رئيس التحرير
عصام كامل

هل بإمكانك أن تعيش بدون قلب؟!

سؤال ربما لا يكون منطقيًاً أبدًا.. فهل بإمكان الإنسان أن يعيش بدون قلب؟! الإجابة بالطبع لا.. ولا أقصد القلب ذلك العضو الصغير الساكن في الجانب الأيسر من جسم الإنسان.. والذى به تتحدد سلامته بل وعمره الإنساني المحتوم.. ولا أقصد إذن الحياة البيولوجية التي تعني الموت والحياة.. لكنى أقصد العيش الطيب الذي ينعم فيه الإنسان بنعمة التنفس السليم دون وجع.. يعنى أن النفس يدخل ويخرج "سموزي" دون عناء!

أصحاب الضمائر الميتة

فهل جربت أن تفكر يومًا فى ميكانيكية التنفس، وكيف تمارسها كل لحظة دون حتى أدنى تفكير.. أعتقد لا؟! لا يستطيع الإنسان أن يعيش دون أن يتذوق، أي يشعر بلذة الأشياء والقدرة على التمييز بينها.. أعتقد حتى الحيوانات نفسها تشعر بلذة التذوق.. وإلا لما أقبلت نفسها على مأكولات معينة وعزفت عن أخرى! فهل بإمكانك أنت تعيش دون أن تتذوق وتميز.. هل جربت يوما في التفكير في عمليات التذوق وكيف تمارسها دون عناء؟!


أضف إلى التنفس والتذوق حاسة الشم، وفكر كيف تمارسها دون عناء.. وهل بإمكانك أن تشعر بالحياة دونها.. أتصور أن كل هذه النعم بمثابة معززات لتمسكنا بالحياة.. فحين نفقد تلك النعم والحواس؛ تبدأ علاقتنا بالحياة في التفكك بإرادة حرة، وتصبح الحياة لا تختلف كثيرًا عن الموت.. فكم تبدو الحياة مريرة دون تذوق أو شم! 


ربما يكون كلامي بالنسبة لك مقبولًا فلسفيًا ومنطقيًا.. ولكن حدثني كيف تبدو الحياة دون ضمير.. الضمير بمعناه الواسع الإنساني والوطني والاجتماعي.. فهل تبدو الحياة مثلًا لطيفة إذا حدثتك بأنه إذا مات ضميرك  ستحصل على كثير من الثروة.. وربما تحصد عددًا لا بأس به المناصب.. أو ربما تشعر بالقوة كلما نظرت في أعين ضحاياك المعبئة بالضعف والخوف والحذر!


عذرًا لا أقصد المعنى الحرفي لكلمة ضحية! لكنني أقصد علامات الخوف والحذر في أعين المحيطين بك.. وليس من عدلك هذا الحذر أو الخوف أو الرهبة، لكنه من يقين المحيطين بك بأنك قادر على الظلم.. وأنه ليس بينك وبين الانتقام رادعا! اعتقد أنها حياة بلا قلب، يستطيع الإنسان من خلالها قلب الحقائق، والمشي مختالًا بثبات على أعناق ضحاياه!


يااه لم أقصد ثانية المعنى الدقيق لكلمة ضحية.. لكنني أقصد الذين كانوا يقفون عثرة في طريق أحلامه وخيالاته المريضة.. فكم كانوا حمقى حين منحوا أذانهم إلى ضمائرهم الحية لتجعل من منطقهم الإنساني الحر حائلا دون تحقيق أحلام أصحاب الضمائر الميتة! 

هنا يصبح للموت وظيفة مغايرة وربما معاكسة.. فكل الأشياء حين تموت تضعف إلى الضمائر فحين تموت تمنح أصحابها قوة مضاعفة.. فإذا كنت عزيزي القارئ قد اقتنعت.. فإذا مات ضميرك لا تدعو له بالرحمة.. ولكن أدعو له بالثبات! 

الجريدة الرسمية