رئيس التحرير
عصام كامل

الخيامية مهنة يعشقها الأجانب وتواجه خطر الاندثار.. تعتمد على صناعة الأقمشة الملونة يدويًّا.. وهذه أبرز تحديات الحرفة (فيديو وصور)

عم أحمد عبد العظيم
عم أحمد عبد العظيم صاحب مهنة الخيامية
18 حجم الخط

الفن هو ما يعبر عما بداخل الفنان من إحساس وتفكير ورؤية ثم يخرجها للعامة لينقل لهم تصوره كاملا. وللفن أشكال عديدة، ومن أحد هذه الأشكال فن تصميم الخيامية.

فالفن يمكن أن يكون مهارة شخصية كأصحاب الصنعة والتي تشتمل على الفنون اليدوية أو أن يكون عملا جماليا يثير مشاعر الفرح والبهجة لدى الناس، فمهنة الخيامية قادرة على إظهار مهارة أصحاب الصنعة بشكل يسعد الناس.

مهنة الخيامية

تعد الخيامية مهنة وتراثا مصريا يعتمد على صناعة الأقمشة الملونة يدويا بشكل فني، ويمتد تاريخ تلك المهنة إلى قرون، وقد أصبحت أكثر ازدهارًا في العصور الإسلامية، وتتواجد هذه الحرفة بكثرة في شارع الخيامية بالقرب من باب زويلة.

فبينما تسير فى ذلك الشارع المفعم بالحياة والألوان الزاهية والتراث تجد صناع الحرفة المهرة الذين يباشرون عملهم باستمرار حتى ينتهوا من تلك الأقمشة التي تبدو كأنها تحف فنية، ومن ضمن هؤلاء الصناع تجد عم أحمد.

خيامي منذ أكثر من نصف قرن 

أحمد عبد العظيم يعمل “خيامي” منذ أكثر من خمسين عاما، بدأ يتعلمها فى سن 15 عاما بواسطة خاله، فى البداية جرب أحمد العمل فى حرف يدوية كثيرة، ولكن طبيعتهم لم تتلائم معه، نظرا إلى أن بعض الحرف اليدوية تتطلب مجهودا بدنيا كبيرا، فعرض عليه خاله أن يعلمه مهنة الخيامية باعتبار أنه هو وأولاده من يعملون بمهنة الخيامية فى عائلته، كانت في البداية مهنة يكسب منها رزقه فقط ولكن بمرور الوقت أحبها. 

بدأ عم أحمد عمله في خياطة ترك الأفراح والعزاءات، وكان يصل طول الترك إلى 5 أمتار ونصف المتر وعرضه يبلغ ما يقرب من 3 أمتار، وكان الترك يأخذ منه وقتا طويلا، ولكن ذلك لم يكن يشكل أزمة بالنسبة له، لأن الوضع الاقتصادي في السابق كان يسمح له بذلك، حيث كان مكسبه في الأسبوع حوالي 3 جنيهات ولكن كانت تكفي لتلبية احتياجاته.

كيفية تنفيذ فن الخيامية 

يرسم عم أحمد عبد العظيم لوحاته من الخيامية على ورق بنى مخصص لأصحاب هذه الحرفة، ثم يقوم بإحضار إبرة وتخريم هذا الورق، وبعد ذلك يضعها على القماش الذي سيقوم بخياطته لكي يأخذ نفس شكل الرسمة الموجودة على الورقة، ثم يستخدم الفحم لتحديد رسمته على القماش فتتحول إلى خط منقط، ثم يعيد عليها بالقلم الرصاص، وبعد ذلك يستخدم القماش الملون حتى يخيطه فوق الرسمة المرسومة بالقلم الرصاص، ويحدد الألوان التي يرغب فيها.

ويشير عم أحمد إلى أنه كلما كانت الأرضية أغمق جذبت ألوانا أكثر، فقد تصل الألوان المستخدمة إلى حد 10 ألوان، أما إذا كانت الأرضية فاتحة فإنها تأخذ ألوانا أقل.

ويقول عم أحمد: خامات القماش المستخدم تسمى تيل يستخدم فى ظهر قماش الخيامية و"تيل اسبوش" وهي الوجهة “الرسمة”، وخامات قماش الخيامية متوفرة، ولكن أسعارها تزيد، فالقماش الذي يكلف 10 جنيهات أصبح تكلفته 30 جنيها، أما بالنسبة لمتر القماش فوصل سعره إلى 65 جنيها، بينما كان سعره في السابق 3 جنيهات فقط.

وتابع: تستغرق مدة العمل في الستارة حوالي 4 أيام، وأحيانا تصل إلى 20 يوما حتى تكتمل، وتحدد المدة حسب عدد الزهور وحسب كم التفاصيل التي تتواجد بها. وهناك بعض الزبائن تحضر أزياءهم الخاصة بهم لكي يخيط أحمد بها رسمة يفضلونها مثل الجاكيت يطلب منه خياطة رسمة على الظهر مثلا فيقوم بعملها لهم.

تعلم عم أحمد كل فنون تصميم الخيامية، ويشمل ذلك التصميم العربي الذي يستخدم في الزي الخاص بالقائمين على عروض التنورة والإسلامي والفرعوني، حيث يرسم عم أحمد ملك جالسًا على العرش، ثم يقوم برسم عجل، وتأتي الناس إليه من كل مكان لكي تعبده وتُسمى لوحته “عجل أبيس”، عندما تقع أعين السائح على هذه اللوحة الفنية لا يتردد أبدا في شرائها، ولذلك فإن التصميم الفرعوني يحظى بإقبال السياح عليه، فهم يفضلون عربة رمسيس ونفرتيتي وكليوباترا.

كما أنهم يحبذون أيضا اللوحات التراثية، فعم أحمد قادر على صنع مشهد تراثي كامل على قماش الخيامية مثل لوحة القرية وهي عبارة عن بيوت بجانب بعضها ومسجد وبرج حمام، ثم يقوم بإلحاق الساقية وإضافة العروس التى كانت تركب ما يسمى بـ "التختروان" وهى كوشة فوق الجمل، تاركة منزل والدها وذاهبة إلى منزل زوجها بصحبتها ثلاثة أو أربعة جمال أخرى، وبصحبتها فرقة موسيقية تسير أمام العروس حاملين بأيديهم طبلة ورقا ومزمارا.

حرص عم أحمد على أن تكون لوحته واقعية وتمثل الريف المصري، ولذلك عندما يقوم عم أحمد بشرح لوحته الخاصة بالتراث المصرى للسائح الأجنبي دائما ما كان ينبهر بها وتباع بشكل سريع، ولكن مع الأسف لا يقوم بعملها الآن، لأنها لا تباع كما فى السابق. 

السياحة وعلاقتها بحرفة الخيامية

ويؤكد عم أحمد أن أصحاب حرفة الخيامية يعتمدون على السياحة بشكل أساسى فى كسب رزقهم فكلما كانت السياحة مزدهرة باع بشكل أكبر، وهذا بسبب تكلفة منتج الخيامية، فهو مثلا يأخذ ما يقرب من شهر كامل عمل، بالإضافة إلى القماش والأدوات المستخدمة فيه، فقد يصل سعر المفرش إلى 10 آلاف جنيه، وهذا السعر بالنسبة للمستهلك المصري يعد مبلغا عاليا، أما بالنسبة للمستهلك الأجنبى فهو لا يكلفه الكثير، بالإضافة إلى أن الأجانب يقدرون قيمة فن الخيامية، فهو فن لا يوجد مثله بالعالم كله، وتعد مصر البلد الوحيد المشهور بها.

تحديات المهنة الخيامية

مع بداية ظهور القماش المطبوع بفن الخيامية واستخدام المكن الحديث للتطريز بدأت تطرح فكرة التجديد وتطوير هذا العمل اليدوي ولكي يصمد أصحاب حرفة الخيامية أمام هذا التحدي بدأوا بعمل الخداديات ذات الرسوم المختلفة مثل العصافير وزهرات الرودس والأسماك والتنورة، ثم عمل ما يسمى بـ “التسعينة”، وبعد ذلك اتجهوا إلى عمل الستائر بطول مترين في متر عرض والمفارش. 

كريستينا سائحة أجنبية قررت تعلم حرفة الخيامية  

ذات يوم مرت على عم أحمد امرأة أجنبية، وبرفقتها صديقتها المصرية التي عرفته عليها، وأخبرته أنها من هولندا وتدعى “كريستينا” تقيم بجاردن سيتي، وكان هدفها هو تعلم الرسم فتعرفت على فن الخيامية من خلال صورة فوتوغرافية رأتها مع صديقتها المصرية فأصابها الفضول تجاه هذه الحرفة، وقررت تعلمها.

وأوضحت كريستينا أنها تستطيع التكلم باللغة العربية، وهذا ما سهل على عم أحمد إمكانية التواصل معها بشكل جيد أثناء تعلمها، واعتبرت كريستينا أن هذه فرصة جيدة لها لتمارس اللغة التي تعلمتها، تم الاتفاق معها على موعد مناسب ثابت حتى تأتي إليه وتتعلم.

قال عم أحمد إنه بدأ بتعليمها أساسيات المهنة لمدة 3 جلسات فانتبه إلى أنها أتقنتها بسرعة، فقرر أن ينتقل إلى المرحلة التي تليها، وهي كيفية خياطة زهرة الرودس، وقد حرص عم أحمد على تعليمها بإتقان خاصة لأنه وجدها شغوفة بهذه الحرفة.

ويتابع أنها سافرت وبعد مدة رجعت إلى مصر وزارته كريستينا ومعها والدها، الذي رحب به، وأحب حرفة الخيامية بعد ما كان يرفض فكرة تعلمها لهذه الحرفة في بداية الأمر. خلال المدة التي أقامتها بهولندا تواصلت مع عم أحمد باستمرار عن طريق ابنته تخبره بمستوى تقدمها وترسل له الصور بما تصنعه أولا بأول، وكان عم أحمد حريصا على أن يعلق على إنتاجها لكي تتطور.

عم أحمد لديه ولد واحد وابنتان، لم يهو ولده هذه المهنة ولم يجد من يرغب فى تعلمها من المصريين أو غير المصريين، فيما عدا كريستينا التي تعلمتها بسرعة لأنها أحبتها.

حرفة الخيامية تستحق أن يتم تضافر كل الجهود للحفاظ عليها من الاندثار فهى تمثل كنزا ثقافيا مصريا أصيلا، يحمل فى طياته تاريخ وحضارة آلاف السنين، كما أنها تجمع بين المهارة والإبداع والجمال، تتطلب هذه الحرفة جهود الحرفيين والمستهلكين والجهات الرسمية للحفاظ عليها من الاندثار واستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة دون المساس بجوهرها مع تعليم الأجيال الجديدة هذا هو مفتاح حمايتها.

"فالخيامية ليست مجرد حرفة وإنما هي قصة مصر المحكية بلغة الفن".

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية