رئيس التحرير
عصام كامل

أين الحكومة من القوة الناعمة؟

نمتلك تاريخ وحضارة عمرهما آلاف السنين، وكنا لعقود طويلة من الزمن محط اهتمام كثير من دول العالم، فالجميع يحلم بانطلاقة فنية من مصر أو حتى مجرد العمل فيها، حيث تميزت الفنون كافة بما لا يقل عن أرقى وأكبر دول العالم، ما جعلنا الأقوى تأثيرا وانتشارا في المنطقة، في ترسيخ عملي وفعلي لمفهوم القوة الناعمة مثلما صاغه جوزيف ناي، في كتاب صدر العام 1990، وطوره في كتاب ثان العام 2004، لاستغلال قدرة وجاذبية الفنون والثقافة في التأثير على الرأي العام وقيادته وتغييره.

Advertisements

 

تمكنت دول عدة من تطويع القوة الناعمة واستغلالها بشكل أمثل من خلال ما تجسده من مفاهيم ومبادئ وأخلاق ووفرت لها كل سبل الدعم، إلى أن حققت ما تريده من خلالها وتمكنت من تغيير أفكار وتشكيل ثقافة متلقي فنونها في العالم أجمع وليس دولها فقط.

 

كان بمقدور مصر، الانضمام إلى قائمة الدول الأولى في تأثير القوة الناعمة، مثل الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، اليابان، سويسرا، كندا، وغيرها، لكنا لم نكتف بتخلفنا كثيرا عن الركب بل أهملنا الفنون والثقافة وتركنا الساحة لكل من هب ودب يبث سموم أفكاره، فكان السقوط في هوة سحيقة.

 

توقعنا أن تتحرك الحكومة لإيقاف انحدار الفنون والقوة الناعمة والسعي لدفعها مجددًا، لكنها أمعنت في الإهمال وتبنت شعارات بالية عفا عليها الزمن دعمت بها كل ما هو غير مصري، وغضت الطرف عن كل إساءة وتطاول على بلدنا ولم تعاقب مرتكبيها، لتسهم عن عمد أو جهل في محو هويتنا الفريدة من نوعها.

 

افتقار الحكومة الحد الأدنى من الوعي للحفاظ على القومية المصرية، جعل الشعب ينبري دفاعًا عن قوميته، والتصدي لمن تسول له نفسه التعرض لمصر أو إنكار فضلها عليه، وقد وجه آخر حملاته لإلغاء حفل السورية أصالة نصري، المزمع إقامته في متحف الحضارات..

وسم إلغاء حفل أصالة

فإن كانت الحكومة تجاهلت إساءتها لمصر وإنكارها فضلها على ما وصلت إليه من شهرة وثراء، كان يفترض بإدارة المتحف الحفاظ على مستوى معين لمن ينال شرف الغناء في هكذا موقع حضاري عالمي، وعدم الموافقة على غناء أصالة، فيه على الأقل بالنظر لإتهامها غير مرة بحيازة مخدرات للتعاطي الشخصي، والأمر نفسه بالنسبة لابنها خالد منظم الحفل.

 

لا أعرف حقيقة كيف لا تدعم الحكومة نجوم ومواهب مصرية بالغناء في هذا المكان، وأن تترك مهمة التنظيم لكبار المتعهدين وشركات الإنتاج المصرية، على الأقل لاستعادة بعض ما فقدناه في السنوات الماضية. وكيف لا تضع إدارة متحف الحضارات شروطًا ومواصفات لا تتنازل عنها فيمن ينظم حفلة أو يغني في هكذا مكان، لأنه إذا أصبح المتحف متاحًا لكل من لديه مال فعلى الحضارة السلام!!

 

الشعب المصري كفى ووفى بالتفاعل مع وسم إلغاء حفل أصالة وجعله ترند في مصر والدول العربية، وسانده في التغريد جموع من العرب الغيورين على مصر ومكانتها، التي أهانتها وانتقصت منها المغنية السورية، دون اتخاذ موقف رسمي تجاهها.  


لو لم تنتقل أصالة إلى مصر قبل نحو 35 عامًا، طمعًا في النجومية والانتشار لظلت شهرتها قاصرة على بلدها سورية، وما نالت ما تتمتع به من نجومية وثراء، لكن ورغم ذلك لم تستطع التخلص من الصراخ والنشاز عند اندماجها في الغناء، ما يجعل جميع مطربات مصر أفضل وأهم منها، على الأقل فيما يخص الغناء السليم والطرب على أصوله، وهن وزملائهم الرجال أجدر منها وأحق بالغناء في متحف الحضارة وجميع المسارح المصرية الكبرى..

 

لأن أبناء وبنات مصر لهم الأفضلية على ما عداهم، ومن واجب الحكومة دعم مواهب مواطنيها بدلا من دعم الأغراب، خصوصا من أنكر فضل بلدنا عليه ونسبه إلى دول ثانية، وأولهم أصالة نصري، التي تغير قناعاتها تبعًا لجنسية زوجها وتوجه بوصلة نفاقها ومجاملتها صوب بلده أو البلد التي يستفيدان منها ماديًا.

الجريدة الرسمية