رئيس التحرير
عصام كامل

محمد رضوان يكتب: خواطر قرآنية

محمد رضوان
محمد رضوان

عندما نقرأ كلام الله عز وجل ونحاول أن نتدبر إشاراته ومعانيه - وهو ما نحن مطالبين به في الأساس - فإننا نقف مذهولون مما تتضمنه الآيات القرآنية من معجزاتٍ بيّناتٍ تتحدى العقول البشرية في جميع الحقب والأزمان.

والذي نحن بصدده هنا، هو جانبٌ واحدٌ من جوانب عديدة للإعجاز القرآني، ألا وهو جانب العلم الحيوي. والعلم .. أي علم، يقوم في الأساس على ثلاثة محاور قد يختلف ترتيبهم حسب الموضوع ولكن لا يتغيروا، وهم المشاهدة والتجربة والقياس، ثم تأتي بعد ذلك النظرية العلمية المثبتة.

ومن تلك النظريات المثبتة والمعروفة منذ أكثر من مائة وخمسين سنة، نظرية تحلل عناصر الكائن الحي والجسم البشري على وجه الخصوص. حيث تقول النظرية أن الجسم البشري عندما يموت ويدفن أو يحرق فإن عناصره من معادن وأملاح وماء لا تفنى ولكن تتحول إلى أشكال أخرى تذهب إلى التربة أو الهواء فتختلط بها وتصبح من ضمن مكوناتها. وحينما تنمو شجرة على سبيل المثال في تلك التربة، فإنها تتغذى من العناصر الموجودة في تلك الأرض والتي منها عناصر الأجسام المتحللة، فتصبح تلك العناصر من مكونات الشجرة نفسها، وبالتالي تذهب نسبة منها إلى ثمارها، وعندما يأكل شخص أو حيوان ثمرة من تلك الشجرة، يصبح جسمه هو الآخر يحتوي على نسبة من عناصر الجسم المتحلل الأول .. وهكذا تتفرق جميع عناصر الكائنات الحية وتتوغل في جميع الأرض، وأيضاً في أجسام باقي الكائنات الحية على مر العصور.

وبناءً على تلك النظرية قال بعض فلاسفة الوجودية مثل (هيدجر) و(سارتر) وبعض المستشرقون مثل (جيوم) و(نولدكه). قالوا إن عقيدة البعث والنشور التي يؤمن بها المسلمون هي ببساطة عقيدة خيالية ومستحيلة، حيث أثبت العلم أن الأجسام البشرية عنما تموت وتتحلل فإنها تتفرق على جميع من في الأرض، وهو قول صحيح علمياً.

ثم تأتي المفاجئة المذهلة والرد العلمي المنطقي من كتاب الله عز وجل ليثبت لهم أنه كلام الخالق الحق، والذي يعلم بإنهم سيقولون هذا. فنجد الله سبحانه وتعالى يقول في سورة (ق) الآيتين 3 و4 ( أئذا متنا وكنا تراباً ذلك رجعٌ بعيد * قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ ).

ففي آيات أخرى يقول الكافرون ( أئذا كنا عظاماً ورفاتاً ) الإسراء 49، ولكن في آية (ق) يقولون ( وكنا تراباً ) للدلالة على تحلل الجسم بالكامل وامتزاج عناصره بالتربة، ويستبعدون رجعته ثانيةً لما فيها من استحالة كما في نظرية تحلل العناصر، فيأتي الرد من الله سبحانه بإن الذي خلق الأرض والعناصر وبث فيهم طبيعتهم قادر على أن يعلم كل تلك النسب المتداخلة بل وهي محفوظة أيضاً في كتاب عند الله تعالى.

(ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) الملك 14.

(قل يحيها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم) يس 79.

الجريدة الرسمية