رئيس التحرير
عصام كامل

فرح الأميرة الأردنية.. درسٌ لأثريائنا وشبابنا!

شتان بين سفاهة الإنفاق في أفراح الأثرياء ورجال الأعمال عندنا وبين بساطة الفرح الملكي للأميرة إيمان كريمة الملك عبدالله عاهل الأردن الشقيق.

  
خرجت الأميرة إيمان بإطلالة مميزة آسرة دون بهرجة ولا بذخ ولا إسراف، وكان حفل زفافها نموذجًا ودرسًا بليغًا في الرقي والاعتدال في الملبس والمطعم والإنفاق.. وهذا سر عظمته فرغم أن العائلة المالكة الأردنية وزوج الأميرة يملكون القدرة المادية على إقامة الليالي الملاح بأشهر المطربين والعازفين في أفخم الفنادق وفي حضور مهيب لقادة وزعماء العالم وأسرهم.. لكنها اكتفت بالقليل واستغنت به عن البذخ والإسراف في زمن تعاني أغلب شعوب العالم أزمات طاحنة ويموت ملايين الفقراء سنويًا لعجزهم عن الحصول على ما يحتاجونه من طعام ودواء وكساء وخصوصًا في المناطق المنكوبة بالصراعات والتخلف والفساد.. وحسنًا فعلت.


أعظم الجمال ما كان بسيطًا عفويًا فهو يجذب الأنظار ويخطف الإعجاب والاحترام وهو ما ظهر عليه الفرح الملكي إّذا صح التعبير وهو ما استقبله الناس بترحاب وإطراء ترجمته السوشيال ميديا والمواقع والشاشات.. ويكفي أنه لم يثر اللغط ولا الجدل ولا حنق الفقراء (وما أكثرهم في عالمنا العربي) ولا استفز مشاعر من لا يجدون قوت يومهم.  

رقي وبساطة 


عقد القران جرى في قصر بيت الأردن مقر إقامة الملك، وشارك فيه عدد من أفراد العائلة المالكة، وأفراد عائلة الزوج، إلى جانب المقربين، وقد أحيته فرقة معان للفلكلور الشعبي وهى فرقة تهتم بنشر التراث الأردني، وهذا ينطوي على معنى كبير ودرس مستفاد في إعلاء واحترام الأسرة الملكية لقيم وتقاليد وأعراف بلادها..

 

لان الفرحة يغلفها الرقي والبساطة وليس الأجواء الأسطورية الاستفزازية التي اعتدنا عليها في عالمنا العربي الذي لا يرى كثير من أثريائه أنهم مستخلفون في أموالهم، وأنهم محاسبون على إضاعتها في حفلات صاخبة فاحشة تصل لإنفاق ملايين الدولارت على فرح هنا أو مناسبة هناك.  


ظهرت الأميرة إيمان وأمها الملكة رانيا  بمظهر راقٍ هاديء وكان ما كتبته الملكة على حسابها على انستجرام آسرًا؛ فقد قالت: اللهم إنّي استودعتك إيمان قطعةً من قلبي.

 

البساطة سلوك ينبع من ثقافة واثقة تعلى قيمة الإنسان والروح ولا تستسلم لغواية الأبهة والمنظرة وترف البذخ بل تبدى زهدًا حقيقيًا فيما تملك، وتظهر قدرة عالية على الاستغناء وكسب القلوب وعدم استفزاز العامة أوإثارة الأحقاد الطبقية، خصوصا في بلاد  لا يجد السواد الأعظم من شعوبها قوتهم إلا بشق الأنفس.. هكذا تفعل النفوس العالية.. كل التهاني للأميرة العروس بحياة هانئة هادئة تظللها السعادة ويغمرها الهناء.


ونقول لشبابنا المقبلين على الزواج ولآبائهم: التمسوا الاعتدال والبساطة في حياتكم وأفراحكم فتلك روح شريعتكم يقول الله تعالى: "كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا" ويقول أيضًا "إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ".. ويقول "وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا".
 

 

ويقول الشاعر الحكيم:
والنفس راغبةٌ إذا رغَّبتها..  وإذا تُردُّ إلى قليلٍ تقنعُ
ويقول الرافعي للنفْسِ وجهان: ما تُعلِن وما تُسِرُّ.. ولا صِدقَ لإعلانِها حتى يَصدُقَ ضميرُها.. ولا صلاحَ لِجَهرِها حتى يَصلُحَ السِّرُّ فيها. ولا يكونُ الإنسانُ الاجتماعيُّ فاضلًا بِمَشهَدِه حتى يكونَ كذلك بِغَيبِه.

الجريدة الرسمية