رئيس التحرير
عصام كامل

غزة مكبلة اليدين وعاجزة عن حماية أبنائها من الموت.. رسالة مؤثرة لفتاة فلسطينية في صالون «إبداع المرأة المصرية» (فيديو وصور)

الشاعرة الفلسطينية
الشاعرة الفلسطينية منة بشير، فيتو
18 حجم الخط

شهد صالون "إبداع المرأة المصرية" مساء أمس فعالية مؤثرة استضافت خلالها أصواتًا نسائية من غزة، شابات وسيدات، نقلن صورة المعاناة القاسية التي يعشنها تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي.

وكان من أبرز اللحظات قراءة الشاعرة الفلسطينية منة بشير لرسالة مؤثرة وجهتها إلى مدينتها غزة بعد تهجيرها منها، رسالة أبكت الحاضرين وألهبت مشاعرهم.

"عزيزتي غزة... باقة من الحنون وبعد"

وبهذه الكلمات بدأت منة بشير رسالتها التي عبرت فيها عن عمق تجربتها كفلسطينية لم تغادر غزة قط قبل التهجير. وصفت منة شعورها بالصدمة من عالم لا يشبه غزة، عالم تختفي فيه أصوات الطائرات الحربية والزنانات، عالم لا يوجد فيه جدول للكهرباء أو استهدافات أو معابر.

 

وسردت منة في رسالتها تفاصيل الغربة التي تعيشها بعيدًا عن غزة، مستعرضة التناقضات بين حياتها السابقة وحياتها الحالية. أشارت إلى استغرابها من "الناس هنا" الذين لا يهرعون عند مرور الطائرات، بل يلوّح الأطفال لها بابتسامة، ولا يفهمون استياء الغزاويين من المسافات الطويلة أو مصطلحي "الشمال والجنوب" التي ترمز إلى الانقسام. كما عبرت عن دهشتها من عدم فهمهم لانقباض قلوبهم وشد أسنانهم كلما مرت طائرة، وانبهارهم عند رؤية طائرة مدنية قريبة.

"لستما مجرد علم وكوفية"

وتطرقت الشاعرة الفلسطينية إلى رمزية العلم والكوفية المنتشرة في كل مكان حولها، مؤكدة أن فلسطين وغزة ليستا مجرد رموز جامدة. وتساءلت عن سبب تعامل الناس مع الغزيين كـ"أبطال خارقين" وإطلاق لقب "فلسطينيين" عليهم، رغم أنهم لم يروا من فلسطين سوى "غيابها شبه الكامل". أشارت إلى ردود فعل الناس التي تحمل تعاطفًا مصحوبًا ببعض عدم الفهم للواقع اليومي الذي يعيشه الغزاويون.

وبأسلوب مؤثر، أكدت منة أن غزة وحدها تفهم أن أبناءها ليسوا أبطالًا خارقين، بل أناس عاديون يمتلكون مخاوف بسيطة وحساسيات طبيعية، ويموتون موتًا عاديًا، منهم الأغنياء والفقراء، منهم محبو القهوة أو الشاي. وشددت على أنهم جميعًا يحفظون غزة "كما أسمائنا".

وختمت منة رسالتها برسالة حب وحزن لغزة المتعبة، التي "تنفث أنفاسها الأخيرة"، مؤكدة أن غزة وحدها تحب أبناءها "الغزازوة" ولا تريد لهم الموت. وعبرت عن إدراكها أن غزة "مكبّلة اليدين" وعاجزة عن منع موت أبنائها وموتها هي أيضًا، لأن موتنا يعني موتكِ أيضًا.

وفي ختام رسالتها، رفضت منة بشير فكرة أن غزة كالعنقاء التي تنهض من بين الركام، مؤكدة أن "النهوض من بين الركام متعب ومهلك". وأشارت إلى أن غزة لا تريد سوى أن تكون "مدينة عادية يركض أطفالها على شاطئها ويشيّدون قلعة بالرمل أو يطيّرون طائرات ورقية، ويأكلون البطّيخ الملطّخ بحبيبات الرمل، لا الدم".

واختتمت منة بشير رسالتها المؤثرة بعبارة تختصر أسمى معاني الحب والانتماء: “عزيزتي غزّة، وحدنا نعرف أنكِ تحبّيننا أحياء، ووحدكِ تعرفين أننا نحبّك حيّة”.

وجاء نص رسالة منة بشير لغزة كالتالي: 

"عزيزتي غزّة،
باقة من الحنّون وبعد،
لا أعرف كيف مرّت تسعة أشهر بعيدًا عنكِ، انا التي لم تخطو قدميّ معبر رفح من قبل، ولم أكن أعرف شكل الحياة خارجكِ، حتى أنني كدت أجزم أنّ لا عالم خارج حدودك وأنّ كل ما أراه من مدن على الشاشات هو مجرد خيال وصور مفبركة لا أكثر، وأنّ العالم ينتهي عند عتبة معبر رفح.

الناس هنا غريبون يا غزّة، لا يهرع أحدٌ عندما تمر طائرة،
بل يلوّح الأطفال لها مع ابتسامة واضحة، لا صوت زنانة، لا جدول للكهرباء، لا استهدافات، ولا معبر.. 
والناس هنا لا يفهموننا، لا يفهمون الغزّيين، لا يفهمون استياءنا من المسافات الطويلة -الطرق هنا طويلة يا غزّة! أقل مشوار يمكن أن يتعدى ساعة في الطريق، تخيّلي!-
لا يفهمون استياءنا من مصطلحي الشمال والجنوب، لا يفهمون لمَ نغمض أعيننا ونشدّ على أسناننا كلّما مرّت طائرة، لا يفهمون انبهارنا وصراخنا كلّما رأينا طائرة "مدنيّة" قريبة..
يلصقون أعلام فلسطين والكوفية في كل مكان: على زجاجات الماء البلاستيكية، على الجدران في الشوارع، على نوافذ البيوت، على ظهر الحافلة، على أكياس الشبسي وعلى علب العصير..

لا يفهم الناس هنا أن لا علاقة للعلم والكوفية بما يحدث، لا يفهم الناس هنا أن فلسطين عامةً وأنتِ خاصةً، لستما مجرّد علمٍ وكوفية، لا يفهم الناس هنا لماذا نُجيب "من غزة" بدلًا من "من فلسطين" إذا ما سألونا عن جنسيّتنا، ولا أفهم أنا ردة فعلهم حين يعرفون أنني غزّية: حضرتك فلسطينية؟! أجدع ناس ربنا ينصركم يا رب، ويضع بعضهم يديه على رأسه ويُضيف: "إنتو على راسنا من فوق".

لماذا يعاملنا الناس كأبطال خارقين يا غزّة؟ لماذا يطلقون علينا فلسطينيين؟ مع أننا لم نرَ من فلسطين سوى غيابها شبه الكامل!

عزيزتي غزّة، وحدكِ تفهمين، ووحدك تعرفين أننا لسنا أبطالًا خارقين، ووحدك تعرفين أننا أشخاص عاديون، لدى بعضنا فوبيا من الأماكن المرتفعة أو الضيّقة، ولدى بعضنا حساسيةً من الفستق أو الموز، يموت بعضنا موتًا عاديًا -من الممكن أن يموت بسبب مرضٍ مزمن أو جلطة دماغية مثلًا-، بعضنا أغنياء، بعضنا فقراء، بعضنا يحب القهوة وبعضنا يفضّل الشاي، وكلّنا يا غزّة، كلّنا نحفظك كما أسمائنا..

وحدكِ تعرفين كل هذا وأكثر، وحدكِ تعرفين ما يثبت أننا مجرد بشر عاديون لا نمتلك أي قوة خارقة تجعلنا أبطالًا.

عزيزتي غزّة، أعرف أنكِ متعبة الآن، أعرف أنكِ تنفثين أنفاسك الاخيرة، أعرف أنكِ -وحدكِ- من تحبين حقًا أبناءك "الغزازوة" وأعرف أنّ الأم لا ترمي أولادها في الجحيم، لذلك أعرف أنكِ وحدكِ لا تريدين موتنا، وأعرف أنكِ تحاولين جاهدةً أن تمنعيه، وأعرف أنكِ مكبّلة اليدين ولا تستطيعين منع موتنا ولا موتك، لأنّك تعرفين أنّ موتنا يعني موتكِ أيضًا..

عزيزتي غزّة، وحدنا نعرف أنكِ لستِ عنقاء، وحدنا نعرف أن العنقاء خرافة، وحدنا نعرف أن النهوض من بين الركام متعب ومهلك، وحدنا نعرف أنكِ تريدين أن تكوني مجرد مدينة عادية يركض أطفالها على شاطئها ويشيّدون قلعةً بالرمل أو يطيّرون طائرات ورقية، ويأكلون البطّيخ الملطّخ بحبيبات الرمل، لا الدم..

عزيزتي غزّة، وحدنا نعرف أنكِ تحبّيننا أحياء، ووحدكِ تعرفين أننا نحبّك حيّة."

صالون "إبداع المرأة المصرية"

يهدف صالون "إبداع المرأة المصرية" إلى تسليط الضوء على الإبداعات الأدبية والفنية للمرأة، وتوفير منصة للتعبير عن قضاياها وتجاربها المختلفة. يسعى الصالون إلى دعم المواهب النسائية في شتى المجالات، وإثراء المشهد الثقافي المصري من خلال استضافة شخصيات نسائية ملهمة ومؤثرة، وتشجيع الحوار حول القضايا الاجتماعية والثقافية ذات الصلة بالمرأة.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية