رئيس التحرير
عصام كامل

مهارات التدريس الفعّال

عزيزي المعلم لو كنت عشت في القرن الماضي، ستكون قادرا على الإجابة عن هذا السؤال: ماذا يفعل المعلم الجيد وما هي سماته؟ ببساطة المعلم الجيد كان المفهوم السائد عنه في الماضي أنه شخص جيد، قدوة، يمثل نموذجا أعلى للمواطن الجيد في المجتمع، ونموذجا للأب والموظف الصالح والمثالي.


في ذلك الوقت كان يحكم على المعلمين بشكل أساسي بناء صلاحهم كأفراد، وبشكل ثانوي بناء على سلوكهم داخل الفصل، فقد كان المجتمع يتوقع في المعلمين أنهم أشخاص صادقون ومجتهدون، ومعطاؤون، وودودون، ويراعون مشاعر الآخرين، وهم يظهرون تلك الخصال داخل فصولهم الدراسية بكونهم منظمين، ومهذبين، وأصحاب بصيرة، وملتزمين. 

 

عمليا هذا يعني: لكي تكون معلما فعالا فعليك أن تمتلك حكمة الملك سليمان ومعرفة ألبرت آينشتاين. وهذا كان الأمر في القرن الماضي.


عزيزي المعلم.. لقد حدثت ثورة في تعريف التدريس الجيد خلال السنوات الماضية. ورأينا أن تعريف المعلمين الجيدين من خلال أنهم المُثل العليا والسامية للمجتمع أثبت عدم واقعيته؛ لانفصامه عما يقوم به المعلمون داخل الفصل. 


وأصبح هناك وعي كبير بتأثير أنشطة المعلمين الواضح على سلوكيات طلابهم المعرفية والوجدانية داخل الفصل. وتغير مصطلح التدريس الجيد إلى التدريس الفعّال. 


عزيزي المعلم.. إن المعلمين الأكثر فاعلية والأكثر فهما لمستويات تفكير طلابهم هم الذين يقومون بتصميم تعليم بطريقة تناسب جميع المتعلمين لتحقيق عملية الفهم والاستيعاب لدى المتعلمين، وتراعي الفروق الفردية للطلاب بما فيهم ذوي صعوبات التعلم أو ضعاف البصيرة. ويتحقق ذلك من خلال تصميم التعلم المسبق الذي يراعي جميع احتياجات المتعلمين.


عزيزي المعلم.. إن المعلم الفعّال حاليا هو الذي يعلم أن كل مُتعلم لديه ملف تعريفي غير منتظم، فمن المتعلمين من يتميز في بعض الأمور ولا يتميز في أمور أخرى مثل التخطيط والتنظيم أو القدرة على التركيز، لذلك فإن السبيل إلى النجاح لا يكون بمعالجة نقاط الضعف والاعتماد على نقاط القوة فقط..

 

بل يتعلق الأمر أيضًا بمعرفة أسباب مواطن القوة والضعف، وتلك الأسباب لا تكون داخل المتعلم فقط؛ لكنها ترتبط أيضًا بالبيئة الخارجية، وهي تنشأ متفاقمة بسبب التقييم التعليمي الخاص بالطالب. 


وكما أكد العالمان الكبيران كيندرا غرانث، ولويس بيريز فإنه لا يوجد مُتعلم متوسط، ومُتعلم ضعيف؛ ولكن التصميم الجيد من أجل التقويم يجعلنا ندرك أن أدمغة المتعلمين مختلفة ولكل دماغ بصمة مثل بصمات الأصابع. 


عزيزي المُعلم.. إن المُعلم الفعّال هو الذي يستفيد من التطورات التي تشهدها التكنولوجيا وعلوم التعليم الحديث، ومعرفة مدى تأثيرها على تصميم التعليم الذي يُلبي احتياجات جميع المتعلمين. 


وهو المُعلم الذي يدقق في أدمغة المتعلمين أثناء عمله، ويعرف أن الأمر أكثر تعقيدًا، ويدرك أن أنماط تنشيط الدماغ تختلف بدرجة كبيرة بين المتعلمين، وهذه هي الحقيقة التي يرددها ممارسو التصميم الجيد الشامل للتعليم، وتلخصها العبارة الشهيرة: (أدمغتنا فريدة مثل بصمات أصابعنا).


المعلم الأقل فاعلية 

إن المعلمين الأقل فاعلية هم الذين يستخدمون لغة غامضة غير واضحة وغير محددة مثل ربما تكون أو قد يُمثل أو يستخدمون جملا معقدة مبالغ فيها، أو يُعطون تعليمات تستدعي الطلاب إلى طلب المزيد من الشرح والتوضيح والتوجيه.


ولذلك فالمعلمون يختلفون بشكل كبير في سلوكهم التدريسي، فلا يمتلك جميع المعلمين القدرة على نقل المعلومات بشكل واضح ومباشر لطلابهم، وبعضهم يتحدث بأسلوب يفوق مستويات الاستيعاب عند الطلاب، أو يستخدمون أنماطًا من الحديث تؤدي إلى الإضرار وغموض العرض الذي يقدمونه.


المعلم الناجح

هو الذي يمتلك مجموعة من الخصائص والمهارات وتلك المهارات هي: 
مهارة التنظيم: أن يكون المعلم قادرا على التخطيط المسبق للدرس، وقادرا على إعداد المواد التعليمية اللازمة، وإدارة الوقت، وأن يكون منظمًا، ويكون قادرًا ويمتلك أساليب تمكنه من التعامل مع الأفراد والمجموعات، ويكون قادرا على إشغال الطلاب بالمهمات التعليمية المطلوبة. 


مهارات إنسانية: وتعني أن يكون المعلم مرنا، وحاضر البديهة، ويمتلك مهارة حُسن الاستماع، ويشجع الطلاب على المشاركة، ويتوقع الأسئلة، ويمتلك مهارات الصير، ومهارات الثقة بالآخرين، ويحرص على النقد البناء.


المعرفة بالمحتوى: لا بد أن يكون المعلم قادرا على شرح المحتوى التعليمي، وتفسير معنى المحتوى، قادرًا على استيعاب المادة العلمية، وأن يكون قادرا على طرح أمثلة واضحة ومحسوبة.


مهارة إدارة الصف: لابد أن يمتلك المعلم الفعّال مهارة التهيئة المناسبة للطلاب لجذب انتباههم، وإعداد البيئة الفيزيقية للصف بشكل يجعله قادر على المحافظة على انتباه الطلاب جميعهم.


وأن يقوم بإعداد لائحة الصف وأن يشرك الطلاب في إعدادها، وضرورة المحافظة على النظام الصفي، والحرص على مشاركة الطلاب في أحداث التدريس، والتوظيف الأمثل للوقت الصفي. 


مهارة طرح الأسئلة: وهي لا تقتصر فقط على توجيه الأسئلة؛ ولكنها ترتبط بمهارات أخرى مثل مهارة صياغة الأسئلة وفقًا للمستويات المعرفية المختلف، ومهارة توجيه السؤال، ومهارة التصرف بشأن إجابات المتعلمين.


أما بالنسبة لمهارة وضع الأسئلة، فلابد في الأسئلة أن ترتبط بموضوع الدرس، وأن تتسم بالوضوح، وأن تكون الأسئلة متنوعة ومتدرجة في المستوى، ولا يوجد بها ألفاظا محبطة للطلاب.


وتُمكن المعلم من قياس مستويات تحقيق الأهداف، ولا يتوقف الأمر عند صياغة الأسئلة فحسب؛ بل نعتمد على كيفية توجيهها، فلابد للمعلم عند طرحه للأسئلة أن يكون صوته مسموعًا لجميع الطلاب، وكذلك لابد أن يكون صوت الطلاب عند الإجابة مسموعا لكل زملائهم، مع منح الطلاب مهلة تكون مدتها 20 ثانية للتفكير قبل الإجابة، وعدم تحديد اسم الطالب قبل طرح السؤال، وتوجيه السؤال لغير المنتبهين، وعمل مسح بصري بعد توجيه السؤال. 


ويجب توجيه الأسئلة بدون تنظيم مسبق بالنسبة للطلاب، وتوزيع الأسئلة بين الطلاب بصورة عادلة، حيث يصيب كل منهم نصيبًا كافيًا حتى لا يصاب الطلاب بعدم المسئولية.

الجريدة الرسمية