رئيس التحرير
عصام كامل

خطايا الأحزاب الدينية.. صدرت قبل 10 سنوات بالمخالفة للدستور.. أفسدت الحياة السياسية.. و"ربيع": تكفر بمفهوم الدولة

الأحزاب الدينية في
الأحزاب الدينية في مصر
الأحزاب المصرية ذات المرجعية الدينية التي خرجت من رحم ثورة 25 يناير 2011 انتهت كما بدأت، ولم تضف شيئًا مذكورًا للمشهد السياسي، بل يمكن القول: إن ظهورها أفسد الحياة السياسية؛ لذا فإنَّ اختفاءها كان أمرًا محتومًا.


وللتاريخ.. فإنَّ معظم هذه الأحزاب تشكلت بموجب قانون الأحزاب، الذي تم تعديله في منتصف العام 2011، وأشهرها: الأصالة، والوطن، والفضيلة، والإصلاح والنهضة، والراية، ومصر القوية، والعمل الجديد، والوسط، والاستقلال، والثورة، والنور، والحضارة، والتوحيد العربي.




مخالفة الدستور

ورغم أن المادة الرابعة من قانون الأحزاب السياسية تنص على: "عدم تعارض أهداف الحزب أو برامجه، أو سياساته مع المبادئ الأساسية للدستور، أو مقتضيات حماية الأمن القومي المصري، أو الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الديمقراطي، وعدم قيام الحزب باختيار قياداته أو أعضائه على أساس ديني، أو طبقي، أو طائفي، وعدم انطواء وسائل الحزب على إقامة أي نوع من التشكيلات العسكرية أو شبه العسكرية.

وألا يكون الحزب فرعًا لحزب أو تنظيم سياسي أجنبي، إلا إن هذه الأحزاب انفجرت مرة واحدة داخل الحياة السياسية دون ضابط أو رابط، قبل أن يكتشف المصريون حقيقتها وجوهرها فانصرفوا عنها، حتى تلاشت وجودًا وتأثيرًا، وما بقى منها بقى خامل الذكر عديم الأثر.

وتزامنًا مع الذكرى العاشرة لثورة 25 يناير.. تعيد "فيتو" فتح ملف هذه الأحزاب؛ ليس بهدف اجترار الماضى، ولكن من أجل التأكيد على أن مثل هذه التجارب التي لفظها المصريون سريعًا خرجت وهى تحمل كل مقومات الفشل، لا سيما لم تكن تهدف إلى الإصلاح أو البناء أو التنمية أو الحرية أو العدالة، ولا حتى الأصالة، فلم تكن سوى أسماء جوفاء لا تعكس واقعًا أو حقيقة..

الأحزاب الدينية

كانت فكرة تحزب جماعات تيار الإسلام السياسي كما أطلق عليهم حينها، وليدة الثورة، التي أثبتت بالتجربة أن للسياسة أدوات أخرى، تبعد كل البعد عن الرجعية والتطرف، تأسست ما يقرب من 10 أحزاب، مارست "الحرية والعدالة، والنور والوسط، والبناء التنمية" عملا سياسيا سواء في الحكم أو تحت قبة البرلمان لمدة عام، وهو ما نال سخط واستهجان الشعب المصري، وترجمه بالخروج في 30 يونيو 2013 لإسقاط حكم الإخوان.

المادة 74 من الدستور أوضحت أن للمواطن حق تكوين الأحزاب السياسية، بإخطار ينظمه القانون لكنها أوردت حظرًا على أنه لا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب سياسية على أساس دينى.

وبالتالى أي حزب حالى ذات مرجعية دينية فهو حزب غير دستورى، كذلك منع الدستور أي حزب يقوم على أساس التفرقة في الجنس والأصل أو الأساس الطائفى والجغرافى أو ممارسة نشاط غير ديمقراطى أو سرى ذى طابع عسكري أو شبه عسكري، فالدستور صريح في تلك المادة، ولا يمكن قيام حزب بأساس دينى

أسباب الفشل

الدكتور عمرو هاشم ربيع، نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية،قال: إن هناك 6 أسباب وراء فشل الأحزاب الدينية التي أفرزتها ثورة يناير، وأبرزها حزب الحرية والعدالة الذي أسسه الإخوان.

،أولها اعتمادها على القوى الخارجية، وأقصد الولايات المتحدة الأمريكية على وجهة التحديد، حيث كان لديهم قدر كبير من الجراءة لتنفيذ تعليماتهم على الشعب وكافة المؤسسات، دون حوار.

وأضاف «هاشم» أنه من بين هذا الأسباب التي أدت للفشل ومن ثم السقوط، التلويح باستخدام القوة تارة وبقوة لشارع تارة أخرى، وكذلك النهم بالسلطة والرغبة في الاستحواذ على كل شيء وإقصاء الآخر بكافة الطرق، والتراجع عن الوعود التي كانت تقطع.

وكذلك غل يد القضاء والاعتماد على الحكم بالمراسيم والأوامر الرسمية، وهو ما حدث في الإعلان الدستوري المكمل الذي صدر في نوفمبر 2012 وتحصين قرارات الرئيس، وما تبعه من اضطرابات، مشيرا إلى أن تربص بعض القوى الداخلية التي كانت لها سلطة الإدارة ساهم في إفشالهم مثل أزمتي انقطاع الكهرباء، البنزين.

وعن باقي الأحزاب الدينية الأخرى، أوضح نائب رئيس مركز الأهرام، أن جميعهم كان منبهرا بتجربة حزب الإخوان، وتعاونوا معهم وسلكوا مسلكهم ولاسيما حزبي «النور والوسط» ولكن سرعان ما تراجعوا عن هذا المسلك وانسلخوا عنه.

أحزاب للنسيان

الدكتور سعد الدين إبراهيم، مدير مركز ابن خلدون للدراسات الانتمائية، قال: إنه من حيث المبدأ هو ضد الأحزاب القائمة على أساس ديني، ولكن إذا كان هناك رغبة لدى قطاع واسع من الشعب لتأسيس حزب سياسي على مرجعية دينية فلا تعارض، ولاسيما أنه في ألمانيا الحزب المسيحي، فبالرغم أنه ليس اختياري الشخصي.

ولكن لا أنكر على الآخرين اختياراتهم، ولكن العبرة في التجربة، وأن تتسامح هذه الأحزاب مع من يعارضها ولا تفرض وجهة نظرها، كما حدث في التجربة الديمقراطية الغربية التي تسبقنا بنحو قرنين من الزمان.

وأضاف «سعد الدين» لا أحد يتذكر من هذه الأحزاب سوى أربعة بالكثير، أبرزهم حزب الحرية والعدالة لأنه حكم يوما ما، وأحد أهم فشل هذه الأحزاب هو الاستعجال في الاستحواذ على كل السلطة، بعدما استطاعوا أن يسوقوا مظلومية تاريخية لدى الشعب على مدى عقود، وتعاطفت معهم كافة التيارات، ولكن ثورة يناير أظهرت «الطمع التاريخي أو الطمع السياسي» لدى الإخوان.

الكفر بالديمقراطية

مؤكدا أن أهم مقومات استمرار الأحزاب ونجاحها هو الإيمان بانتظام العملية الديمقراطية وحرية التنظيم وحرية الانتخابات، وهو ما حدث في دول غرب أوروبا، حيث في البداية عانت من المراهقة السياسية، ولكنهم وصلوا إلى مرحلة تهذيب الطموحات، واستطاعوا ان يستقروا فى أربعة أحزاب، وأشار إلى أن أحد أسباب فشل الأحزاب بشكل عام هو الادعاء أو ما يعرف بالأيديولوجية، لدى أصحاب المصالح.

وفي مصر ملاحظات كبيرة حول الخطاب الادعائي، مطالبا الفرقاء بالاحتشام الادعائي، الذي يراه أحد أهم أسباب نجاح الثورة التونسية.

مفهوم الدولة

الباحث في الإسلام السياسي، إبراهيم ربيع يقول:  فشل الأحزاب الدينية التي ظهرت عقب ثورة يناير، لأنهم فوجئوا بحجم الدولة المصرية ومضمونها الحضاري، وبحيشها الوطني، فهدفهم ليس ممارسة العمل السياسي.

وإنما جاءوا بتكليف من المستعمل الذي يمولهم، وتتنسق مع طموحاته في المنطقة العربية، ولإعادة رسم خريطة للمنطقة تخدم إسرائيل، وتخدم أيضا حلم الجماعة في استنساخ التجربة الإيرانية في مصر.

وأشار إلى أن أحد أسباب فشل حزب الإخوان «العدالة والتنمية» والأحزاب الظلامية الأخرى، المنبثقة منه في الأساس، أنه تنظيم وظيفي له مهمة بعينها، وليس لديه مشروعًا سياسيًا، وهذا ما أيقنه الشعب المصري جيدا، فكان أجهل بنقاط القوى والضعف لدى المصريين، أراد هدم دولة القانون، كفر بمفهوم الدولة والوطن، والجهل بأدوات إدارة الدولة، حاول إخضاع المواطن والمؤسسات إجبارًا لسلطة التنظيم.

فبدأ بتأسيس أخرى خرجت من جعبته، لتنفيذ سيناريو الجناح الشيعي، ويصبح المرشد العام هو من يتحكم في مقاليد الأمور، ويملي على المصريين من يحكمهم، وهذا ما هدمه زلزال 30 يونيو في دولة التأسيس، لافتا إلى أن الدول الممولة وعلى رأسها إنجلترا تحاول إنتاجهم من جديد في شكل حركات أخرى أو حتى ما تبقى منهم، ولكن الرهان الوحيد هو وجود جيش وطني، وراءه ظهير مدني قوي من القوى السياسية الوطنية.

نقلًا عن العدد الورقي...،
الجريدة الرسمية