رئيس التحرير
عصام كامل

كلمة السر إسرائيل

قبل أسبوعين تقريبا تفاءل الأمريكيون والإيرانيون بقرب التوصل إلى اتفاق يمنع إيران من الوصول إلى القنبلة النووية، ويمنحها مليارات الدولارات، ويرفع عنها العقوبات، كما يمنح إسرائيل مزيدا من القلق والتربص، والعرب كل القلق والتوتر.. وبات الأوروبيون سعداء بوساطتهم وباقتراحاتهم، التى قبلتها إيران، وتنازلت فيها عن مطلبها الرئيسي وهو رفع حرسها الثورى من قائمة الإرهاب الأمريكية.  

 

ولقد اعتبر ذلك تنازلا كبيرا، وفيما يتهيأ الجميع للاحتفال، كانت قيادات عسكرية وأمنية عليا من إسرائيل في زيارات متكررة لواشنطن وفجأة، أعلنت واشنطن أنها تراجع الطلبات الإيرانية، وأن هناك ثغرات في النص المقترح، يجب علي إيران أن ترد بشأنها، وأن مطلب غلق ملف الوكالة الذرية حول آثار اليورانيوم التى عثر عليها خبراء الوكالة لا يزال مفتوحا. وبالأمس بادرت واشنطن إلى الإعلان عن أنها لم تسحب جهودها الدبلوماسية بشأن الاتفاق النووى. أو تركت الباب مواربا قبل إعلان الإتحاد الأوروبي أمس أيضا أن الطريق بات مسدودا!

تصريح خطير


أخطر ما صرح به رئيس الاستخبارات الاسرائيلية الخارجية ديفيد بارنياع أن الموساد قدمت لواشنطن معلومات حاسمة حول مراحل تصنيع القنبلة النووية الايرانية، وأن طهران تكذب وتخدع وتكسب الوقت وأن لديها مخزونا بعد التخصيب وصل إلى ٦٠٪؜ نسبة تصلح لصنع قنبلة نووية واحدة، وقال للأمريكيين الجمعة الماضية: «تخصيب اليورانيوم لدرجة 60 في المائة يعني أنهم باتوا يمتلكون الأدوات ويستطيعون صنع قنبلة نووية واحدة على الأقل». وأكد أن «ما تقوله إيران للعالم من أنها لم تتخذ قرارًا بالتسلح النووي، وما تقدمه من معلومات ومعطيات للجنة الدولية للطاقة، ينطوي على كثير من الخداع»!.


ومع قرب انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي في نوفمبر القادم، يصبح من مصلحة إسرائيل آلا تتوصل أمريكا إلى اتفاق نووى مع إيران، حيث تأمل إسرائيل في انقلاب انتخابي يحقق أغلبية جمهورية تمنع بايدن من الموافقة، وفيما يبدو فإن المعلومات التى قدمتها الموساد للخارجية الامريكية تصب في هذا الاتجاه، ولا تبدو واشنطن ولا ألمانيا وفرنسا وبريطانيا في عجلة من أمرهم، بل قطع جوزيب بوريل الممثل الأعلى للشئون الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي أي أمل بقوله صباح أمس: وصلنا إلى طريق مسدود!


لكن ماذا لو كانت إسرائيل كاذبة في المعلومات الاستراتيجية التى تقدمها للغرب في أوروبا وعبر الأطلنطى؟ التهويل والمبالغة احتمالان واردان، ومع ذلك فإنها باصرارها طول الوقت على إعلان حريتها في ضرب إيران لإجهاض مشروعها النووي هو تذكير للغرب بأنها لن تبقى مكتوفة اليدين بعد التوقيع، وأنها غير ملزمة به.. 

 

وفي الوقت نفسه يعزز تحالفاتها الاقليمية، حيث العدو النووى واحد، وفى كل الأحوال فإن ضربة إسرائيلية إلى إيران تقلم بها حلمها النووى وتجهض نمو ترسانتها العسكرية التقليدية من شأن هذه الضربة أن تعزز مكانة إسرائيل كقوة متفردة في المنطقة، تحظى بثقة الحلفاء والشركاء الجدد، وتحد من قدرة إيران علي خدمة وكلائها المحليين في لبنان وفي اليمن وفي العراق.. ونتابع

الجريدة الرسمية