رئيس التحرير
عصام كامل

بعد روسيا وأوكرانيا.. الهند وباكستان تضعان آسيا على شفا "رعب نووي" بسبب صاروخ طائش

الصراع بين الهند
الصراع بين الهند وباكستان

توجهت انظار العالم اليوم إلى جنوب قارة آسيا بخوف وترقب من انفلات الاوضاع على خلفية اطلاق صاروخ عن طريق الخطأ من الهند إلى باكستان في بؤرة تعد من احد اسخن المناطق في العالم.

 

تاريخ الصراع بين الهند وباكستان

فبينما تشتعل شرق اوروبا في صراع بين روسيا واوكرانيا تخوف العالم من انتقال حمى الحرب إلى الهند وباكستان بعد حادث انطلاق صاروخ عن طريق الخطأ من مدينة سيرسا غرب الهند والذي تحطم قرب مدينة ميان تشانو الشرقية الباكستانية في حادث صاعد من حدة التوتر.

 

فينما أعلنت وزارة الدفاع الهندية أنها أطلقت عن طريق الخطأ صاروخا على باكستان؛ حذرت إسلام أباد، نيودلهي من ”عواقب وخيمة“، بسبب ما قالت إنه جسم طائر مجهول أسرع من الصوت قادم من الهند تحطم داخل الأراضي الباكستانية.

 

وبين اعلان البيانات الرسمية التي اتسمت بالحدة والصرامة تكشفت نيران الصراع الرهيب بين الهند وباكستان والذي يعود بنا في التاريخ لما قبل عام 1815 في المنطقة التي تعرف الآن باسم "جامو وكشمير".

 

فمنطقة جامو وكشمير كانت تتألف قديما من 22 دولة مستقلة صغيرة (16 هندوسية وستة مسلمة) اقتطعت من الأراضي التي سيطر عليها أمير (ملك) أفغانستان، جنبا إلى جنب مع حكام مناطق محلية صغيرة، كانت يشار إليها عامة باسم "ولايات تلال البنجاب" وحكم هذه الدول الصغيرة ملوك الراجبوت ولكن تحت خدمة إمبراطورية المغول تحت حكم الامبراطور اكبر.  

 

وفي أعقاب تفكك سلطنة مغول الهند، سقطت ولايات تلال البنجاب على التوالي تحت سيطرة السيخ تحت قيادة رانجيت سينج والتي انتهت بسقوطها تحت حكم التاج البريطاني عام 1848 وظهور شركة الهند الشرقية البريطانية لتكافح شعوب المنطقة المحتل البريطاني.

 

الصدام بين القومية الهندية والمسلمين

وبدأ الصدام بين القومية الهندية والمسلمين خلال حكم الاستعمار البريطاني، وعلى الرغم من استمرار التفاهم بينهما خلال حرب الاستقلال عام 1857، حينما حارب القوميون الهنود هندوسا ومسلمين ضد البريطانيين، إلا أن خيوط القومية ظهرت مؤسسيا بتأسيس حزبي المؤتمر والرابطة الإسلامية.

 

وحينما ضعفت الحكومة البريطانية وبدأت حركة الهند من أجل الحرية، كان حتميا أن تندلع اشتباكات بين الحزبين الهنديين، حيث ظل الحزبان على خلاف حول طموحاتهما وأهدافهما النهائية، وتخلى الطرفان عن أي اعتبار للشراكة المتبادلة من أجل الاستقلال عام 1937.

 

واستفحل الأمر حينما فشل الحزبان في التوصل إلى إجماع حول صيغة الاستقلال، وبانسحاب بريطانيا عام 1947، أصبحت باكستان والهند دولتين مستقلتين في 14 و15 أغسطس على التوالي.

 

بدأت بالتوازي عمليات هجرة جماعية طائفية للمسلمين إلى باكستان، وللهندوس والسيخ إلى الهند، حيث اقتلعت آنذاك عائلات من جذورها، ودمّرت سبل العيش، وتغيرت العلاقات إلى الأبد، وانضمت المناطق الإسلامية إلى باكستان، وذات الأغلبية غير المسلمة إلى بعض المناطق الهندية، وانقسمت الأقاليم الغنية والمهمة اقتصاديا وثقافيا (البنجاب والبنغال) على أسس عرقية.

 

الحرب الهندية الباكستانية الاولى

وتشكلت بداية الصارع المسلح مع اندلاع الحرب الباكستانية الهندية الأولى عام 1947، وتعرف باسم "حرب كشمير الأولى"، واستمرت حتى عام 1948، وهي أول نزاع مسلح بين الجارتين اللتين حصلتا لتوهما على الاستقلال عن بريطانيا. وبينما تمتعت الولايات الأميرية بحق الاختيار بين الانضمام إلى الهند أو إلى باكستان بعد الاستقلال، كانت هناك ضغوط على حاكم ولاية جامو وكشمير من كل من الهند وباكستان، لكن مهراجا كشمير، هاري سينج، تجنب الانضمام لأي من الدولتين.

 

ثار السكان المسلمون على المهراجا بعد تحفظه على الانضمام إلى باكستان في كل من بونش وميربور، وازداد الوضع سوءا مع اندلاع عنف طائفي ومجازر بين الطوائف، فلجأ السكان المسلمون إلى باكستان للمساعدة، وتدخلت الميليشيات الباكستانية لدعمهم. وعلى الجانب الآخر طلب المهراجا دعم الهند، التي قبلت التدخل بشرط توقيع اتفاق بين المهراجا والحكومة الهندية يقضي بانضمام ولاية جامو وكشمير الأميرية إلى الهند، ثم أرسلت القوات الهندية إلى كشمير للدفاع عنها.

 

رفضت باكستان الاعتراف بانضمام كشمير إلى الهند، ووفرت لقوات المتمردين داخل الولاية، وفي مايو 1948 تدخل الجيش الباكستاني رسميا في الصراع.

 

عملية جبل طارق

كانت هذه الحرب تتويجا لمناوشات حدثت بين الجارتين، واستمر النزاع المسلح من أغسطس إلى سبتمبر عام 1965، وبدأت الحرب حينما شنت باكستان عملية "جبل طارق"، التي كانت عبارة عن تسلل قوات باكستانية إلى جامو وكشمير للتحريض على تمرد ضد الحكم الهندي، وردّت الهند بإطلاقها هجوما عسكريا شاملا على باكستان الغربية. انتهى القتال بين البلدين بعد إعلان وقف لإطلاق النار تحت رعاية الأمم المتحدة نتيجة لتدخل دبلوماسي من الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية، وإصدار إعلان طشقند.

 

عملية جنكيز خان

اندلعت شرارة الحرب بعملية "جنكيز خان" التي قامت بها القوات الباكستانية، كضربة استباقية من جانبها، على قاعدة جوية هندية في ديسمبر عام 1971، واشتبكت القوات الهندية والباكستانية على الجبهتين الشرقية والغربية، وانتهت الحرب بعد توقيع قائد الجبهة الشرقية للقوات المسلحة الباكستانية على وثيقة الاستسلام، التي انفصلت بموجبها باكستان الشرقية عن دولة بنغلاديش المستقلة. ونتيجة لهذا الصراع تشير التقديرات إلى فرار ما بين 8-10 ملايين شخص من بنغلاديش لجوءا إلى الهند المجاورة.

 

وإلى جانب الحروب الثلاث واسعة النطاق، فإن اشتباكات حدودية مسلحة بين الشرطة والمتمردين في كشمير، تندلع بين الحين والآخر، علاوة على سباق التسلح النووي بين الجارتين، حيث أجرت الهند تجربتها النووية عام 1974، لترد عليها باكستان بالشروع في برنامجها النووي، الذي قال عنه رئيس وزراء باكستان، ذو الفقار علي بوتو: "إذا صنعت الهند القنبلة فسنأكل العشب أو أوراق النبات، وحتى نجوع، ولكن سنحصل على قنبلة خاصة بنا. ليس لدينا خيار آخر".

بدأ البلدان حوارا شاملا عام 2004 لإطلاق عملية سلام لتحقيق تقدم على عدد من الجبهات، وفي عام 2008، وبعد 4 سنوات، و8 جولات من المحادثات تقدمت الأمور إلى الأمام.

 

حادث مومباي

لكن مع بدء مهاجمة أماكن رئيسية في مدينة بومباي الهندية،تدمرت سنوات وعقود من المحاولات للتوصل إلى سلام بين الجارتين.

 

لنعود اليوم مع اعلان الهند اطلاق صاروخ ارض ارض عن طريق الخطأ لتوتر الاجواء مرة اخرى وفتح جراح الماضي التي لم تندمل بين عقود من التوتر والحروب وسباق التسلح

الجريدة الرسمية