رئيس التحرير
عصام كامل

القمامة بين توفير المليارات ونشر الأمراض

صارت قضية معالجة وتدوير القمامة في مصر من القضايا الكبرى والشائكة في الوقت الحالي، والتي تحتاج إلى تسليط الضوء عليها؛ لما لها من خطورة بالغة على صحة المواطنين وأمن البلد كله، كما أن تلك القمامة تعد من الثروات الظاهرة لو أحسن استغلالها..

 

فيوجد في مصر نحو 66 مصنعا، منها 10 مصانع رسمية، تختص بتدوير المخلفات الإلكترونية والكهربائية وبطاريات الرصاص. ومتوسط حجم قمامة مصر السنوية يزيد على 90 مليون طن، فحجم القمامة اليومية في مصر يزيد على 50 ألف طن منها 15 ألف طن في محافظة القاهرة وحدها و6 آلاف طن بالإسكندرية.

 

وتصل حجم المخلفات العضوية نحو 60% من إجمالي المخلفات بشكل عام. ويبلغ نصيب كل أسرة مكونة من 5 أفراد نحو طن من المخلفات، بجميع أنواعها خلال العام الواحد.

 

اقرأ أيضا: الدعم النقدي المشروط

 

 وتدوير القمامة يعني باختصار مصنع يعالج القمامة والنفايات بعد جمعها، وتجفيف النفايات الصلبة، وفصل المواد القابلة للاحتراق عن المواد غير القابلة للاحتراق، وتحويلها لمنتجات جديدة، لها فوائد بيئية واقتصادية.

 

وقد بدأت فكرة التدوير أثناء الحرب العالمية الأولى والثانية، حيث كانت الدول تعاني النقص الشديد في بعض المواد الأساسية مثل المطاط، مما دفعها إلى تجميع تلك المواد من المخلفات لإعادة استخدامها، وبعد سنوات أصبحت عملية التدوير من أهم أساليب إدارة التخلص من المخلفات.

 

اقرأ أيضا: أفلحت الحكومة إن صدقت!

 

ومنذ عدة سنوات كانت تقوم عن طريق منتجي مواد المخلفات (الخردة) من جمعها وتنظيفها وإعادة استخدامها، ولكن مع بداية التسعينيات بدأ التركيز على تصنيع مواد المخلفات لإنتاج منتجات أخرى تعتمد على نفس المادة الخام مثل: تدوير (الزجاج، والورق، والبلاستيك، والألمنيوم) وغيرها، إلى أن أنشأ بعض رجال الأعمال مصانع متخصصة لتدوير المخلفات.

 

والهدف من عملية تدوير القمامة التقليل من تراكم النفايات والآثار الضارة التي تسببها واستخدامها في الصناعات والمنتجات المختلفة كمادة خام. وتقليل التلوث والاحتباس الحراري، وتحقيق التنمية المستدامة، وتخفيض النفقات الاقتصادية ومساعدة الدول على مواجهة التحديات المتعلقة بارتفاع أسعار المواد الخام، وتقليل الاعتماد على استيراد المواد الخام، وتخفيض تكلفة الإنتاج، وتوفير فرص العمل.

 

 فالموضوع إذا يحتاج أن تكون الدولة على دراية كاملة بتلك المخلفات، وأن تقوم أو تشرف بذاتها على عملية التدوير؛ لأن الخطورة الحقيقة في قيام مصانع عشوائية لتدوير القمامة ينتج عنها منتجات قاتلة وتلوث ضخم للبيئة المحيطة بالمصانع، وللأسف معظم البؤر التي تقوم بالتدوير هي بؤر عشوائية مثل قرية "العكرشة" التي توجد على أطراف محافظة القليوبية..

 

اقرأ أيضا: لغز أول علبة تونة مصرية

 

وبها نحو 250 فدانا لإعادة تدوير كل المخلفات الخطرة وغير الخطرة، وأصبحت منذ عشرات السنين مرتعا لأصحاب المصانع العشوائية، وبؤرة المنتجات التى تحمل السرطان إلى مصر.

 

 وتعد القمامة المصرية من أغنى أنواع القمامة العالمية بشهادة العديد من الجهات العالمية حيث إنها مليئة بالمواد العضوية بسبب إلقاء المصريين ما يزيد على 30% من بقايا الغذاء في صناديق القمامة؛ مما سيساهم في إنتاج 14 مليون طن من الأسمدة العضوية عام 2016 الكافية لزراعة 2 مليون فدان جديد.

 

وتساهم القمامة في إنتاج 3 ملايين طن ورق وإنتاج أعلاف الماشية التي تأتي من الخارج وتضرب مباشرة أسعار اللحوم في مصر، والمخلفات العضوية والصلبة يمكن استخدامها في تصنيع البلاستيك في مصر وكافة استخدام البلاستيك في التصنيع والمدخلات العملية الإنتاجية، وفي تصنيع الأجهزة الكهربائية والإلكترونية بالشركات العالمية العاملة في مصر والشركات المحلية.

 

اقرأ أيضا: احذر النشالين.. وماكينات الصراف الآلى!

 

والاستثمار في تدوير القمامة يخفض المبالغ التي تتحملها الدولة لعلاج الفئات غير القادرة والتي تصل إلى ما يزيد على 900 مليون جنيه من جراء انتشار الأمراض الوبائية في مصر، علاوة على الملايين التي تنفق على شركات القمامة سنويًا دون أي تحسن في الخدمة المقدمة للمواطن المصري وأكثر من 25 مليار جنيه كلفة التدهور البيئي السنوي في مصر.

 

 ويسمح تدوير القمامة بتوفير نحو 250 ألف فرصة عمل سنويًا، مشيرًا إلى أن قيمة الطن تصل إلى 6 آلاف جنيه في حالة الاستفادة منه في عمليات التدوير أو تصديره للخارج. وكانت الصين قد قيمت قيمة القمامة المصرية بـ 5 مليار دولار أي نحو 45 مليار جنيه سنويًّا كانت من الممكن أن تدخل خزانة الدولة مباشرة ما يزيد على 100 مليار جنيه في عامين لتحل بها مشكلة الإسكان والعشوائيات الخطيرة.

 

والملاحظ أن النباشين ينتشلون أفضل ما في القمامة من مخلفات ورقية وزجاج وأخشاب وعلب الكنز وبلاستيك ويترك المخلفات عديمة القيمة مما يصعب من استغلال المخلفات المصرية في عملية تدوير القمامة والصناعات المرتبطة بها، حيث يوفر طن القمامة 8 فرص عمل مباشرة في عمليات الفرز والتجميع والتصنيع.

الجريدة الرسمية