الآذان: "جاي في الطريق"!


باقي الإجراءات من تسجيل الاسم والبيانات والختم بخاتم المستشفى، ثم خاتم النسر، احتاجت مني النزول للطابق الأرضي، ثم الصعود للثاني، فالنزول للأول، فالعودة للثالث.. وانتهى المطاف بالطابق الأرضي.. قبل الخروج من المستشفى، أو النجاة من الكابوس.


لك أن تعرف أن كوب الشاي في كافتيريا المستشفى بـ20 جنيها.. تصوير الورقة الواحدة في نفس الكافيتريا  بـ5 جنيهات؛ أن ماكينات التصوير في المستشفى نفسها معطلة غالبا.


لا يوجد في المستشفى سوى مصعدان فقط يستعملهما المترددون على العيادات.. وأعتقد أن هناك مصاعد أخرى لمرضى الجراحات.. لكن الضغط على هذين المصعدين كبير جدا، وفي بعض الأحيان يقف المرضى غير القادرين على استعمال السلالم طوابير أمام المصعدين.


"فضفض" لي بعض من زاملتهم أثناء انتظار الطبيب، بأن معاملة فنيي الأشعة داخل المستشفى تفتقر إلي الحد الأدنى من ذوق المعاملة، ولا عزاء لأصحاب الإعاقات، وكبار السن، ولا القادمين من محافظات نائية، أو مناطق بعيدة!

 

خلال تجوالي في المبنى لاحظتُ أن هناك بعض الغرف مكتوبا عليها "مدير العيادات"، أو "نائب المدير"... إلخ.. لكن هذه الغرف لايخرج منها أحدٌ حتى من باب الفضول للتعرف على أسباب الزعيق، والصراخ، الصادرة من المترددين على العيادات المختلفة.

التواصل مع مسئول في مستشفى التأمين الصحي، دونه "خرط القتاد"، كما كانت العرب تقول قديما.. وأعتقد أن المسئول الأول لا يغادر مكتبه، ولا يرى تلك المشاهد، وإلا لأدرك أن تطوير التعامل مع المرضى، أهم كثيرا من تجميل الواجهات والحوائط والأرضيات.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية