زياد الرحباني، موسيقار عبقري استخدم قلمه للتمرد على الطائفية والفقر
شيعت منذ قليل جنازة الموسيقار الكبير زياد الرحباني نجل جارة القمر فيروز والفنان عاصي الرحباني، وذلك بعد أن وافته المنية صباح السبت الموافق 26 يوليو.
وفاة زياد الرحباني
ولم يكن زياد مجرد امتداد لعائلة الرحباني أو نجل ملكة الغناء العربي، فتفرد الرحباني بأسلوبه الموسيقي الفريد ومواقفه السياسية القوية ليقيم لنفسه اسم الفنان الشامل صاحب القلم المتمرد.
فعرف الرحباني بأنه فنان شامل فلم يكتف بالموسيقي فقط وإنما جمع بين المسرح والكتابة والتلحين، كما أنه لم يكن مجرد مبدع فني فريد من نوعه وإنما كان صوتًا سياسيًا واجتماعيًا حادًا، حيث لم يتردد في أعماله عن كشف عيوب المجتمع والسياسة اللبنانية والعربية، وعبر عنها من خلال نصوصه الغنائية والمسرحية، فرسم الرحباني لوحة واقعية للبلاد، خاصة في أحلك فترات تاريخها الحديث خلال الحرب الأهلية وما بعدها، مستخدمًا السخرية والكوميديا السوداء كسلاح فني لمواجهة الواقع المؤلم.
الرحباني يغوص في عمق الحرب الأهلية والطائفية
تعد الحرب الأهلية اللبنانية، التي مزقت البلاد لعقود، المحور الأساسي الذي دارت حوله الكثير من أعمال زياد الرحباني، فلم يقدم الرحباني تحليلًا سطحيًا للأزمة المريرة ولكنه غاص في عمق الانقسامات الطائفية والسياسية التي تسببت في هذا الصراع المدمر، فكانت أغانيه ومسرحياته بمثابة مرآة تعكس العبثية والدماء البشري الذي خلفته هذه الحرب.
من أبرز الأمثلة على ذلك أغنيته "يا زمان الطائفية" ضمن ألبوم "فيلم أمريكي طويل" لعام 1980، حيث تنتقد بأسلوب لاذع وفكاهي التقسيمات الطائفية التي أدت إلى تفتيت المجتمع، وفي مسرحياته الخالدة مثل "نزل السرور" عام 1974، "بالنسبة لبكرا شو؟" 1978، و"فيلم أمريكي طويل" 1980، عُرضت هذه القضايا بوضوح تام، وكشف عن الطبقات الاجتماعية المتصارعة والوعود الزائفة للقوى السياسية المتنازعة.

وشارك زياد في تقديم برامج إذاعية عدة، تزامنت مع أحداث كبيرة عصفت بلبنان، أبرزها الحرب الأهلية بين سنوات 1975 و1990، وعبّر خلالها عن مواقفه السياسية، مثل برنامج " بعدنا طيبين... قول الله"، و"نص الألف خمسمية"، و"العقل زينة"، و"الإعلان رقم 1، 2، 3، 4" الذي أعقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري.
الرحباني ينتقد فساد الحكومة بلبنان
وحرص زياد الرحباني على فضح الفساد المنتشر في الطبقة الحاكمة والمؤسسات اللبنانية، فكانت أعماله تكشف بوضوح زيف الشعارات السياسية وتفضح استغلال السلطة لمصالح شخصية ضيقة، وعبارته الشهيرة "العدالة في لبنان فكرة شعرية لا أكثر، ما دامت الطوائف تحكم لا القوانين" تلخص موقفه النقدي اللاذع من النظام السياسي اللبناني القائم على المحاصصة الطائفية.
ولم يتوقف نقده عند الطبقة الحاكمة، بل امتد ليشمل المجتمع ككل، فأصبحت عبارته الساخرة "كلن يعني كلن بس كل واحد شايف حاله بريء" شعارًا شعبيًا تردد صداه في الانتفاضات اللبنانية الأخيرة.

كان زياد الرحباني صوتًا للمواطن العادي، المعذب بقضايا الظلم الاجتماعي والطبقية، ولقد عبر عن معاناة جيل كامل تتقاذفه أهوال الحرب والضياع، وذلك من خلال أغانيه ومسرحياته التي انحازت فيها بشكل واضح للفقراء والمهمشين والعمال، ففي مسرحية "نزل السرور"، صور الرحباني بوضوح قضية الطبقية واستغلال العمال، وسخر من النخبة السياسية التي تتجاهل مطالبهم الأساسية، وكان منحازًا دائمًا لمن لا صوت لهم، يكشف بأسلوبه الفني عن التناقضات الصارخة بين فئات المجتمع اللبناني.
مساندة الرحباني الدائمة للقضية الفلسطينية والمقاومة
عُرف زياد الرحباني بدعمه الثابت وغير المتزعزع للقضية الفلسطينية والمقاومة، فشكلت مجزرة تل الزعتر عام 1976 نقطة تحول في مسيرته الفنية والسياسية، حيث زاد التزامه بالقضايا العربية العادلة.
وشارك في إنتاج العديد من الأغاني والأعمال الإذاعية التي تهاجم الظلم وتدعم قضايا التحرر، فكان موقفه من المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي واضحًا وجريئًا، حيث رأى فيها موقفًا أخلاقيًا وسياسيًا صادقًا، بعيدًا عن الشعارات الجوفاء.
ومن أبرز أعماله الداعمة للقضية تعاونه مع الفنان خالد الهبر في عام 1977 في توزيع أغنية أحمد الزعتر، المستوحاة من قصيدة محمود درويش التي تمجّد الصمود الفلسطيني في وجه الاجتياح، كما تعاون مع الهبر مجددًا في "مديح الظل العالي" في سنة 1987، وهي أيضًا من قصائد درويش، ووزّعها زياد بمرافقة أوركسترا أثينا، لتخرج بشكل ملحمي عبّر عن شجون المنفى، وجراح الأرض المحتلة.
كما قدم زياد الرحباني موسيقى فيلم "عائد إلى حيفا" للمخرج العراقي قاسم حول، المأخوذ عن رواية غسان كنفاني التي تحمل الاسم نفسه، الذي يعرض حكاية عائلة فلسطينية هجّرت قسرًا من حيفا عام 1948، لتعود بعد عشرين عامًا وتجد ابنها، الذي تركته رضيعًا، قد أصبح مجنّدًا في جيش الاحتلال الإسرائيلي.
ولم يكتفِ زياد الرحباني بالتعبير الفني عن مواقفه، بل كان معروفًا بانتمائه للفكر الشيوعي. هذا الانتماء الفكري أثر بشكل كبير على طبيعة نقده للنظام الرأسمالي والطوائفية التي يراها مدمّرة للمجتمع، واعتبر الشيوعية انحيازًا أخلاقيًا للعدالة الاجتماعية والمساواة، وهو ما انعكس بوضوح في كافة أعماله التي دعت إلى مجتمع أكثر عدلًا وإنسانية.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
