رئيس التحرير
عصام كامل

دكتور أبو الفتوح صبري يكتب : المرأة والرجولة

د. أبو الفتوح صبري
د. أبو الفتوح صبري

أصبح من المعروف أن هناك فرقًا بين الذكورة والرجولة، فليس كل ذكر رجل، وربما تجد في النساء من تحمل صفات الرجولة، من الثقة بالنفس وبقدراتها العقليّة، ومن الفهم للحياة، وقوة الشخصية ومضاء العزيمة فيما تحبّ وترغب وتراه صحيحاً، والإخلاص في العمل وعدم الخجل من طلب النصيحة من غيرها فهذا لا يقلل من الثقة بالنفس، وتقدير الآخرين واحترام الكبار والصغار والأصدقاء، والسيطرة على النفس في الخلافات والأوقات الصعبة، وهذه بعض الصفات الرجولية، فكما يتمايز الرجل بهذه الصفات تتمايز النساء بها أيضًا..

ولقد صادفت من النساء الكثيرات التي فيها تجتمع بعض معاني الرجولة، فتستطيع أن تثق بها وتستطيع أن تعتمد عليها، وتجبرك على احترامها وتقديرها، ومن هؤلاء ملحق مصر الثقافي بكازاخستان، والتي حقا أرى فيها الكثير من هذه صفات الرجولة، كما أنها إدارية حديدية فذة، فلديها من الذكاء الإداري والقدرة على التخطيط الاستراتيجي القصير والبعيد ووضع خطط للتنفيذ والمتابعة، وتغيير آليات التنفيذ وتنوعيها وتجديدها، وفق الأهداف المحددة ما يبهر أي متابع لها، ولقد كنت قريباً لفترة طويلة من مركز مصر للعلاقات التعليمية والثقافية، متابعًا ومشاركًا ومنظمًا، ورغم من أن المركز كان يؤدي بصورة جيدة، غير أن الرئيسة الجديدة أحدثت في فترة زمنية قليلة ما لم ينجزه غيرها في فترات مضاعفة، فهي تمتلك كاريزما خاصة استطاعت بها أن تفتح باب أي مسئول مغلق، وأن تُوجد من خطط وآليات التواصل معه ما يجذب أية مؤسسة للمركز.

لقد استطاعت في فترة وجيزة البرهنة علي أنها ليست نمطية في تفكيرها، وليست نمطية في أدائها، فرغم عدم إجادتها للغة الروسية وهي اللغة المستخدمة في كازاخستان، غير أنه استطاعت أن تكوّن فريق عمل مميزا يكون أداة الربط لحل هذه المشكلة فضلاً عن إجادتها اللغة الإنجليزية، وقد حرصت حرصًا شديد على الحفاظ علي وضعها الدبلوماسي والبرتوكولي؛ لأنها تمثل مصر، فهي تري أن مصر أولاً، وأن الأمر ليس شخصيًا، بل هو احترام واجب لبلد كبير تمثله لا يمكن أن تتنازل عنه، ولقد شاهدت بنفسي عددًا من الأحداث التي تراعي فيه هذا الأمر، فترفض الجلوس في الصف الثاني إذا كان هناك ممثلون لدول أخري يجلسون في الصف الأول من مستواها أو من مستوى أدنى منها، وترفض حضور فاعلية إذا لم تكن هناك دعوة رسمية مسبقة بوقت كافٍ.

لقد صنعت نوعًا من الحراك الثقافي المشهود له في الساحة القازاقية، فتواصلت مع جميع المؤسسات الكبيرة منها والصغيرة، التعليمية منها والعلمية، الثقافية منها الدبلوماسية، الجامعات والمعاهد والأكاديميات والمراكز والسفارات والمكتبات والمسارح والسفارات العربية، وكونت علاقات ثقافية مع البعثات الدبلوماسية الأجنبية منها والعربية، ووقعت عشرات مذكرات التفاهم والبروتوكولات، وربطت بين الهيئات الثقافية والتعليمية والسياحية والإعلامية القازاقية والمماثلة في مصر. 

أما دورها في متابعة البعثة التعليمة المصرية (طلاب وموفدين) بصفة خاصة لا ينكره أحد، وقد سعت لحل مشكلات الطلاب في الجامعات ومنها تغيير الأقسام، فضلا عن متابعتها الحالة التعلية للطلاب ومستواها وسلوكهم داخل الجامعة.

والحقيقة أن هذا النوع من النساء مع كونه نادرا غير أنه موجود، فهناك سيدة قازاقية أخرى، وهي تعمل نائب لعميد كلية الدراسات الشرقية، فلم أجد شخصا به من الإيجابية الحياتية والنشاط والاحترافية المهنية، ورغم مشغوليتها العظيمة تجدها على  المستوى الإنساني مميزة جدًا تناولا للموضوعات، والدقة في التفاصيل، إنها تستطيع بعد دقائق بسيطة من الكلام معها أن تعطيك شحنة إيجابية رائعة وأن تبدد أية شحنة سلبية لديك.

وكما أن بعض النساء فيهما من صفات الرجال من الحكمة  والرأي الحسن والعقل السديد فإن بعض الرجال فيه من صفات النساء أو لنقل الصفات التي تغلب على النساء مما يرفضه الدين أو العرف أو مستهجنة اجتماعيًا، ومنها إنكار الجميل (ما رأيت منك خير قط) ومثل الفحش في الخصومة، بتصرفات منافية للأخلاق، ومثل كثرة الكلام وتكراره ونقله مع ما فيه من الكذب، وتصوير ذلك كله على أنه حقيقة، ومن المؤسف أن يصدر هذا عن بعض رجالات التعليم والذي من المفترض فيهم أن يكونوا عكس ذلك، وأن يكونوا مثالا للشرف والأخلاق الحسنة، فتجد من تصاحبه وتهتم به وبشئونه على مدار سنوات طويلة، وتسمع منه وتنصح له، وتدعوه للتغيير، وتذب عنه، وتحاجي عليه، وفجأة يتغير عليك، وينقل عنك كذبا، ويسفه رأيك سرا، وإن بقي على ما هو عليه من المودة ظاهرًا، والغريب أنه يعرف أني أعرف أفعاله، وأني أخجل لسنه أن أصارحه، وإن كنت ألمح له أن هذا لا يصح، لكن هو لا يخجل من الاستمرار فيما هو عليه.

 

د. أبو الفتوح صبري

موفد الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية- وزارة الخارجية المصرية إلى جامعة "كازنو"- كازاخستان.

الجريدة الرسمية