رئيس التحرير
عصام كامل

الشيخ الشعراوى يشرح المقصود بقول المولى "لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب "

الشيخ محمد متولى
الشيخ محمد متولى الشعراوى


يقول رب العزة في الحدديث القدسى " إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ولو كان لابن آدم واد لأحب أن يكون إليه ثان، ولو كان له واديان لأحب أن يكون إليهما ثالث، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ثم يتوب الله على من تاب " فما المقصود بها الحديث ؟يجيب فضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوى فيقول: 


ما هو المال ؟ إن المال هو كل ما يتمول، إلا أننا نصرفه إلى شيء يمكن أن يأتى بكل متمول، وأسميناه بالنقد، وأصبحت له الغلبة، لأننا نشترى بالنقد كل شيء، لكن المعنى الأصلى للمال هو كل ما يتمول.


فكيف يجئ المال لك أو لى أو لأى انسان ؟أخرج أحد منا من بطن أمه وهو يملك شيئا ؟ الإجابة: لا، أن ما يملكه الإنسان يأتي إما من متحرك في الحياة قبلك، ان كان والدك أو جدك، أو من حركتك انت.

والمتسول هو الذى يتحرك في الحياة حركة قد تكون لنفسه، وإن اتسعت حركته فقد تكون لأبنائه، وإن اتسعت أكثر قد تكون لأحفاده.

جهد الإنسان 

والحق سبحانه وتعالى يفرق بين مال يكتسبه الإنسان بجهده وكده وتعبه ومال آخر يرثه الانسان.يقول الله تعالى في سورة التوبة: ( قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم ،وأزواجكم وعشيرتكم، وأموال اقترفتموها، وتجارة تخشون كسادها، ومساكن ترضوها، أحب إليكم من الله ورسوله، وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدى القوم الفاسقين )

فاقتراف المال هو أخذها بجهد ومشقة، وهو غير المال الموروث، وأما الممال الذى كسبه الانسان بعرقه فصاحبه أكثر حرصا عليه من المال الموروث.
والحق سبحانه يقول في سورة الكهف: ( المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا ).

زينة الحياة 

فهذه الأشياء زينة الحياة الدنيا، وعندما نتأمل الاية الكريمة في مجموعها نجد أن مفاتيح كل شخصية تريد ان تنحرف عن منهج الله تجذب الإنسان لينحرف عن مراد الله في منهجه، وانه سبحانه يطلب من عبده المؤمن ان يبني حركة حياته على مراد الله، فما الذى يجعل المؤمن ان ينصرف الى مراد يناقض منهج الله.

لاشك أنه الهوى الذى يميل ويزيغ القلوب، ولكل هوى مفتاحه، ولكل شخصية من المكلفين بمنهج الله مفتاحا لهواه، فواحد مفتاحه النساء، وواحد مفتاحه البنون يسرق أو يرتشى ليسعدهم، والثالث هواه المال، فهناك من يمتلكه حب المال حتى لو امتلك قنطارا يطمع في الزيادة.
فقال تعالى ( والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ) وهى تعنى الرغبة في المبالغة في الغنى.

الدنيا الفانية 

والإنسان بطبعه لا يحب القليل من النعم، بل يطلب الكثير لأن كثير من الناس ينسون الآخرة ويعتقدون أن الحياة الدنيا هي كل شيء فيسرفون على أنفسهم ويتبعون شهواتهم  يحاولون أخذ كل شيء من الدنيا سواء حلال أم حرام..


إن المتاع موقوت بالدنيا الفانية وينسى أنها سنوات معدودة وعمره موقوت في الدنيا.

حارس على المال 

وعلى الإنسان أن يعلم أن الناس تختلف في مسألة الرزق، والرزق هو ما ينتفع به وليس هو ما تحصل عليه فقد تربح مالا كثيرا ولا تنفقه ويكون رزقا لغيرك وانت حارس عليه حتى توصله الى غيرك.

الاسوة الحسنة 

إذن فالذى يحب ماله عليه أن يصحب معه هذا المال لمدة أطول وأن يتعدى به مجرد الوجود في الدنيا وأن يصل به إلى دار الخلود، ولنا في رسول الله الأسوة الحسنة حين جاءته شاة كهدية فقال للسيدة عائشة تصدقى بلحمها.

وكانت عائشة تعلم أن الرسول يحب لحم الكتف فتصدقت بلحم الشاة وأبقت كتفها، وعندما عاد رسول الله سألها ماذا فعلت في الشاة ؟ قالت تصدقت بها كلها وأبقيت كتفها، فقال عليه السلام، بل قولى أبقيتها كلها إلا كتفها.
هنا ما أبقته عائشة هو الذى سيفنى وما تصدقت به هو الباقى.فما عند الله خير وأبقى.
 

الجريدة الرسمية