رئيس التحرير
عصام كامل

نانسي وحمزة وحرب "الميديا"

 شاعت في السنوات الأخيرة حروب حديثة بعيدة عن الأسلحة التقليدية، ومع إطلاق الأميركية كوندليزا رايس مشروع "الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط الجديد"، اتخذت الحرب أشكالا عدة، كان أبرزها الإعلام وبث الشائعات ثم استخدام مدروس لمنصات التواصل الاجتماعي لتحقيق أهداف بعينها.

انتشار "السوشيال ميديا" وتأثيرها الفائق، وعدم قدرة الدول على كبحها، جعل مستخدمها يطوعها لتحقيق مآربه أيا كانت خيرا أو شرا.

انفجرت في المغرب قضية حسابات "حمزة مون بيبي"، التي سببت مشكلات عدة لمشاهير وشخصيات نافذة، ومع تعدد البلاغات تعقب الأمن الحسابات وألقى القبض على بعض المتورطين، فيما هربت فئة أخرى إلى الخارج، وبعد التحقيق اعترف بعض المتهمين على المطربة دنيا بطمة وشقيقتها إبتسام ومصممة أزياء مغربية مقيمة في الإمارات.

اقرأ أيضا

"اخرسى يا شيرين".. تعلموا من الرياض

اهتم الإعلام بالقضية مع خضوع دنيا بطمة وشقيقتها للتحقيق، وقرار المحكمة منعهما من السفر وسحب جوازي سفريهما، وإخلاء سبيلهما بكفالة 800 ألف درهم مغربي، حتى محاكمتهما الشهر المقبل. وعلى الفور تقدمت مذيعةmbc السابقة مريم سعيد ضدهما ببلاغ، لأنهما تسببا في إنهاء خدماتها من القناة، وانفصالها عن زوجها وإلغاء حفل زفافها قبل إقامته بيومين.

الشبكة التي تدير حسابات "حمزة مون بيبي" كانت تتفق مع أصحاب الملاهي الليلية وأماكن السهر والحفلات الخاصة، لتصوير المشاهير في أوضاع غير لائقة وتسجيل أحاديثهم الخاصة، ثم ابتزازهم بها، ومن يرفض الدفع يتم التشهير به وفضحه بنشر الصور والفيديوهات في "حمزة مون بيبي"، ولأن مريم سعيد لم تستجب للابتزاز نشروا ما لديهم فأنهت mbc خدماتها وطلقها زوجها قبل الزفاف.

اقرأ أيضا: جهلاء الفن أخذونا إلى الحضيض

 حرب الميديا المدمرة زادت وضوحا في قضية تسلل لص إلى فيلا الفنانة اللبنانية نانسي عجرم، انتهت بمقتله على يد زوجها د.فادي الهاشم، وقبل انتهاء التحقيق بدأ سيل التحليل والتأويل والخوض في الأعراض في "السوشيال ميديا"، والغريب أن بعض المشاهير السوريين اعترض على إعلان جنسية اللص أو السارق داعيا إلى نشر اسمه فقط دون جنسيته ومنهم كندة علوش وشكران مرتجى. وبينما تدافع نجوم لبنان لتأييد نانسي وزوجها، التزمت عجرم الصمت إلا من كلمة مقتضبة وتغريدة وأنها تحتكم للقضاء، تاركة مهمة التصريح للمحامي، خشية التأثير على سير القضية. 

 صمت نانسي وزوجها أتاح الفرصة للابتزاز وبدأ سيل الشائعات والأخبار الكاذبة بترويج أن التحقيق أثبت أن فادي الهاشم قام بتزوير مقطع الفيديو، فقبض عليه ثانية بتهمة التلاعب، فاستضافت قناة mtv اللبنانية، باتريك عودة مدير قسم كاميرات المراقبة بشركة سامسونغ في لبنان، لإيضاح سبب تغيير لون ملابس القتيل من عند دخوله الفيلا وبعد مقتله، وكذلك الوقت المحذوف من تسجيل الكاميرا، فقال "إن كاميرات المنازل تصور بالأشعة تحت الحمراء، وتعمل بانعكاس الضوء من الشخص نفسه إليها، لهذا كل شيء به لمعة يتغير لونه إلى الأبيض، وأجرى تجربة عملية على ملابس سوداء بها لمعة فظهرت بيضاء".

أما التوقيت غير المتسلسل في كاميرا منزل نانسي، فقال باتريك إن التوقيت يسرع مع وجود حركة، وهذا ما حدث في الفيديو الذي رصد الحادث، فوجود حركة أسرع التوقيت، نافيا إمكانية حذف أي جزء من تسجيل كاميرا المنزل".

واقرأ أيضا: انتهى وقت «إغواء النساء»

وكشف الإعلامي سعيد حريري القريب من عجرم، نقلا عن مصدر قضائي معني بالتحقيق في القضية، أن جميع كاميرات المراقبة في الفيلا تم تسليمها إلى النيابة، وتبين أن كل ما نشر من فيديوهات ومقاطع حتى الآن صحيحة وليس فيها تلاعب. كما نشر مقطع فيديو عن طريقة إطلاق الرصاص من نوعية مسدس زوج نانسي، الذي يطلق مجموعة رصاصات مع كل ضغطة واحدة، ما جعل فادي يطلق هذا الكم من الرصاص على القتيل، والمسدس من نوع Glock 17.

 

أما القول الفصل في حرب "الميديا"، فجاء في برنامج الإعلامي طوني خليفة عبر تلفزيون "الجديد"، إذ استضاف ذوي القتيل محمد الموسى، ونجح في كشف كثير من الحقائق، فقد بدا أهل القتيل مرتبكين وتبدلت الأقوال وتكشفت أكاذيب عدة.

 

خلال الحلقة قالت زوجة الضحية، إن "قتل زوجها بـ 18 رصاصة على يد فادي الهاشم غير منطقي، وحتى لو سرقها شو كان بدو ينقص عليها؟"، مبينة أنها لن تتسلم جثمان زوجها إلى حين القبض على فادي الهاشم وزوجته نانسي ومعاقبتهما على الجريمة.

 

واقرأ أيضا: استفادة إيران من اغتيال سليماني

 

أما والد القتيل، فقال إنه لم يقتنع بتقرير الطب الشرعي، وحين عرض عليه طوني خليفة صورة انتشرت في "السوشيال ميديا" لشاب يتوسط نانسي وزوجها، وتردد أنها للقتيل، بينما هي لإيلي أبو نجم، المسؤول الإعلامي لمكتب نانسي، رد الأب: "فيها ملامح كتير من ابني، بس ما بقدر أكد لك، مشان ما أظلم حدا، شكل وجو شي 70 بالمية تقريبا الشبه"... فاستغرب طوني رد الأب، فسأله قاصدا إحراجه: هل يعقل ألا تتعرف على ابنك عندما تشاهده في الصورة؟!، وسأله أيضا: من أين لكم تكاليف فريق المحامين وأنتم أسرة فقيرة وما عندكم مصاري كما تقولون؟ ليرد الأب: "هني قالوا سيأخذون بين 10 و15 بالمية!!"، ليكرر طوني السؤال: "هذه النسبة التي سيأخذونها من شو؟!.. فالتزم الأب الصمت!!".

وعن سبب وجود ابنه في منزل الفنانة نانسي عند الساعة الثانية صباحا، قال والد محمد إن ابنه يعمل لدى نانسي منذ 5 أشهر، وكان لديه مستحقات مالية لدى نانسي وزوجها، كان يريد تحصيلها منهما!

ووسط هذا اللغط، جرى تداول مقطع فيديو لرجل سوري، يهدد نانسي، وزوجها بالقتل، انتقاما لمقتل الموسى، قائلا: "نانسي هلأ إنتي اخترتي أكثر 3 ضيعات دماغهم ناشف بسورية، التار عندهم ما بيروح وما بيطول، وإذا زوجك عم يفتكر إنه قتل حشرة سورية، فهيدا الحشرة راح ينتقم إما بقتل فادي وإحدى بناتك أو بقتلك إنتي شخصيا". ابتزاز وحرب "الميديا" يجب أن تجد لها الحكومات حلا، وأن تشرع قوانين رادعة لكل من يسيء استخدامها لغير ما انشئت من أجله.

الجريدة الرسمية