رئيس التحرير
عصام كامل

عيد العنصرة (2)

واجه الآباء الرسل تهديدات كثيرة من اليهود بالمجاهرة بالشهادة للسيد المسيح عندما أحضر رؤساء الكهنة وقادة الشعب الرسولان بطرس ويوحنا لسؤالهما بأية قوة وبأى سلطان صنعتما أنتما هذا؟! (سفاء المفلوج) "امتلأ بطرس من الروح القدس وقال لهم: يا رؤساء الشعب وشيوخ إسرائيل، إن كنا نفحص اليوم عن إحسان إلى إنسان سقيم بماذا شفى هذا؟ فليكن معلومًا عند جميعكم  وجميع شعب بنى إسرأئيل انه يسوع المسيح الناصرى الذى صلبتموه أنتم، الذى أقامه الله الآب الأزلى قبل كل الدهورمن الأموات.. ليس بأحد غيره الخلاص لأن ليس أسم آخر تحت السماء قد أعطى بين الناس به ينبغى أن نخلص" (أع 8:4-12). 


وعندما لجأ رؤساء اليهود إلى أسلوب التهديد ودعوهما أن لا ينطقا البتة، ولا يعلما بأسم يسوع، جاءهم الرد واضحًا جليًا من الرسولان الأبطال "فأجابهم بطرس ويوحنا وقالا أن كان حقًا أمام الله أن نسمع لكم أكثر من الله فأحكموا! لأننا نحن لا يمكننا أن لا نتكلم بما رأينا وسمعنا" (أع 19:4،20). و"استمر الرسل يتكلمون بكلام الله بمجاهرة" ( أع 31:4). 
 

وعندما أحضر رؤساء الكهنة وقادة الشعب الآباء الرسل وقالوا لهم أما أوصيناكم وصية أن لا تعلموا بهذا الأسم.. "فأجاب بطرس وباقى الرسل وقالوا ينبغى أن يطاع الله أكثر من الناس.. اله آبائنا أقام يسوع المسيح المخلص الذى قتلتموه معلقين إياه على خشبه، هذا رفعه الآب الأزلى الذى فيه، بيمينه رئيسًا ومخلصًا ليعطى إسرائيل التوبة وغفران الخطايا، ونحن شهود له بهذه الأمور، والروح القدس أيضًا الذى أعطاه الله للذين يطيعونه" ( أع 29:5-32). 
 

تنفيذ وصية المسيح

 

دعا رؤساء الكهنة وقادة الشعب اليهودى الآباء الرسل المباركين القديسين وجلدوهم، وأوصوهم أن لا يتكلموا بإسم يسوع المسيح ثم أطلقوهم "وكانوا (الرسل) لايزالون كل يوم فى الهيكل وفى البيوت معلمين ومبشرين المسيح" ( أع 42:5). 
 

ومن هذا نرى أن الآباء الرسل واجهوا مقاومة اليهود بالمجاهرة بالشهادة للمسيح.. وكانوا كلما جاهروا تزداد مقاومة اليهود، وتتصاعد حدة الوتيرة بينهما ومن الحبس إلى المحاكمة ثم إلى التهديد بالجلد والتشاور على القتل.. ولكن مع تصاعد حدة الوتيرة كانت الرسل تشهد للمسيح بالمجاهرة.
 

كنيسة الرسل تقول لنا إن الشهادة للمسيح والمجاهرة بأسمه هو الضمان الأكيد لسلام الكنيسة ونموها وازدهارها في جميع العصور.. و"سر نجاح العمل الكرازى لكنيسة الرسل، أنه كان لجمهور الذين آمنوا بقلب واحد ونفس واحدة" ( أع 32:4). والاضطهاد لم يغير تلك الحقيقة، بل كان يعطيهم قوة الفكر ووحدانية القلب.. الرسولان بطرس ويوحنا جاهرا أمام اليهود الذين هددوهما وأطلقوهما.. فماذا فعل الرسولان؟ 

 

يقول سفر أعمال الرسل "ولما أطلقا أتيا إلى رفقائهما، فأخبراهم بكل ما قال لهما رؤساء الكهنة والشيوخ" (اع 23:4). إنها الكنيسة التى تعمل بروح واحد، لم تحدث مناقشة حول مدى الحكمة في الاستمرار في المجاهرة بأسم يسوع المسيح أمام مقاومة اليهود المتصاعدة، "بل لجأ الجميع إلى الصلاة بنفس واحدة، لذلك تزعزع المكان، وكانوا يتكلمون بكلام الله بمجاهرة" (أع 23:5-31). 

 

لم تختلف الرسل في الفكر والشهادة لأن هدفهم كان هدفًا واحدًا وهو تنفيذ وصية المسيح لهم بأن يكونوا شهودًا له.. لم يفكر أحد فى ذاته أو فى  سلامته الشخصية، بل فكر الجميع فى رسالتهم المشتركة الواحدة.. لذلك كان لهم فكر واحد وروح واحد ونفس واحدة.

 


احتمل الآباء الرسل مقاومة اليهود بفرح، ولم يخافوا أو يجزعوا وعندما وصل الأمر إلى الجلد يقول الكتاب المقدس فى سفر أعمال الرسل "أما هم فذهبوا فرحين أمام المجمع، لأنهم حسبوا مستاهلين أن يهانوا من أجل أسمه" (أع 41:5). ونراه في العديد من قصص الشهداء العظماء الذين يتقدمون للاستشهاد من أجل المسيح وهم يتهللون ويسبحون وكأنهم ذاهبون إلى عرس.. ولولا حدث العنصرة لما أمتد الخلاص والبشارة للعالم أجمع.                 

الجريدة الرسمية